محمد عبد الرزاق القشعمي
سمعت به وبنشاطه الثقافي قبل أن ألتقيه، إذ كان يطبع ويوزع مؤلفاته من شعر ونثر ومقررات مدرسية، إذ كان تربوياً نشطاً وعمل في عديد من المدارس وفي مناطق مختلفة من المملكة، ثم في الضمان الاجتماعي، وأخيراً عمل رئيساً لقسم الأراضي ببلدية الأحساء ثم رئيساً لفرعها بالجفر، ورئيس المجمع القروي بقرية العليا بالأحساء.
حرصت على لقائه ضمن مجموعة من أبناء الأحساء للتسجيل معهم في مشروع التاريخ الشفهي للمملكة، زرته في منزله بحي الصالحية بمدينة الهفوف بالأحساء مساء 13-7-1419هـ وعلى مدى ثلاث ساعات أخذ يروي ما بقي في ذاكرته من سيرته العلمية والعملية قائلاً: ولدت في بلدة الجفر بالأحساء عام 1360هـ، توفيت والدتي وأنا صغير جداً لا أكاد أتذكرها، وكان والدي مشغولاً بعمله بشركة (أرامكو) فتولت تربيتي جدتي هيا بنت أحمد الناجم، وبعد أن بلغت السادسة من عمري أدخلت مدرسة الجفر الابتدائية عام 1366هـ، وبعد الابتدائية عينت مدرساً في عدد من المدارس أولها مدرساً في مدرسة العيون ثم مدرسة المراح ثم مدرسة الجفر وكلها بالأحساء. وبعد أن لمس مني مدير التعليم بالمنطقة الشرقية الأستاذ عبدالعزيز بن منصور التركي الجد والاجتهاد والنشاط رشحني مديراً لمدرسة لينة الابتدائية شمال المملكة، وقد عملت قدر طاقتي رغم بُعد الأهل واختلاف الطباع والعادات وعدم ملاءمة وضع البلد مع طباعي فلهذا قررت أن استقيل، ففي إحدى العطل الكبيرة ذهبت لإدارة التعليم وقدمت استقالتي لها وبعد أشهر ومع نهاية العطلة الصيفية راجعت إدارة التعليم وقابلت المدير التركي لأصفي خدماتي فأفادني بكل بساطة: الاستقالة لم تقبل فاذهب لاستلام رواتبك المتأخرة، واستلم عملك الجديد مديراً لمدرسة القارة بالأحساء فانشرح صدري وشكرته على اهتمامه وإنسانيته، وقد استلمت أربعة رواتب حوالي ألف ريال لم أحلم بها، عملت بعدها مديراً لمدرسة العمران الابتدائية.
انتقل عملي بعد ذلك لوزارة المالية والاقتصاد الوطني بوظيفة مدقق حسابات للرسوم، انتقلت من المالية إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للعمل في وكالة الوزارة للضمان الاجتماعي، وكان أول عمل أسند لي هو أخصائي تأهيل مهني بالضمان الاجتماعي بالرياض. ثم تنقل عملي مديراً لمكاتب الضمان الاجتماعي في كل من وادي الدواسر، وحفر الباطن، ومنطقة الأحساء، ثم عدت إلى الرياض للعمل بوظيفة مفتش إداري بمصلحة الضمان الاجتماعي.
انتقل عملي بعد ذلك لوزارة الشؤون البلدية والقروية، وتوليت عمل رئيس للمجمع القروي بقرية العليا، ثم عملت بوظيفة المحامي الشرعي لبلدية الأحساء، فرئيساً لقسم الأراضي في البلدية ذاتها. وكنت أثناءها مندوباً عن البلدية في إمارة الأحساء. وهذا آخر عمل رسمي توليته.
ثم بدأ يسرد الأعمال الاجتماعية والوطنية التي كان يقوم بها أثناء عمله الرسمي وبعده ومنها: رئاسة اللجنة الثقافية بمركز التنمية الاجتماعية بالجفر، ومدير مكتب مؤسسة اليمامة الصحفية بالدمام، ورئيس لنادي الشروق الرياضي بالجفر، ورئيس للجمعية الخيرية بالجفر.
ومن الأعمال الخاصة التي قام بها، ذكر:
تأسيسه لمكتبة حواء الجزيرة بالدمام.
فتح مكتبة الصالحية بالأحساء.
فتح قرطاسية التوفيق بالجفر.
شارك بإمداد كثير من الصحف بالمقالات والقصائد.
قام بإحياء عدد من الأمسيات الشعرية.
