«الجزيرة» - محمد العيدروس:
مترجمو الأندية السعودية.. عالم من نوع آخر!!
ما هي طبيعة أعمالهم.. كيف يمكنهم الخروج من المطبات الصعبة التي يواجهونها أثناء عمليات الترجمة السريعة.. كيف يوصلون أفكار المدرب للاعبين.. وكيف يتحكمون في الانفعالات ولغة الجسد ويقومون بترجمتها؟
المترجمون في الأندية السعودية شرائح متنوعة منهم من يتحدث 6 لغات حية ومنهم من يحمل شهادات عليا كالماجستير.. ومنهم من دخل الترجمة بطريق الصدفة ومنهم من قادته الظروف. والغريب أن أيَّاً منهم لم يخطط بشكل مسبق أن يكون مترجماً.
من يتخيل أن في أنديتنا السعودية من يتحدث الإيطالية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية والبرتغالية ولغة الإشارة؟
هؤلاء (المبدعون) منهم من هو سعودي ومنهم من تربى هنا ومنهم من أقام هنا لفترات طويلة.
مواقف عديدة وعالم آخر تكشفه «الجزيرة» في هذا التحقيق :
مشاري الغامدي (8 لغات)
- يتصدر مشاري الغامدي مترجم النادي الأهلي، قائمة المترجمين، أولاً لكونه شاباً سعودياً طموحاً وثانياً لكونه يتقن 8 لغات حية دفعة واحدة كتابة وتحدثاً وبدرجة إتقان عالية وهي الإنجليزية والإسبانية والألمانية والإيطالية والفرنسية والبرتغالية والعربية ولغة الإشارة.
ويروي مشاري ذو الشعر الكثيف المتميز تجربته في عالم الترجمة، حيث يقول : إن الصدفة وحدها كانت وراء ذلك ثم رغبته وطموحه الشخصي.
ويضيف : شاء الله أن أكون مرافقاً لأختي المبتعثة في نيوزلندا وهناك أكملت دراستي المتوسطة والثانوية ووقتها أتقنت اللغة الإنجليزية بشكل جيد، وعقب ذلك سافرت لأدرس اللغة الإسبانية في دولة تشيلي ومكثت هناك فترة لا بأس بها.
ويمضي قائلاً : لا أخفيك كان لدي طموح كبير ورغبة جامحة لمواصلة مسيرة تعلم اللغات خصوصاً بعد أن أتقنت الإنجليزية والإسبانية، لأقتحم عالم اللغات بما لدي من أساسيات ثم تعلمت البرتغالية فالفرنسية والألمانية والإيطالية (بفضل الله تعالى وتوفيقه).
ويضيف مشاري الحاصل على درجة الماجستير : صدقوني تعلم اللغات الحية ليس بمعجزة بقدر ما هي رغبة وطموح وعندما تكون لديك أساسيات وقواعد ستجد نفسك تلقائياً دخلت في بحورها وأتقنتها، والأهم في تصوري هو الممارسة اليومية لجميع اللغات بالكتابة والحديث في آن واحد.
- قلت لمشاري الغامدي : أنت منذ زمن طويل في النادي الأهلي.. فهل هذا يعني أنك أهلاوي؟!
- قال: إطلاقاً فعملي لا علاقة له بميولي الرياضية، وقد سبق أن عملت في نادي الوحدة حيث كانت انطلاقتي.
7 لغات حية لـ«أحمد موسى»
- مترجم نادي الهلال الكابتن أحمد موسى بلجيكي من مواليد الرياض (32 سنة)، يتقن 7 لغات حية، هي (الإنجليزية والهولندية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية والألمانية).
- يقول (أحمد): دخولي المجال الرياضي جاء مصادفة؛ فخبرتي الوحيدة حينما لعبت درجة رابعة ثلاثة مواسم فقط، ولكن الأساس هنا حينما غادرت للدراسة الجامعية في بلجيكا، وهناك متطلب رئيسي، هو إتقان 3 لغات، هي (الفرنسية والهولندية والألمانية)، وإتقانك إياها يزيد فرص العمل. وبعدها ذهبت لإسبانيا، ودرست الإسبانية واللغة البرتغالية دراسة ممارسة، والإنجليزية ممارسة منذ الابتدائية.
- الكابتن أحمد بدأ مع الهلال منذ 2009، ولا يزال حتى اللحظة، وعمل مع المدربين منذ تلك الفترة حتى الآن، وحقق مع الفريق العديد من البطولات المحلية والقارية، كما عاصر رؤساء الهلال (عبدالرحمن بن مساعد، ونواف بن سعد، ومحمد الحميداني، وسامي الجابر، ومحمد بن فيصل).
