د.دلال بنت مخلد الحربي
جاء القرار الحكيم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد لحصر قضايا الفساد العام دليلاً قاطعاً على رغبته حفظة الله بالسير في البلاد نحو الحداثة في التنظيم والإدارة ،فقرار تشكيل هذه اللجنة ومهامها، وما صاحب ذلك القرار من التوجيه بمحاسبة مجموعة كبيرة من الشخصيات الاعتبارية ممن كان لهم نفوذ كبير في المجتمع دليل على أن قرار تشكيل هذه اللجنة هو قرار جاد وحازم وحاسم لتخليص البلاد من شر الفساد الذي استشرى نتيجة شعور كثير من المسؤولين في أوقات مختلفة في الماضي والحاضر بأن الجهة التي يرأسها هي ملكية خاصة، له الحق في التصرف في أموالها وإدارتها كيفما شاء.
مع هذا القرار وما واكبه من تطبيق عملي في توجيه الاتهام لمجموعة كبيرة من المسؤولين ، سيجعل كل مسؤول يرأس إدارة أو هيئة أو وزارة يعرف أنه سيواجه عقاباً صارماً إن حاد عن طريق الصواب، وإن سار مع رغباته ونزواته في العبث بالمال العام، وتعدى الأمر من المسؤولين الحكوميين إلى الشخصيات العامة من التجار والأثرياء الذين أسهموا في إشاعة الفساد، ومن ثم فإن من تسول له نفسه من أمثالهم في المستقبل سيلقى المصير نفسه.
ونتطلع مع هذا القرار الصارم ضد الفساد أن يمتد عمل اللجنة ليشمل كل أنواع الفساد ومنها الفساد العلمي، والفساد الإداري، والفساد الأخلاقي، فهناك من لا زالوا ينظرون إلى الهيئات العلمية بمنظار شخصي، وهناك من يعبثون بالجهات التي تحت رئاستهم في توظيف، أو ترقية وفقاً لأمور شخصية مستبعدين المستحقين والمبدعين والمؤهلين ليكون على حسابهم ذوو القربى، وهو فساد لا يقل خطورة عن الفساد المالي فكلاهما يؤثر على مسيرة هذا البلد، ويعيق نموها. وهناك من دمر سمعة جهات بسوء أخلاقه ووظف الجهة لمصلحته الشخصية دون أي اعتبار لأي شيء.
تعددت أشكال الفساد وتنوعت، وهذا مالا يقبل به سلمان العزم والحزم الذي أثلج الصدور بتلك الهزة التي أدهشت المجتمع بأكمله لأنه للمرة الأولى تكون هناك مثل هذه الإجراءات الصارمة التي لا تعرف كبير أو صغير، ولا تفرق بين الفاسدين الذين وجهت إليهم تهمة الفساد من مختلف الطبقات.