وذكر أن له مؤلفات مفقودة، ذكر منها:
خواطر وأفكار، أهداف الضمان الاجتماعي، ماما أين ثوب العيد، قصة قديمة.
يذكر ويعتز بأساتذة لا ينساهم وقد مروا في حياته ومنهم:
مدير مدرسة الجفر الابتدائية الأستاذ عبدالرحمن بن إبراهيم الحقيل الذي يعتبره والده الروحي. الذي اجتهد في تعليمه ولا ينسى فضله بأي حال من الأحوال.
الأستاذ محمد حسين العرفج والذي كان مخلصاً في التدريس فهو فخور بجهوده وإخلاصه.
الأستاذ عبدالله بن إبراهيم السليمان فهو أستاذه وصديقه طيلة فترة الدراسة.
الأستاذ محمد إبراهيم السليمان الذي استفاد منه كثيراً علاوة على صداقته ووفائه - رحمهم الله جميعاً.
ويذكر أنه كان متأخراً في الدراسة في الصف الرابع الابتدائي، أي أنه كان آخر طالب في الفصل، البالغ عددهم 17 طالباً، فبدأ يجد ويجتهد فبدأ يتحسن مستواه حتى أصبح ترتيبه الأول في الامتحان، فاحتج الأهالي وتجمع كبار أهل البلد (الجفر) عند مدير المدرسة محتجين على تفوقه على أولادهم، فقال: «من المواقف التي أبرزت الحق أن دعا الأستاذ الحقيل مدير المدرسة الأساتذة: محمد العرفج وعبدالله السليمان لاختبار طلاب الفصل جميعاً في مادة الحساب بحضور الأهالي، فتفوقت عليهم، فقال المدير للجميع: ألم أقل لكم هو الذي نجح نفسه بنفسه..».
يذكر من أنجب تلامذته في مدرسة لينة الأستاذ عبدالله الشهيل مدير الأندية الأدبية وقتها، وكذا شقيقه فيصل الشهيل الرئيس العام لسكة الحديد، وكان والدهم محمد هو أمير لينة.
ويقول إنه بفضل نجاح السياسة التربوية والتي كان يطبقها بدقة أن تلاميذ الصف السادس الابتدائي بمدرسة لينة قد نجحوا جميعاً بينما كانوا قبل مجيئه لا ينجح منهم أحد.
ثم بدأ يعدد مؤلفاته من الكتب والمقررات المدرسية ومنها:
1ـ مقرر اللغة العربية للفصل الرابع الابتدائي (بنين وبنات).
2ـ مقرر اللغة العربية للفصل الخامس الابتدائي (بنين وبنات).
3ـ مقرر اللغة العربية للفصل السادس الابتدائي (بنين وبنات).
ومن مؤلفاته الأخرى:
خواطر وأفكار، هذه الحياة، الثقافة النفسية، فتاة الجزيرة، كتاب القبس الشهري، ديوان شعر (نسيم البحرين).
وذكر عناوين لدواوينه من إنتاجه الشعري وهي: مع الله، سلالة المجد، ينابيع، بزوغ الحب، نبرات قلب، أنا وكهفي، خمس قصائد محورها المرأة، تطلعات، محاورات شعرية، خواطر شعرية، قصائد وطنية، الضعف الأنثوي، قصائد كروية، أغاني خفيفة، السعديات، أحلام الحب، من وحي البحرين، من وحي القرن الحادي والعشرين، العودة للدمام، نسيم البحرين.
وكنت أعتقد أنه يبالغ في حديثه لولا أنه أحضر وقدم لي أكثر من ثلاثين ملفاً قال أنها تحوي مؤلفاته المخطوطة والتي تنتظر الطبع وقد استعرضتها واخترت من عناوينها:
رجل العدالة والحضارة والسلام، سليل المجد، رسالة الأديب الخليجي، الشعر وكيف ننظمه، العنوسة.. الداء الخطير، وجوب تعدد الزوجات، خليجية (مجموعة قصص مسرحية)، المرأة البحرينية، خلاصة تربوية ونفسية، مجلس التعاون شعب واحد، مراسلات أدبية، جسر الملك فهد، قضايا المرأة الخليجية، من الغرائب والعجائب، نظرات في الحياة، تاريخ القرى الشرقية بالأحساء.. إلخ.