- يعتقد الكابتن أحمد أن عملية الترجمة ثقة وأمانة أمام الله؛ فعالم التدريب والمدربين واللاعبين أسرار، يجب المحافظة عليها.
- يرى (أحمد) أن لغة الجسد والتفاعل السريع بين المترجم والمدرب واللاعبين من جهة أخرى مهم للغاية، سواء في نبرة الغضب، أو لغة الفرح، أو خفض الصوت. مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى «حرفنة خاصة».
الأسرة وراء (الترجمة)
- الكابتن أحمد مصطفى المترجم الخاص لنادي الشباب والذي يتقن ببراعة اللغات الإسبانية والإنجليزية والبرتغالية والعربية، دخل عالم الترجمة بشكل مختلف نوعاً ما، ولم يكن هذا المجال هدفاً استراتيجياً مباشراً له.
فهو في الأساس (كما يقول) حاصل على ماجستير موارد بشرية.. ويضيف ربما تكون الظروف الأسرية هي أحد الأسباب.
عشت لفترة طويلة في البرازيل حيث الزوجة والأطفال، وبالتالي اتقاني اللغة وعشقي وحبي لكرة القدم. وبدأت هناك في البرازيل كإداري في أحد الأندية.
- ويروي الكابتن أحمد مصطفى تجربة مسيرته الطويلة في مجال الترجمة الفورية بعدة محطات عمل بها سابقاً قبل نادي الشباب السعودي.
حيث عمل في البرازيل أولاً ثم الإمارات العربية المتحدة وفي أندية الشعب والشارقة ثم القادسية السعودي وأخيراً الليث الأبيض.
- سألت الكابتن أحمد مصطفى.. في اعتقادك ما هي مواصفات المترجم الناجح؟
- قال هناك فرق في عملية الترجمة، فهي ليست منهجاً مقنناً وإنما روح وإبداع وتفاعل، وعلى المترجم أن يكون بارعاً في (اللغة العامية) لنفس اللغة التي يتحدث بها عامة هؤلاء، ومراعاة لغة الجسد وكيفية امتصاص النرفزة التي قد تصدر من المدرب مع الحرص على إيصال المعلومة من المدرب للاعبين بنفس طريقة المدرب في الحدة والصرامة والتفاعل بين اللاعبين والمدرب.
المصادفة وحدها قادته
- مترجم نادي الفيحاء التونسي مرتضى عبد اللطيف، يملك سجلاً حافلاً من الخبرات في هذا المجال، وهو إضافة إلى كونه بارعاً في اللغات الرومانية والفرنسية والإنجليزية والعربية، فهو يملك مؤهلاً جامعياً كأستاذ للتربية البدنية والعلاج الطبيعي وشهادات عليا في التدريب أيضاً.
- عمل مترجما في نادي الفيحاء في بداياته مع نادي روماني، ثم مع المدرب الاتحادي فيكتور بيتسوركا وشاركه في محطات عديدة ليس كمترجم بل ومستشار تدريبي في أوقات معينة، وأخيراً انتقل إلى العمل في نادي الفيحاء كمترجم وما زال.
- المترجم مرتضى عبد اللطيف لم تكن الترجمة وجهته الأساسية في بدايات حياته حيث كانت خطته هي الدراسة الجامعية في رومانيا، إلا أن القدر وجهه بشكل تلقائي.
- مرتضى تحدث عن أهم المعوقات أو الصعوبات التي تواجه المترجمين في الأندية وقال.. الصعوبة الحقيقية هي في المؤتمرات الصحفية واللقاءات التلفزيونية السريعة أولاً ثم عملية الترجمة خلال التدريب وكيفية إيصال المعلومة التي يريد المدرب إيصالها للاعبين.
وأضاف.. في التصريحات الصحفية والمؤتمرات يجب أن يكون المترجم دقيقاً وملتزماً تماماً بكل كلمة (رغم ضيق الوقت وسرعته) وكون المؤتمر أو اللقاء مباشرا على الهواء، ومضى مترجم نادي الفيحاء يقول : أما في التمارين وخلال سير المباريات فتتضاعف الصعوبة أكثر وأكثر، لأن الأهمية لا تكون في الترجمة الجامدة بقدر ما هي نقل نفس الإحساس والمشاعر سواءً بالصوت أو حركات اليد والجسد، وكيف يكون المترجم ذكياً في إيصال ما يريده المدرب من اللاعب والعكس.
من الإرشاد السياحي إلى الترجمة
- أما المترجم الخاص لنادي التعاون الكابتن محمد محمد مدني والذي يتقن اللغات (البرتغالية والإيطالية والإنجليزية)، فيعتقد أن أساس عمل نجاح أي مترجم في عمله هو مبدأ الثقة الراسخة مع المدرب من جهة ومع الإدارة من جهة أخرى.
