أمل بنت فهد
صحيح أن فضائح جماعة الإخوان كل يوم تكشف عن نفسها، لكن ماذا عن الغد؟ بعد أن تنتهي قصة اسمها جماعة الإخوان، في أي ثوب سوف تخرج من جديد، لأن الشر حين يموت في مكان ما، فإنه يستيقظ في مكان آخر، يغير جلده وشكله، لكنه يكمل مسيرة الشر، كيف نوجد مناعة للأجيال القادمة؟ كيف نجهزهم لمقاومة الخطر الفكري مثلما نجهزهم للتقدم والحضارة؟
وقصة الجماعات الخائنة ببساطة محصورة بين التمدد والهيمنة، مهما غيرت اسمها، تقتات على غضب ويأس المحبطين، وتقلبهم ضد الإنسانية، عدوها الأول قداسة الأوطان، لذا أينما بدأت، فإنها تفتعل فجوة في العاطفة الوطنية، بل تجرمها، وتنال منها ومن رموزها، لأنهم يدركون كيف أن التعلق بالوطن يمكن أن يكشفهم، ويدمر مخططاتهم، لأن الفرد الوطني تصعب عليه الخيانة، لأن الفرد الوطني تصل به الشجاعة والنخوة إلى ابعد حدود الفداء، لأنه يرى في الوطن أهله، وشرفه، وعزه، لذا هو يتنفس من أجله ويعيش فيه بقلب وعقلية الجندي الجسور، إنهم يدركون خطر الوطنيين، لذا فإن العاطفة الوطنية مستهدفة، وإن لاحظتهم ستجد طريقتهم في التسلل إلى الأوفياء تتم بتحميل الوطن مسؤولية كل شيء حدث، وكل سوء، وكل نكبة، حتى أنهم في فترة تجرأ أحدهم ووصف الوطنية بالوثنية! كأن طاعتهم ليست وثنية، وخيانة، وحقارة، كأن بيع الوطن ليس جريمة وخسة!
إن تدمير الفكرة يكون بتحليلها، ونقضها، وتفنيدها، لذا نحن بحاجة ماسة إلى فضحهم من خلال كتبهم نفسها، باستخدام كل الوسائل الإعلامية المتاحة، نحتاج إلى نخبة المثقفين، والباحثين، والمفكرين، وعلماء النفس، وعلماء المجتمع، نحتاج منهم وقفة وطنية، لنفض عفن الجماعات التي دمرت ولا تزال تدمر الحياة، لا يكفي منع كتبهم، لأنه تصرف وقائي ناقص، وليكتمل، نحتاج ردوداً علمية منطقية، نحتاج كتباً مضادة لكتبهم، فالقلم يقارع بالقلم، مثلما يحاربهم جنودنا البواسل على أرض المعارك، نحتاج جنوداً على أرض الثقافة والإعلام، جنوداً يدركون قوة المعلومة، يفضحون ما فعلوا ويوثقونه، صوتا وصورة وكتابةً، للأجيال القادمة، حتى لا تكرر غفوتنا التي أخرتنا عن ردعهم، وحسم أمرهم.
المنع وحده لا يكفي، نريد لفضائحهم أن تبقى أبد الآبدين، بكل اللغات، وبكل المداخل، العقلية، والعاطفية، والتاريخية، والمنطقية، لنحاصرهم بالحق، لنحاصرهم بالحقيقية، لننحر أي محاولة لهم غداً أو بعد غد.
حفظك الله يا وطني وباركك في كل زمان.