هذا، وقد أهداني (كتاب القبس.. دوري شهري للعلوم والفنون والآداب، العدد الأول، لشهر رجب عام 1391هـ، السنة الأولى)، وقد تصفحته فوجدته يتحدث عن موضوع واحد هو (العلم) وقد أهداه الملك فيصل، وقال في مقدمة الحديث عن العلم: «لقد أصبح التعليم اليوم ضرورة من الضروريات الملحة، وأصبح بذلك الرابع للثالوث (الغذاء والماء والهواء)، إذ لا حياة حقيقة للمرء إلا بها مجتمعة، ومن أجل ذلك اهتمت به الحكومات والهيئات والمنظمات العالمية ووضعت من أجله المناهج والتعليمات..إلخ».
وعلى مدى 73 صفحة استمر يكتب عن العلم والتعليم وفضائله، وضمن ما قال: «ثم لا ننسى لعب الرياضة التي يمارسها الطلاب في المدارس وما لاقته من معارضة عنيفة ومشادة بين المدارس والأهلين وكانوا في جهل أعمى ولو علموا أن الرياضة فيها الخير بتقوية العضلات وتحريك الدورة الدموية والتنشيط الفكري والمزاجي.. إلخ».
وقال تحت عنوان (المعرفة ليست موقوفة على أحد) «... وفي الحقيقة التي لا جدال فيها أن التعليم في البلاد العربية كان قديماً أشد تقدماً واضطراداً حتى أن بعض المخترعات العربية بفضل العلم طبعاً عندما عرضت على الإنجليز هرعوا منها وخافوا واندهشوا، والحديث في هذا يطول ولكنه أخيراً تقدم الإنجليز في العلم وتأخر العرب لتقاعسهم ونفورهم ولإصابتهم بكثير من الكوارث والنكبات مثل الغزو الذي أتاهم من كل جانب... فأحرقت كنوز من المعارف والعلوم التي لو بقيت لبقي للعرب شأنهم ومكانتهم..».
ثم استعرض ملحق (هي) الذي أصدرته مجلة (اليمامة) في العدد الرابع لشهر رمضان 1390هـ والذي تحرره السيدة خيرية السقاف تحت عنوان: (المرأة السعودية تواجه نفسها). اختتم العدد بمسابقة ثقافية عبارة عن خمسة أسئلة. وبعض الإعلانات. هذا، وقد وجدت للأستاذ الدريبي ترجمة في موسوعة تاريخ التعليم في المملكة في مائة عام كالتالي:
سعد بن عبدالرحمن الدريبي
ولد ببلدة الجفر بالأحساء
تلقى تعليماً يعادل المرحلة الثانوية، وحصل على دورات تدريبية تربوية بالطائف، وحصل على الدبلوم العالي للصحافة عام 1386هـ من القاهرة.
عمل معلماً في مدرسة الدمام الأولى، والخبر الأولى، ثم بمدارس العيون والجفر والمراح بالأحساء، ثم صار مديراً لمدرسة لينة في شمال المملكة. ومديراً لمدرسة العمران والقارة بالأحساء، ثم انتقل لوزارة المالية مدققاً، ثم لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية مديراً لمكتب الضمان الاجتماعي بوادي الدواسر ثم مديراً للمكتب بحفر الباطن، ثم مكتب الضمان بالأحساء، ثم مفتشاً إدارياً بالضمان الاجتماعي بالرياض. عمل بعد ذلك رئيساً للمجمع القروي في قرية (العليا) بالأحساء.
تولى رئاسة نادي الشروق الرياضي بالجفر، وأسس مكتبات بالدمام والأحساء والجفر.
من آثاره: أعد مقرر اللغة العربية للصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي للبنين والبنات. صدر له (خواطر وأفكار، وهذه الحياة، وديوان شعر بعنوان (نسيم البحرين). وله كتب ودواوين مخطوطة.
وقد بعث لي فيما بعد بقصيدة تحمل عنوان: (رجال متميزون في حياتي) قال في تقديمها: «بعد والدي الشيخان العظيمان محسن بن أحمد باروم وعبدالعزيز بن منصور التركي..».
وقد ورد في القصيدة بعض الأبيات التي تخصني استميح القارئ الكريم بذكر أربعة أبيات منها:
كان في الأحساء شمساً طالعاً
يعزه الناس في كل مجال
ويقدرونه حيثما وجد
ويحترمونه دون جدال
دأبه النشاط فلا ينثني
شعلة مضيئة فوق الخيال
عالم في الإدارة وفي الاجتماع
وكذا التأليف وفيه احتمال
هذا، وقد توفي -رحمه الله- ودفن بالأحساء عام 1424هـ/2012م وله من الذرية 4 أبناء و7 بنات.