عماد المديفر
أن تُعلن حركة «حماس» الإخوانية على لسان قياديها المدعو «موسى أبو مرزوق» نائب رئيس مكتبها السياسي -أعلى جهة مسؤولة في الحركة- اصطفافها التام مع ميليشيا حزب الله الإرهابية -إحدى أهم الأذرع العسكرية لنظام الولي الفقيه الإيراني وحرسه الثوري- في مواجهة الدول العربية، وبتحدٍّ صارخ لبيانها الصادر عن جامعة الدول العربية، الذي أماط اللثام عن متاجرة «حزب الله» الوقحة بـ»القضية الفلسطينية» وتستره تحت كذبة «المقاومة» و»محور الممانعة»، وسلط الضوء بكل وضوح على انخراط الحزب في أعمال إرهابية تستهدف العديد من الدول العربية، شعوباً وحكومات، لتقويضها من داخلها، ونشر الفوضى والإرهاب والدمار، ليس ابتداءً بتفجيرات بيروت 1983م، وخطف الطائرة الكويتية 1988م، وسلسلة تفجيرات الكويت، ومحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الصباح، التي تورط بها الإرهابيان اللبنانيان «مصطفى بدر الدين» و»عماد مغنية» أو «إلياس صعب» و»الحاج رضوان» كما هي أسماؤهم الحركية التي تدثروا خلفها، مروراً بضلوع خلية من حزب الله الكويت في تفجيرات حج 1989م، التي قامت السلطات الأمنية والقضائية السعودية بالقبض عليهم ومحاكمتهم وتنفيذ حد الحرابة فيهم، تلتها تفجيرات الخبر 1996، التي تم القبض على أحد منفذيها في لبنان وهو يحمل جواز سفر إيرانيا، وغيرها من الجرائم الإرهابية التي ليس آخرها خلية حزب الله في مصر وسيناء التي سعت لاستهداف قناة السويس، وقطاع السياحة، وخلية العبدلي في الكويت، والخلايا التجسسية والإرهابية في البحرين والسعودية، عدا عن المشاركة المباشرة في قتل الشعب العربي السوري، والضلوع في دعم الميليشيات الحوثية، وإطلاق الصواريخ الإيرانية من الأراضي اليمنية، باستهداف المدن السعودية.. عدا عن أنشطة الحزب في تدريب عناصر من القاعدة، وتقديم الدعم اللوجستي لهم في أمريكا -كما هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر- وفي جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، وغيرها الكثير.. سواء في دعم الإرهابيين في الأردن لاستهداف الدبلوماسيين الأمريكان والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، أو في الصومال أو النيجر ونيجيريا وغيرها، أو في صناعة وترويج المخدرات لاستهداف الشبان العرب، أو عمليات التجنيد، والابتزاز، وتوظيف شبكات الدعارة لهذه الأغراض، وما إلى ذلك من جرائم لست بصدد سردها الآن.. بيد أن ما أردت التأكيد عليه أن استهداف حزب الله للدول العربية شعوباً وحكومات أضحى بّناً بشكل جلي تماماً للجميع، الأمر الذي حتم على التنظيم الدولي للإخوان طيلة سنوات مضت، العمل على «التقيةّ» -التي هي من صميم أدبيات الإخوان وملالي طهران معاً- ومحاولة عدم إظهار موقف واضح تجاه الحزب، كي لا يكشف الإخوان أوراقهم، ويفقدوا شعبيتهم ومصداقيتهم لدى العديد من الشعوب العربية والمسلمة المنخدعة بهم وبشعاراتهم البراقة في رفع راية الإسلام، والدفاع عن حقوق المسلمين، وتوظيف القضية الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى بشكل خبيث ودنيء لتكون مظلة لهم، وستاراً يخبئون خلفه جرائمهم وأعمالهم الشيطانية القذرة، وليبرروا الهجوم على كل من سعى لكشف حقيقتهم، ومحاربة إرهابهم؛ بأنه إنما يحاربهم ويعاديهم لكونهم يدافعون عن الأقصى، ويعملون لأجل «القضية الفلسطينية»، وأنه لا يعاديهم إلا الإسرائيليون وأعوانهم!
