«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
في الفندق الذي أقيم فيه في مكة المكرمة وفي صالة الاستقبال سألني أحد الإخوة المعتمرين من دولة الإمارات الشقيقة عن أين يجد مطعماً يقدّم «المعصوب» فأجبته باسماً: ليس المسؤول بأعلم من السائل؛ إنني مثلك معتمر لكن أبشر سوف نطرح السؤال على موظف الاستقبال فأهل مكة أدرى بشعابها، ولم أتردد أن قمت واتجهت لموظف الاستقبال وسألته عن المطعم الذي يقدّم طبق «المعصوب» الأكلة الشعبية الشهيرة بعد الفول في المنطقة الغربية بشكل خاص. وكتب لي أكثر من محل شهير بمكة. وكان ابن الإمارات ناصر قد لحقني مسرعاً لمكتب الاستقبال وقبل أن أسلمه الورقة الصغيرة قلت يا أخ ناصر لماذا «المعصوب» بالذات هناك مأكولات عديدة اشتهرت بها المملكة. ليه المعصوب بالذات. ممكن أعرف وعلت على وجهه ابتسامة وقال: لا بد تعرف؟ فقلت هذا إذا لم يكن لديك مانع. فقال دعنا نجلس ونشرب الشاي بالنعناع وأقول لك حكاية «المعصوب» وعدنا سوياً إلى ركن جلوسنا في الصالة وكان الشاي ينتظرنا بشوق أكثر منا. وقال ناصر بعدما اعتدل في جلسته وأخرج سبحته الفيروزية وقال: كنت صغيراً عندما حضرت مع جدي ووالدي والوالدة - رحمهم الله- للحج ضمن حملة تعود لرجل فاضل من الأحساء نسيت اسمه - رحمه الله- لكن يدعونه صبيانه والحجاج أبو إبراهيم وكان هذا الرجل يعتبر مقيماً دائماً في الإمارات ويعتبر أيامها من مشاهير «الحملادارية» المهم خلال وجودنا في مكة المكرمة في ذلك الزمن أحضر لنا هذه الأكلة اللذيذة ولست أبالغ ورغم أنني كنت فتى صغيراً لا أتجاوز التاسعة إلا أنني أتذكّرها وأتذكّر أبو إبراهيم بالخير. لذلك كلما حضرت للحج أو العمرة أرغب في تناول هذه الأكلة أولا لما تتميز به من طعم ولذة. إضافة إلى أنها تذكّرني بجدي وجدتي ووالدي ووالدتي - رحمهم الله جميعا وموتى المسلمين.. فقاطعته تصدق بالله يا أخ ناصر إنني ما زلت أذكر أول مرة تناولت فيها هذا «المعصوب» وكنت في مثل سنك ولكن تناولته في مدينة الطائف خلال توقفنا بها للاستراحة.. فتعجبنا سوياً كيف هي عجيبة الحياة عندما أخبرته بأنني من الأحساء وأعرف شخصياً «أبو إبراهيم» ولكنه توفي إلى رحمة الله منذ سنوات.. وبعد ذلك اتفقنا بعد مساء الجمعة أن نتوجه لتناول طبق «المعصوب» المعشوق والمحبوب لدي ملايين المواطنين والمقيمين بالمملكة وعلى الأخص أهل الغربية وغيرها من مناطق ومحافظات المملكة ومن أشهر أنواع المعصوب الذي عادة يعد مأفضل أنواع الحلويات في شهر رمضان وغير رمضان وعادة ما يتم إعداده من الصحين الأحمر أو فتة خبز البر والموز والقشطة مع العسل وهناك من يضع فيه القليل من السمن البري ويعتبر طبق سريع التحضير ليس له نظير لتميزه بالشعبية والفائدة الغذائية وحتى المكسرات مع نفس المواد السابق ذكرها من قشطة وعسل وخبراء التغذية يشيرون إلى أن أطباق «المعصوب» مهما اختلفت أنواعها ومحتوياتها فهي تحتوي على عدد من السعرات الحرارية تتراوح ما بين 450 إلى 650 سعرة حرارية تقريباً، ويعد طبقاً غنياً بالكربوهيدرات البسيطة، والبوتاسيوم، وبها حديد وزنك وعدد من الفيتامينات، وفي السنوات الأخيرة بدأت بعض المطاعم المتخصصة في تجهيز الاحتفالات والمناسبات وحتى الأفراح إعداد كميات كبيرة من طبق « المعصوب « ليكون منافس لطبق الحلو «أم على»؟!