عبدالحفيظ الشمري
موسم الحج في كل عام يحمل في مضامينه الجليلة وأعماله الكثير من وجوه الخير والعطاء، والسمو بالأخلاق نحو الفضائل، والتواصل الوجداني، والتضامن والتكافل، وقضاء الحاجات؛ فهو الحدث الإنساني الكبير الذي يجتمع فيه ملايين المسلمين امتثالاً لرسالة الإسلام الخالدة المتمثّلة في الركن الخامس من أركانه.
ويلاحظ في الأعوام الأخيرة أن حملات الحج باتت تنتهج أسلوب التيسير على الحجاج والمعتمرين رغبة منها في إيصال رسالة الحج في مضمون جميل، يتمثّل في مساعدتهم على إتمام شعائرهم بكل يسر وسهولة، لتنشأ في هذا المجال وتتكاثر حملات الحج الخيرية التي تحتاج منا إلى دعم ومؤازرة، لعلها تيسّر على من يرغب بالحج ممن هم غير قادرين على القيام به لضيق ذات اليد.
إلا أن هذه الحملات ورغم اتساع جهودها وأنشطتها فإنها لا تغطي كل المناطق.. فهناك من الشباب والشابات من ينتظر هذه الحملات لأكثر من أربعة وخمسة أعوام لم يصلهم الدور، بل إن من الشباب من تزوج وأنجب أطفالاً وهو وزوجته ينتظران بارقة أمل تتمم لهم دينه في تأدية هذا الركن المهم من أركان الإسلام.
ويلاحظ بشكل إيجابي أن بعض حملات الحج تخلصت - ولله الحمد - من كثير من المبالغة في تقديم الخدمات وارتفاع تكاليفها لأن متطلبات والتزامات القيام بأداء فريضة الحج صعبة وشاقة على ذوي الدخل المحدود والمحتاجين، وهؤلاء الشباب الذين هم في أمس الحاجة إلى موقف إنساني نبيل، يساعدهم على أداء نسكهم وشعائرهم بيسر وسهولة.
وتحتاج "حملات الحج الخيرية" على وجه التحديد إلى مواقف الخير من رجال المال والأعمال، والموسرين، وأهل الأوقاف من خلال مشاركتهم في تجهيز هذه الحملات التي سيستفيد منها الشباب والشابات، ومن يحتاج إلى مساعدة في أداء هذه الفريضة، فتبرعاتهم، وعطاؤهم، وبذلهم، سيكون فاعلاً ومؤثِّراً، وسيعكس الأهداف النبيلة للتضامن والتكافل والمساعدة كل بما يستطيع خدمة للمجتمع ولا سيما الشباب الذين ينتظرون منا كل عون ومساعدة.
ومع تطور هذه الحملات الخيرية فإن آلياتها الجديدة ستسهم بنجاحها، لأنها تعنى بشأن الشباب ومحدودي الدخل، وتعكس الرغبة الصادقة في أن يكون الحج بسيطاً وغير متكلّف، لتقضي هذه الآليات والوسائل المبتكرة على سلبيات بعض مظاهر المبالغة في النفقات وارتفاع تكاليف وتجهيزات المخيمات وحملات الـ vip وما يشبهها من حملات ترهق كاهل الحاج، ولا تعكس روح الحج ومناسبته التي تشير دائماً إلى التبسط والعفوية، وأن الناس سواسية أمام خالقهم في كل شيء.
فتوفير نفقات الحج والمساعدة على إتمام المناسك بيسر وبسهولة هو هدف رباني، ومطلب ديني ضروري، لذا فإن توسيع أنشطة حملات الحج الخيرية سيكون لها نتائج طيبة، وسيحذو حذوها الكثير من المؤسسات التي تبحث عن ما يفيد الحاج، ويحقق له الطمأنينة والسكينة، من أجل أن يكمل أركان حجه بيسر سهولة، امتثالاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).