إن ما ذكره القيادي الإخواني «أبومزروق» يمثل في الواقع الموقف الحقيقي للحركة الميليشياوية الإخوانية الفلسطينية الإرهابية «حماس» التي سعت طيلة سنوات مضت على تجميل هذا الموقف وتبريره وتأويله تارة، أو إخفائه والتبرؤ منه -تقية وخداعاً وحربائية- تارة أخرى.. تماماً كما ادعت قبل فترة، كذباً وخداعاً وتقية أيضاً، انفصالها عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.. وتماماً كما يسعى إعلام التنظيم الدولي ودعاته وناشطوه في مختلف الدول العربية إلى تبرير موقف «حماس»، و»حركة الجهاد الإسلامي» مع «حزب الله»، وعمل التنظيم الدولي التغطية عليه بحجة واهية أشبعوها توظيفاً رخيصاً، بأنه لم يقف مع «حماس» وغيرها من تلك الميليشيات الإرهابية إلا «حزب الله» و»إيران»! والحقيقة الساطعة أن جميع تلك التنظيمات الإرهابية بما فيها «حزب الله» و»القاعدة» و»حماس» وغيرهم، إنما يعملون على اختطاف القضية الفلسطينية والمتاجرة بها، تماماً كما يسعون إلى اختطاف الدين الإسلامي السمح الحنيف، والمتاجرة به، وتبرير أفعالهم الإجرامية بأنها في خدمة الدين! وأنه لا يحاربهم إلا من هو محارب للدين وأهله!
وقد يقول قائل إن العديد ممن اشتهر بأنه من الإخوان المسلمين سواء في السعودية ودول الخليج أو سوريا أو مصر أو الأردن، قد أنكر على «حماس» اصطفافها مع «حزب الله» علناً، فأقول إن هذا متوقع، بل هو التكنيك المعتمد لدى التنظيم الدولي الخبيث المسمى بـ»الإخوان المسلمين»، الذي يُفعّل في مثل هذا الموضع بروتكولهم: «فئة تفجر، وفئة تستنكر» لتبرئة الحزب وميليشياته من تهم الإرهاب والخيانة العظمى، إذ الهدف من ذلك التسويق لمقولة مخادعة لا تقل خبثاً عن سابق أفعال هذا التنظيم، تلك المقولة التي تردد بأن «موقف حماس هذا مستجد، وأنه أُخِذَ بشكل غير واعٍ قد يضر بالقضية الفلسطينية والمقاومة»، والغاية الفعلية لهذه المقولة هو التبرير لحماس، وتزيين صورتها وتاريخها، كي لا تكشف حقيقتها الإجرامية التآمرية ضد العرب والمسلمين بشكل عام، وضد القضية الفلسطينية بشكل خاص، وبالتالي يتم الفصل بخبث بين «حماس»، باعتبارها «حركة مقاومة»، وبين موقفها واصطفافها في معسكر حزب الله والولي والفقيه وميليشياته الإرهابية.
وقد سن هذا التكنيك الغادر حسن البنا نفسه، ونفذه عملياً بحذافيره حين شكل مجموعة سرية مسلحة قامت بسلسلة عمليات وتفجيرات إرهابية، واغتيالات، بأوامر منه شخصياً، ثم خرج في بيانه المشهور بعد ذلك، الذي تبرأ فيه من تلك الأعمال، وقال مقولته الشهيرة: «ليسوا بإخوان وليسوا بمسلمين»!
وهنا أُذكّر فقط بقضية خلية «حزب الله» في مصر وقائدها الإرهابي «سامي شهاب» التي في الواقع لم يكن فيها من عناصر حزب الله سوى شهاب هذا ونائبه، والبقية كانت عناصر من «حماس» و»الجهاد الفلسطينية» وعناصر تكفيرية -تدعي أنها سلفية- من سيناء، وعدد من أعضاء الإخوان المسلمين في مصر، كما أُذكّر بعمليات اقتحام سجن وادي النطرون، التي نفذتها «حماس» والجماعات التكفيرية في سيناء، لتهريب جواسيس «حزب الله» من مصر، وما تم بعد ذلك من تعاون بين الإخوان المسلمين والاستخبارات السورية وحزب الله وإيران لإيصال سامي شهاب إلى ضابط الاستخبارات السورية في مصر، وتسليمه جواز سفر سورياً، تم بموجبه إخراجه برًّا إلى السودان، ومنها جوًّا إلى دمشق فبيروت، هذه حالة واحدة فقط، وشاهد واحد يكشف ماهية حماس، وعلاقتها البنيوية مع حزب الله، وأنهم في الواقع: واحد. والشواهد كثيرة. إلى اللقاء.