إن حديثنا عن بوابة الدرعية ليس حديثاً عابراً بل هو تاريخ مجد وبطولة قادها أئمة آل سعود الكرام وبرجالها وفرسانها الصادقين حتى أصبحت مدينة الدرعية حديث نجد والجزيرة العربية على مدار ثلاثة قرون مضت على يد مؤسسها الأول للدولة السعودية الأولى بقيادة أميرها وإمامها محمد بن سعود -رحمه الله- ومن بعده أبنائه وأحفاده البررة -رحمهم الله- الذين عاشوا بمدينة الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى والتي يعود تاريخها للقرن التاسع الهجري، حيث كانت عامرة بقصورها وبيوتها في قلب نجد على وادي حنيفة حتى أصبحت الدرعية منارة لطلاب العلم من نجد والجزيرة العربية وخارجها، ولِمَ لا وفيها كثير من العلماء وطلاب العلم وفيها مكتبتها العامرة، وهي أشبه بالجامعة لطلاب العلم ولما تحتويه من الوثائق والمخطوطات وأمهات الكتب النفيسة والنادرة، وقد لا يعلم الكثير منا بأن الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- (1125هـ) له دور كبير وعظيم في تكوين هذا الصرح الكبير لما حباه الله من صفات العلم والتقوى والصلاح والبصيرة والحكمة والكرم، ومن ثم جاء بعده ابنه الإمام عبدالعزيز الحافظ للقرآن الكريم وصحيح البخاري ومسلم، وهو مرجع لكثير من المسائل الفقهية لاسيما دروسه في علم الفقه مع كثير من علماء عصره حيث كان حجة في علم الفقه، ومن بعده أبناؤه وأحفاده.
إذن نقول وللتاريخ إنه لم تقم مدينة الدرعية وأئمتها آل سعود ورجالها وعلماؤها على القتل والسلب والنهب، وما يصوره ويقوله لنا بعض المستشرقين في وثائقهم وكتبهم ورحلاتهم المغالطة والكاذبة والمخالفة للحقيقة، وإنما قامت على العدل والمحبة ونشر الدعوة الصحيحة على أسس دينية سليمة ومنهج قويم، حيث عاشت لأكثر من مائة عام (الدولة السعودية الأولى) بأئمتها ورجالها وعلمائها -رحمهم الله- حيث وصل صداها لكثير من بلدان المعمورة، وهي صفحة ذهبية لتاريخ نجد والجزيرة العربية إلى أن قدم الطاغية الهالك إبراهيم بك باشا إلى مدينة الدرعية وأمر جيشه بهدم وحرق الدرعية وقتل أمرائها وعلمائها وشيوخها، وشرَّد نساءها وأطفالها وسرق مالها وكنوزها ونهب وثائقها ومخطوطاتها وكتبها النادرة والنفيسة حتى أصحبت مدينة الدرعية بين عشية وضحاها أطلالاً، وذلك في (سبتمبر 1818م)، وبقيت مدينة الدرعية بعد الدمار شامخة بتاريخها الذهبي ورجالها الأبرار وبقيت للتاريخ شاهد عيان على ما فعل بها الطاغية الهالك إبراهيم باشا وجيوشه المرتزقة.
من هنا نقول إن بوابة الدرعية وإعادة إعمارها على طرازها التاريخي التراثي النجدي القديم ما هو إلا تجسيد لتاريخ حقبة زمنية ذهبية لتكون منارة لجيلنا الحاضر.
ومن هنا لا ننسى موافقة ودور منظمة الأمم المتحدة للتراث والثقافة (2010م) لتكون مدينة الدرعية القديمة جزءًا لا يتجزأ من التراث العالمي عندما أمر الملك سلمان بإعادة بناء الدرعية القديمة (2017م) على طرازها التاريخي القديم لأجيالنا والأجيال القادمة، فالملك سلمان -أيده الله بنصره- صاحب الفكر والثقافة والمرجع الأساسي لتاريخ أئمة آل سعود الكرام، حيث كان شغله الشاغل تاريخ الدرعية منذ أكثر من أربعة عقود، وتحقق له ذلك بإعادة بناء مجد آبائه وأجداده كصرح تاريخي وصفحة ذهبية لتاريخ آل سعود ونجد والجزيرة العربية.
واليوم نرى الدرعية بثوبها التاريخي التراثي وبوابتها الجديدة، بأن أصبحت مدينة سياحية منفردة بتاريخها الشامخ وأمام كل زائر لهذا المجد التاريخي لأكثر من ثلاثة قرون مضت بصفحاتها الذهبية والدور الكبير الذي قام به أئمتها ورجالها وعلماؤها الذين نشروا العدل والأمن في ربوع الجزيرة العربية ومن بعدهم أحفادهم الأبرار.
واليوم نعيش بالأمن والأمان في هذا الصرح الكبير (المملكة العربية السعودية) على يد مؤسسها وبانيها الإمام الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- ومن بعده أبنائه الملوك البررة.. وبالله التوفيق.