عبدالحفيظ الشمري
لولا الصمود البريطاني الأسطوري بقيادة وينستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية بوجه الاجتياح النازي الألماني لأوروبا إضافةً إلى عاملين حاسمين آخرين هما خطأ هتلر القاتل في غزو الاتحاد السوفييتي وخطأ اليابانيين في قصف ميناء بيرل هاربر الأمريكي مما ترتب عليه دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية وبقوةٍ قلبت كل موازين الحرب، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى هزيمةٍ ساحقة ومذلة لهتلر ومشروعه النازي الذي تسبب بكوارث غير مسبوقة في التاريخ الإنساني.
لكن ما يهمنا هنا هو الدور البريطاني البطولي في بدايات الحرب العالمية وحتى أثنائها وصولاً إلى انتصار الحلفاء والذي لولاه أي الدور البريطاني لتغير وجه التاريخ ولتمكن هتلر من احتلال كل أوروبا قبل أن يتمكن الأمريكان حتى من التدخل في الحرب، بعد هذا الدور الأسطوري الحاسم لبريطانيا في هزيمة النازية جلس تشرشل في أحد الاجتماعات التي عقدت عقب الحرب مباشرة مع الرئيس الأميركي روزفلت والزعيم السوفييتي ستالين وقال مقولته المشهورة والصادقة (ها أنذا أجلس كالحمار الصغير والضعيف الذي لا حول له ولا قوة بين الدب الروسي الشرس والجاموس الأميركي الجامح) بمعنى آخر اكتشف تشرشل أنه وبريطانيا العظمى وكل مجهودها الحربي الجبار والحاسم في الحرب لم يكن إلا أداةً في يد العملاقين وأن بريطانيا العظمى بعد الحرب لا مكان ولا دور ولا كلمة لها في قرار المنتصرين تقاسم العالم على الرغم من مساهمتها الحاسمة في هذا الانتصار.
ما أردت الوصول إليه من إيراد هذه القصة هو أن هذا السيناريو سوف يتكرر وإن كان بصورةٍ مختلفة في المستقبل القريب مع تركيا وقطر وكل الحركات الإرهابية المرتبطة بهما ومع إيران وكل أدواتها من العصابات والشراذم الطائفية وعلى رأسهم عصابة الأسد الإجرامية، هؤلاء هم الذين ساهموا مساهمةً حاسمة في وصول المنطقة العربية إلى ما وصلت إليه من تشرذم كارثي ولسوف يكتشفون أنهم كانوا مجرد أدوات في مشروعٍ أكبر منهم بكثير، وقد رأينا بوادر هذا السيناريو تتضح معالمه بعد إسقاط الأتراك للطائرة الروسية وكيف تخلت الولايات المتحدة وحلف الأطلسي عن حليف مهم وعضو أساسي في هذا الحلف وكذلك ما نراه الآن من بوادر انقلاب حقيقي في موقف الولايات المتحدة حيال الدور التخريبي الذي تمارسه إيران مع أذنابها الطائفيين في المنطقة مما قد يعني أن هذا الدور التخريبي المدمر قد أوشك على بلوغ منتهاه.