حمد بن عبدالله القاضي
من تسكن الأصالة ذواتهم والوفاء دواخلهم لا يتغيَّرون أبداً.
هو أحد أصدقاء العمر أ. محمد رضا نصراللَّه كما نخلة «قطيفية» أصالة وعطاء.
منذ عرفته حين كنَّا زميلين محررين مبتدئين بالرياض الصحيفة وحتى تفرقت بنا سُبُل الحياة أجساداً لا قلوباً هو الإنسان الودود الذي لم يتغير المثقف الشغوف بالقراءة
* * * *
كاتب قدير وقارئ نهم ومحاور متمكن.
ولست أنا وحدي الذي يشهد له بذلك بل قٌرَّاؤه ومشاهدوه ومحبوه.
هو كاتب امتاز بعمق الطرح والاحتفاء بالمضمون أكان ثقافياً أو اجتماعياً أو سياسياً
يزِّف عطاءاته بأسلوب عذب يجذبك إلى طرحه.. تعاضده ثقافة شاملة بوصفه عاشقا للكتاب لم يفارقه أو يفترق عنه بكافة أحواله ومواقعه.. بإقامته وأسفاره كان هو «السِّفر» والتوأم له.
* * * *
أما محمد الإعلامي بصفته محاورا فقد استطاع لتنوع ثقافته وعلاقاته أن يحاور مختلف الأطياف وبخاصة المثقفون والأدباء والشعراء فهو «شاهد عصر» حاورهم عبر فضاءات عطاءاتهم وحاكمهم أحياناً بطروحاتهم، وبلور سيرهم أمام مريديهم.
وقد عضده فيما حقَّقه بحواراته علاقاته الواسعة منذ بواكير حياته بالرموز حين التقى بأول رحلة له لمصر بعدد كبير من مثقفيها وحاور أبرز قامات الثقافة فيها: نجيب محفوظ.. توفيق الحكيم وغيرهم ونشرها عبر لقاءات صحفية بصحيفة الرياض.. ومن هذه «العلاقة» التي اتسعت مداراتها انطلق فيما بعد بلقاءاته التلفازية مع النخب الثقافية على المستوى المحلي والعربي.
* * * *
أ. محمد يسكنه وطنه بكافة أطيافه وبخاصة جانب الوطن الثقافي فقد كان المهموم بهذه الضفاف كثيرا من منطلق أن هذا الوطن هو منبع الثقافة والأدب والشعر والتراث العربي والإسلامي.
* * * *
لم تقتصر عنايته بثقافة الوطن عبر قلمه فقد انطلق منذ بدايات اهتمامه الثقافي بتواصله مع مسؤوليه لجعل »الثقافة» مكونا من مكونات نمائه
وحين أعلنت خطط التنمية الأولى كان له تواصل واجتماعات مع معالي أ. هشام ناظر وزير التخطيط -رحمه الله - وقتها لكي تحظى الثقافة بمكان يليق بها ببنود الخطة التنموية.
* * * *
وواصل جهوده مع مثقفي وطنه بمقترحات قيام كيان ثقافي فكانت وزارة الثقافة مع الإعلام ثم أضحت وزارة للثقافة.. وقد رافقتها هيئات ومؤسسات انطلاقا من رؤية المملكة وينتظر الكثيرون منها الكثير لمشهدنا الثقافي والفني كما هو حلم وأمل مثقفي الوطن وبمقدمتهم الأديب أ. محمد رضا نصرالله.
* * * *
من المحطات التي جمعتني به بزمالة عمل حين انضم إلى مجلس الشورى فتزاملنا تحت قبته ورأيت أن الهم الثقافي هو أحد أهم منطلقاته بمداخلاته وتوصياته إيماناً منه بدور الثقافة ورسالتها الوطنية وقد تحقق بعض ما كان يأمله للثقافة بالمجلس عبر بعض القرارات والتشريعات.
* * * *
أختتم سطوري عنه بما بدأت به ألا وهو «صفة الوفاء» فقد ظلَّ متواصلا مع أصدقائه وظلَّ كما عرفته وفيَّاً لرجال وطنه أحياء وأمواتا ك د. عبدالعزيز الخويطر، ود. غازي القصيبي رحمهما الله وغيرهم.
* * * *
أدعو أخيراً إلى ما سبق أن فاتحته به وأعتقد غيري فاتحوه أيضا، ألا وهو ألا تبقى عطاءاته الكتابية وحواراته الثقافية بين أيدي الزمن فتضيع بين الأيام بدلاً من أن تضوع عبر كتب يجمع شتاتها وصفحاتها فتبقى ب للقراء والأجيال فالكتاب هو الذي يحفظ العطاء وليس صفحات الصحف والشاشات، فهذه أدوات نشر تنتشر بوقتها لكن استمرار عبقها وأثرها يكون عبر الكتاب الأبقى.
دعواتي لصديقنا المثقَّف الوطني بحياة ثرية بالعطاء والعافية والهناء.