د عبدالله بن أحمد الفيفي
- «السَّيفُ أَصْدَقُ أَنْباءً مِنَ الكُـتُبِ
في حَدِّهِ الحَدُّ بَـيْنَ الجِـدِّ واللَّعِبِ»
- السَّيْفُ أَمْلَحُ، مُذْ لاحَ الكِتابُ دَمًا
يُرْوِيْ انكِسارَ الثَّرَى مِنْ بَرْقِهِ العَرَبِـي
يا مَـنْـطِقَ البِيْدِ، كَمْ بادَتْ نَـوافِذُنا
نَحْوَ الحَضارَةِ مِنْ مَنْطُوْقِ كُلِّ غَـبِـي
تَأْبَـى حَـماسَتُنا تُـسْمَى: حَماقَـتَنا
لَوْ دارَ في الصِّدْقِ ما يَنْـبُوْ عَنِ الكَذِبِ
السَّـيْـفُ لا يَـبْـتَنِيْ لِلحَقِّ عاصِمَةً
في الخافِقَـيْنِ ولا يَجْنِيْ ذُرَى? الشُّهُبِ
كَمْ مَرَّ (جِنْكِيْزُهُ)، (هُوْلاكُهُ)، سَفَهًا،
مَـرَّ اللِّـئامِ ، وإِنْ في جَحْفَلٍ لَجِبِ
إِنَّ السُّـيُـوْفَ بَيـَانُ الجاهِلِـيِّ، بِلا
عَقْلٍ، وسَيْفُ النُّهَى? مِنْ مَعْدِنِ الكُتُبِ!
* * *
- «بِيْضُ الصَّفائِحِ لا سُودُ الصَّحائِفِ في
مُـتُوْنِـهِـنَّ جَـلاءُ الشَّـكِّ والرِّيـَبِ»
- سُوْدُ الصَّحائِفِ لا بِيْضُ الصَّفائِحِ في
مُـتُوْنِـهِـنَّ شُمُـوْسُ الفِكْـرِ والأَدَبِ
في البَدْءِ كانَتْ، على اسْمِ اللهِ، كِلْمَتُـهُ:
(كُنْ)؛ فاستَفاقَتْ بِها الأَكْوانُ مِنْ كَـثَبِ
عَجِـبْتُ مِنْ شاعِرٍ يَمْـرِيْ بِـأَخْـمَصِهِ
خِلْفَ الخِلافَـةِ فـي حانُوْتِـها الخَـرِبِ
(بَغْدادُ) كَمْ أَنـْجَبَتْ مِنْ سافِكٍ دَمَها
لَـيْسَتْ بِـأُمٍّ، إِذا يُـنـْمَى، ولا بِأَبِ!
* * *
- «كَمْ نِـيْلَ تَحْتَ سَناها مِنْ سَنا قَمَرٍ
وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عارِضٍ شَنِـبِ»
- فَـتْحُ الفُتُوْحِ هُنا عَـرَّيْتَ سَوْأَتَـهُ!
يَنْدَى جَبِيْنُ الخَنا مِنْ فَخْرِكَ العَجَبِ!
فَضَحْـتَ عَمَّـكَ إذْ خَلَّـدْتَ فِعْـلَتَهُ
فَضِيْحَةً لَيْسَ تُـمْحَى آخِـرَ الحِقـَبِ
إِنْ كانَ لَـبَّى التي نادَتْـهُ: «مُعْـتَصِمًا»
أَنـَّـى استَحالَ كَذِئْبِ الدَّوِّ مُغْتَصِبِ!
* * *
- «كَمْ كانَ في قَطْعِ أَسْبابِ الرِّقابِ بِها
إِلى المـُخَدَّرَةِ العَـذْراءِ مِـنْ سَـبَبِ»
- وا خَجْلَـتاهُ مِنَ الغاياتِ إِذْ رُسِمَتْ
يا (داعِشَ) الرَّأْسِ حَيِّيْ (داعِشَ) الذَّنَبِ!
ماذا (أَزِيْدِيَّـةٌ) في أَمـْـسِنا انتُهِكَتْ
وفاخَـرَ الشَّاعِـرُ العِمْلاقُ بالسَّـلَبِ!
إِنْ شَذَّ شِعْـرُ (أَبـِيْ تَـمَّامَ)، في مَلَقٍ،
فكَـيْفَ شَذَّ تَلَـقِّيْ شِعْرِنا العَـرَبِي؟!
قَصِيْدَةٌ جَـرَّعُوها النَّـشْءَ مُذْ دُسِعَتْ
كَيْ يَرْضَعَ الـمِلَّةَ الكَـتْعاءَ كُلُّ صَبِي!
* * *
- «كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهِنْدِيِّ مُصْلَتَةً
تَـهْتَـزُّ مِنْ قُضُبٍ تَـهْتَـزُّ في كُثـُبِ»
- يَأْبَـى الجِـناسُ به ذا الشِّعْـرِ يُعْتِـقُهُ
حَـتَّى يُعَـتِّـقَـهُ بِالجِـنْسِ والكَلَبِ
يـا لَلمِـزاجِ الفَظِـيْعِ الفَـظِّ، مُـزْدَرِدًا
بِـالنَّظْمِ قَـيْءَ الأَفاعِيْ، طافِحَ الطَّرَبِ!
* * *
- «بِيْضٌ إِذا انتُضِيَتْ مِنْ حُجْبِها رَجَعَتْ
أَحَـقَّ بِالبِـيْـضِ أَتْرابـًا مِنَ الحُجُبِ»
- نِعْمَ البُطُوْلَـةُ! لا فُـضَّ البَدِيْعُ! ولا
دَرَّتْ قَوافِيْ (حَبِيْبٍ)، مُبْـدِعِ الجَرَبِ!
لا بَيَّضَ اللهُ وَجْهًا بـاضَ «سُخْبُـرَةً» (1)
يا دِيْكَ (مُعْتَصِمِ) الأَتـْراكِ ذِيْ الذَّهَبِ!
مَواهِـبٌ غُـرِسَتْ في غَيْرِ مَـغْرِسِها
تُـعَـنْـقِدُ العِيَّ والإِعْـياءَ في العِنَبِ
ثَـقـافَـةٌ مِنْ ثُـغاءِ الأَشْقِياءِ طَمَتْ
حَتَّى جَرَتْ في دِمـاءِ الشِّعْرِ والخُطَبِ!
... ... ...
(1) سُخْبُرَة: تعني في لهجات (فَيْفاء): مَسْخًا مُشَوَّهًا، أو مُصيبة، أو شيئًا ينطوي على ضررٍ بالغ. يقولون مثلًا: «وقع فلان في سُخْبُرَة»، أي في مُصيبة. ولعلَّه من السَّخْبَر، وهو في العربيَّة: شجرٌ تألفه الحيَّات فتسكن في أصوله، الواحدة: سَخْبَرَة. هكذا في اللغة المدوَّنة: بفتح السين والباء. (انظر: ابن منظور، لسان العرب، (سخبر)). قال (حسان بن ثابت، (1929)، ديوانه، عناية: عبد الرحمن البرقوقي (مصر: المطبعة الرحمانيَّة)، 211):
إِنْ تَغْدِروا فالغَدْرُ مِنكُمْ شِيْمَةٌ
والغَدْرُ يَنبُتُ في أُصولِ السَّخْـبَرِ