عبده الأسمري
تمثّل الدراما واحدة من أهم أدوات ووسائل التأثير على المتلقين بمختلف شرائحهم وأطيافهم ومن خلالها تكون معادلة المؤثرات أكثر في رمضان لوجود ارتباط شرطي سنوي يربط المشاهدين بها من خلال سباق إعلاني محموم سبق الشهر الفضيل لعرض تلك المنتجات. في علم النفس السلوكي تؤثر الدراما بشكل مباشر أو غير مباشر على تصرفات الفرد وتؤثر في طريقة تفكيره وسبل تعايشه مع المواقف وآلية تعامله مع الآخرين.
في هذا العام تطورت المحاكاة الدرامية الموجهة إلى عقول الصبية والشباب والنساء بطريقة تحمل في باطنها «الخبث» وفي ظاهرها الرسائل النافعة والمفيدة بينما هي تسقط التهم وتوجه الإدانات على طريقة «غسيل الأدمغة الاحترافي» نحو الآخرين لتغيير مفاهيم وتعديل مسلمات نحو العديد من القضايا والظواهر والمجتمع.
عندما يظهر الأطفال يحملون الرشاشات وينامون، وهي بجانبهم وتخرج على الهواء لقطات خادشة للحياء وتصوير النساء الخليجيات بشكل لا يليق ودراما «العالم الخفي» ولقطات الرعب المفبركة وسيناريوهات الفتن والجريمة وكذلك تشكيل إيحاءات معينة لكل شعب فإن ذلك يعد توجيها دراميا للعقول المختلفة توجيه نحو الأطفال والكبار والنساء والشباب.
البث المفتوح للقنوات دون رقابة سوى من دعوات ونداءات شعبية على استحياء كل عام لنقد البرامج ومطالب لإيقافها جعلها تمارس التوجيه المغلف بمصالح شخصية واللعب على أوتار الطائفية وكذلك تلقين الأطفال وحشو عقولهم بالسلبيات والإيحاء بإظهار المرأة سواء السعودية أو الخليجية أو المسلمة بمنظر لا يليق بها ولا يعكس طبيعتها ولا تربيتها ولا حتى تفكيرها.
الدراما المعروضة تحاول القفز فوق أسوار المنطق وفعلت من خلال تحويل القضايا إلى مهازل تعالج من خلال فكرة كاتب النص أو مخرج العمل أو حتى شلة الممثلين من يضيفون إليه ما يجلب لهم الشهرة على حساب الدور. إضافة إلى أن بعض ما يعرض حاليا فيه إسفاف وتلاعب وسخف سواء في المعالجة أو طريقة الأداء أو من حيث توجيه أفكار هدامة يجعلنا أمام جبهة تنفذ الدراما بطرق احترافية وعلى طريقة «العصابات الخفية» محدثين في صفوف المجتمع سواء الأصدقاء أو المتابعين أو الأسرة جملة من المتناقضات والصراعات محدثين العديد من السلبيات وموجهين العديد من الرسائل السلبية الساذجة نحو أطفال قد تغفل عنهم الأسر أو شباب مستسلمين أو نساء غافلات يستأنسون بغسيل أدمغة يومي من خلال ما يعرض.
ما يعرض من تظليل للحقائق ومبالغة وإفساد في المضمون والبعد عن الحلول والمعالجة إلى إظهار المجتمعات والشعوب على غير حقيقتها وما تتضمنه المشاهد من هراء واستهزاء وتجاهل للقيم وتغافل عن الرقابة يجعلنا إما جبهة «إرهاب درامي متعمد» لنشر الجريمة وتسويق الرعب وتعليب الفهم في إطارات ذاتية وتشويه سمعة الأوطان وغسيل أدمغة موجه باحترافية إلى كل الشرائح بطرق خفية ومدروسة.
السؤال هل هنالك وعي كاف لدى المتلقين لمواجهة هذه الحرب بالعقل والتروي والدفاع المفترض ونبذ المعروض جملة وتفصيلا وكيف يتم ذلك.. وإلى متى يستمر هذا المضمون الموجه المعادي والمحبوك نحو الفرد والمجتمع.