الجزيرة - نبيل العبودي:
غريب أمر هذا الهلال لا يقتنع بأي شيء بل وحتى بكل شيء .. نَهَمُه بالذهب لا يتوقف عند حد مهما كانت الأطماع والمغريات تجده يضرب في كل ناحية باحثا عنه.. كلما سمع عن موضع به ذهب تجد له فيه موضعا ونصيبا يغرف منه غرفات يلتهم منه ما لذ وطاب.. حتى أصبح الذهب والهلال صنوان وعشيقان لا يفترقان مهما حاول احدهما الابتعاد يناديه الآخر مشتاقا لا تبتعد اقترب أكثر، وكأني بتلك الإنجازات هي من تبحث عن الهلال وليس هو من يناديها.. حتى أصبح الهلال زعيما كسحابة ممطرة تنهمر بالذهب جيلا بعد جيل.. لقد تشرب أبناء الكيان الازرق ونجومه منذ نعومة أظافرهم الإنجازات والالقاب حتى أصبحوا يتناقلونها ثقافة وإرثا خاصا بهم، حتى بقي الذهب هو من يطالب الهلال بالعودة وعدم الرحيل متى ما غاب عنه ولو لحين.
الهلاليون وحدهم هم من تجدهم جيلا بعد جيل عقدا ثمينا لا «ينفرط» وكأنهم حضروا في ميادين المنافسة من أجل الذهب ولا بديل عنه فنجوم الذهب الازرق تتوالى أجيالا بعد أجيال حتى إن خصومه أصبحوا ينادون في كل اتجاه لماذا الهلال فقط هو الثابت والبقية متحركون، هم فقط من يصنعون التاريخ وهم من يتبوؤون المراكز الاولى ومراتب الصدارة فيه، كل منهم ينافس نفسه فقط فكل جيل منهم له موعد مع الذهب..
زعامة بنو هلال لم تأت من فراغ بل هي حصيلة إنجازات وبطولات توالت على الخزانة الزرقاء خلال ستين عاماً مضت منذ أن تأسس الكيان الهلالي الذي تناوب على رئاسته اسماء كثر تتعاقب الاسماء على كرسي الرئاسة ويبقى الذهب شريكاً له، فلم تغب شمس الهلال يوما عن البطولات والإنجازات بل ظلت ساطعة تقدم لعشاقه منجزا بعد آخر متى ما فرغ من منجز التحق الآخر بسابقه واصطفا معا ليشكلا عقدا فريدا ثمينا يحمل اسماء كل البطولات على اختلاف مسمياتها.. الزعيم الملكي تفرد بالألقاب والإنجازات فلا يكاد قائد له يتفوق على من يأتي بعده.. فلوحة الشرف الزرقاء دونت لكل منهم حمل كأسا او درعا وان اختلفت المسميات الا أن بقية البطولات ظلت مقرونة بهم وبكيانهم، حتى صنع له هذه الشعبية الجارفة في كل مناطق المملكة وتفوقت عدديا حتى ان تلك الجماهيرية الزرقاء خارج ملعبه كان لها أثرها في الانتصارات والمساهمة بشكل فاعل في تلك المنجزات التاريخية التي نصبته زعيما ولم تتوقف تلك الزعامة على المحلية بل تخطتها الى القارية ولايزال هو سيدها وزعيما لنصف الارض، تلك المنجزات التي حصدها نجوم الزعيم جعلت من حي العريجاء منجم الذهب الثمين والنفيس.
تلك المنجزات المتتالية التي لم تتوقف على مدى سنين مضت وأجيال متعاقبة جعلتني أتساءل ترى هل مؤسس الكيان وشيخ الرياضيين- رحمه الله- كان يخطر على باله او يدور في خلده بأن ذلك الكيان سيكون العلامة الفارقة في الرياضة السعودية وزعيماً لأنديتها وسفيرا مفوضا لها.
نعم الهلال في كل عام لا بد وان يكون اسمه محفورا على لوحة الشرف فلا يكاد يخلو اسمه في أي موسم الا ما ندر وإن حدث فلا يكاد يتجاوز أصابع اليد الواحدة الا إن هذا الموسم جاء مختلفا للهلال في كل شيء فما فعله الامير نواف بن سعد مع بداية الموسم بالفريق كان لزاما ان يكون نتاجه مثمراً من خلال التعاقدات التي أتمها دعما منه للفريق في التشكيل الأساسي أو سندا لبنك الاحتياط ليشكل فريقا آخر داعما لفرقته الاساسية، فالخماسي الذي ارتدى القميص الازرق بقرار من وجه السعد وهم اسامة هوساي العائد من جديد الى بيته والرويلي والخيبري والنجراني وأخيرا المعيوف الذي نجح في اصعب اختبار لكونه يعود من جديد الى داره التي نشأ فيها بعودة اختلفت لكونها جاءت بعد أن أصبحت الحراسة الهلالية تتغنى بمن زرع لهذا المركز وهجا وصيتا وتاريخا هو الحارس الاسطوري محمد الدعيع المعتزل منذ عدة مواسم فالاختبار صعبا في ناد يحظى بتلك الشعبية الجارفة التي لا ترضى بغير الصدارة مكانا.. والحافظ الذي حافظ على مركزه كانوا نقطة الانطلاق والعودة مجددا للقب الدوري الذي ابتعد قليلا عن معقله ليعود خاضعا بأمر الهلال ونجومه، فوجه السعد اعاد اللقب المفقود منذ 5 اعوام بجهد مضاعف وعمل متواصل قبل ان يبدأ الموسم واثناء زحام التنافس وحتى نهايته بل إنه لم يكتف بذلك بل واصل الخطى والعمل الدؤوب الى أن جمع أقوى البطولات وأغلاها على الاطلاق الدوري وكأس المليك وجمعهما معا في معقل البطولات ودارها الازرق دون أن ينسى أو يتناسى وقفة اعضاء الشرف المستمرة معه ومع من سبقه فهم ايضا من يجعلوه في القمة دائما ويبقوه في المكان والمكانة التي يستحقها، الا ان المختلف هذا الموسم هو السيطرة الهلالية المطلقة على مستوى الاول والاولمبي والشباب التي توج فيها جميعا كبطل متوج جعلته الافضل في كل شيء وهوكذلك.
أخيرا يجب ألا ننسى وإن كان العقد الهلالي بجل نجومه صنعوا الإنجاز والافضلية الا انه يبقى المدربان سيبيريا ورامون دياز نقطة تحول اخرى في هذا المنجز هذا الموسم بحصول الفريق الكروي على لقب اقوى بطولات الموسم على الاطلاق بعد أن كاد جوستافو ان يعصف بكل الآمال والتطلعات ليحولا ذلك الى اهم منجز بقيادة نجوم تألقت وتعبت ونافست حتى آخر ثوان لقاءات الموسم الهلالي الذهبي.
وأخيرا وليس آخرا لن ينسى الهلاليون وأنصاره ومحبوه هذا الفريق الذهبي الذي رسم الابتسامة والفرحة على محيا كل الهلاليين هذا الموسم.