د. عبدالرحمن الشلاش
أقصد بالتدعيش هنا صناعة الإرهابيين المنضمين لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في كل السنوات الماضية، أو من زج بهم في حروب خاسرة وراح ضحيتها عشرات من الشباب المغفل.
إلى يومنا هذا يسود اعتقاد روج له بقوة من قبل بعض المتورطين أن «التدعيش» بل وكل الإرهاب في العالم صنع ونظم من قبل أعداء الإسلام وتورطت فيه الدولة الفارسية وعملاؤها في دول الخليج، وبالتالي لا يوجد أي أطراف أخرى لها علاقة بصناعة الإرهابيين والتحريض على الإرهاب! هذا الكلام فيه جزء من الصحة فلا أحد ينكر دور إيران وبعض الدول الغربية، وقطر في صناعة الإرهاب ودعمه وتمويله وتجنيد الإرهابيين وتجهيزهم والصرف عليهم وتوجيههم إلى الأهداف لكن أن يحاول البعض تبرئة رعاة المحاضن التحريضية المحلية فهذا ما لا يمكن قبوله والتسليم به.
إلى وقت قريب كنت أعتقد أن «التدعيش» محصور في بعض شيوخ التشدد المنزوين في أماكن بعيدة عن أنظار الناس حيث يوجهون أتباعهم إلى التكفير واعتناق كراهية الآخرين، والوقوف أمام أي محاولات لتطوير المجتمع والدفع به للأمام، وأيضا محصور في بعض الحركيين وطلاب الشهرة من المتواجدين في مواقع التواصل.
وكنت أميل إلى تنزيه كل الشيوخ الذين يظهرون الاعتدال من أي دور مشبوه في التحريض لولا أنني عثرت بالصدفة على مجموعة مقاطع تتضمن فتاوى لشيخ بارز كنت أحسبه من أكثر المشايخ اعتدالا ومحاربة لكل دعاة التكفير وقتل النفوس البريئة بغير حق. سأستعرض بعض هذه الفتاوى تاركا الحكم لكم.
سائل يقول يا شيخ صديقي في العمل لا يصلي. أجابه الشيخ هذا يقتل، هذا كافر كيف وظفوه أصلا! سائل آخر يا شيخ هل في الإسلام حرية اعتقاد؟ يجيب: هذا كذب، الإسلام جاء بقتل المشركين! سائل يقول والدي لا يصلي هل يجوز أن أقبل رأسه؟ يرد عليه لا يجوز لأن في هذا إظهار محبة للكفار! آخر يسأل يا شيخ طلبوا منا في المدرسة إلقاء النشيد الوطني ما العمل؟ الجواب أعوذ بالله هذه بدعة معصية!
طبعا هذا غيض من فيض وفي مقطع واحد ومن شيخ واحد. ربما بعض تلك الإجابات قديم نسبيًا، وبعضها حديث نسبيًا لكن هذا لا يبرر لأن مثل هذه المقاطع يتداولها العامة وتؤدي إلى تسميم أفكار الشباب! فهل ما زالت لدى البعض القناعة أن التدعيش لا علاقة لمحاضن الداخل به؟