ويقول : كما تعلمون أن المترجم هو الوسيلة الناقلة بين الطرفين المدرب واللاعب والإدارة، وبالتالي فدرجة ثقتهم به هي من تجعله ينجح في مهامه.
- سألت الكابتن محمد عن الكيفية التي دخل بها عالم الترجمة وكانت إجابته (مفاجأة لي).
حيث قال.. ان بدايته كانت كمرشد سياحي متخصص في مصر لمدة 15 عاماً وحينما حدث كساد في عمل الإرشاد السياحي هناك، تلقى اتصالاً (بطريقة الصدفة) من أحد زملائه، وسأله أنت تتقن اللغة البرتغالية بشكل جيد وقدم لي عرضاً بأن أذهب إلى المملكة، ونصحني أن أذهب لنقابة المرشدين السياحيين للمشاورة ومقابلة أحد الأشخاص والذي اتضح لي فيما بعد أنه سبق وعمل سكرتيراً في نادي النصر السعودي، وهو من رشحني لوظيفة (مترجم) كوني أتقن (البرتغالية).
ويضيف الكابتن محمد مدني.. سارت الأيام سريعا وقدم لي نادي النصر عرضاً إلا أنهم اشترطوا علي اللقاء بالمدرب، وبالفعل حدث لقاء وتفاهم مع مدرب الفريق الأول ووقعت عقداً معهم في 2007م.
وعقب ذلك تعاقدت مع نادي هجر السعودي ثم عدت إلى مصر فترة، وأخيراً تشرفت بالانضمام والعمل في نادي التعاون.
الدقة والتركيز سلاح ضد المطبات
- اشتهر الكابتن محمد السلومي بأنه المترجم الشخصي للاعب الهلال الشهير نيفيز منذ 2009 وحتى 2011، ثم المترجم الخاص لنادي مانشستر يونايتد في اعتزال سامي الجابر.
- الكابتن محمد السلومي مترجم نادي الحزم بدأ رحلته في عالم الترجمة منذ التسعينات، حيث شهدت بطولة القارات انطلاقته الحقيقية حينما كان المترجم الخاص للمنتخب البرازيلي ومرافقه في البطولة لمدة أسبوعين وذلك عام 97م.
- محطته الثانية بدأت مع نادي الاتحاد السعودي والمدرب (أوسكار) تحديداً وكانت فترة ذهبية له حينما تحقق للفريق بطولة الدوري والكأس ثم السوبر السعودي المصري.
- يقول الكابتن محمد السلومي وشهرته أبو ناصر.. انتقلت عام 2004 للعمل مع المدرب أوسكار للعمل في نادي الهلال في البطولة العربية ببيروت، ثم مع المدرب السكندر في الهلال 2005م.
عمرو.. مترجم بالوراثة
- عمرو علي صالح مترجم نادي الوحدة.. برازيلي من أصل يمني ولد في البرازيل وتربى في جدة ودرس جميع المراحل الدراسية بها.
حيث كان والده علي صالح المترجم الشهير لأندية الأهلي والهلال والوحدة والمنتخبات السعودية.
- يقول الكابتن عمرو الحاصل على درجة الماجستير في الإدارة الرياضية من مدريد والبكالوريوس في إدارة الأعمال من قبرص.. أنه تعرض للعديد من المصاعب في بداية مشواره في عالم الترجمة، حيث يجب أن تكون نسخة حقيقية من نفس نمط (المدرب) سواء في عملية رفع الصوت أو لغة الجسد.
وأيضاً حينما يتحدث اللاعب أو الأجنبي بعبارات غير لائقة أو جارحة وكيف يمكن لك تخفيفها (بذكاء) حتى لا تترك تداعيات على جميع الأطراف.
- ويحمل الكابتن عمرو الذي يتحدث اللغات البرتغالية والإنجليزية والإسبانية والعربية بطلاقة.. سجلاً مهنياً لافتاً، حيث تولى مهمة الترجمة للمنتخبات السعودية (2011 - 2013) في فترة الأستاذ المسحل.
- وتولى الترجمة لنادي الهلال في الفترة من (2013 - 2015) ومع المدربين سامي الجابر وزالانكو وريجي ودونيسي ومع لاعبين شهيرين مثل تياجو نيفيز، ديجاو، التون، ويسلي، كاستيلو.
- في عام 2016 - 2017 انتقل الكابتن عمرو في محطة أخرى إلى نادي الشباب السعودي فترة سامي الجابر وكان معه طاقم إسباني ولاعبون أجانب.
- ويعمل الآن في نادي الوحدة مع المدرب خوان براون وقبله مع فابيو كاريلي وأغلب اللاعبين البرازيليين.