ميسون أبو بكر
بعد استسلام الكثيرين لفكرة انتصار الصحافة الإلكترونية قرع الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة من أهم الصحف المحلية الجرس حين وجه نداءه عبر مقاله «بيني وبين الصحافة .. الخوف عليها» لخادم الحرمين الشريفين الذي عرف عنه مواكبته الإعلام والإعلاميين، وإلى عرَّاب الرؤية ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، مفصحاً عن قلقه وخوفه على اندثار الصحف الورقية التي اعتبرها إنجازاً إعلامياً كبيراً مضى عليه أكثر من نصف قرن، وأنها تقوم بواجب وطني وتعد أحد المنابر الإعلامية الأهلية في نقل رسالة المملكة وإحدى المنصات المؤثِّرة في الدفاع عن الوطن.
أعقبت صرخة المالك أصداء كبيرة في الأوساط الإعلامية وتداعى لها أصحاب القلم بالتأييد ومقالات نفست عمَّا في صدور أصحابها من قلق ورفض انهزام الصحافة الورقية مقابل الصحافة الإلكترونية التي وصفها البعض بعدم جديتها ومصداقيتها إذا ما قُورنت بالورقية التي تلتزم بمعايير دقيقة وتخضع لرقابة مشددة تجعل من وقوع الخطأ أمراً صعباً.
عالم الإنترنت المهدّد دوماً بتغطية ضعيفة أو الانقطاع في بعض المناطق وبعض المدن العالمية لا يمكن أن يكون أوعية نستطيع أن نثق به للصحافة التي تشكّل اليوم السلطة قبل الرابعة.
ولا تستطيع في الفنادق أن تعلّق على باب الغرفة جهازاً إلكترونياً بدلاً من صحيفة ورقية تبدأ بها صباحك.
ومن الصعب أن تضع خطين تحت سطر إلكتروني لتستطيع استذكار ما فوقهما إن أعدت القراءة في فضاء متوهم.
الصحافة الورقية مصدر رزق للعاملين في التحرير والتصوير والنشر وغيرها، كما لكتاب الرأي أيضاً الذين يتقاضون مكافآت متفاوتة قد تشكِّل دخلاً لمعظمهم، وقد لا يغيب عن المسؤول أهمية هذه الفئة في المجتمع كونها المحرك لكثير من القضايا ولسان حال الشعب ومحامي الدفاع الأول عن قضاياه، ووجودهم كخط دفاع أول عن الوطن، فلا يمكن أن نغلق نوافذهم الجادة ونترك الباب موارباً للسنابيين والإلكترونيين الذين لا يرقون لدرجة الوعي والفكر التي عليها كتّاب الصحف الورقية.
لا بد من إنعاش الصحافة الورقية ولو إلى حين، فللورق حميميته، وللحبر رائحة الحياة.