فضل بن سعد البوعينين
كشفت حلقة برنامج «بالمختصر» التي عُرضت على شاشة MBC وعلى لسان ضيفها المهندس نبيه البراهيم، العضو السابق للمجلس البلدي في محافظة القطيف، عن جوانب مهمة من ملف الإرهاب الدامي في بلدة العوامية، وعلاقته بتعطيل التنمية، واستهداف الوطنيين الباحثين عن الأمن وتطوير بلداتهم والارتقاء بمستوى المعيشة فيها.
ففي الوقت الذي يجتهد فيه سكان المدن والقرى في جميع مناطق المملكة للمطالبة بمزيد من التطوير ومشروعات التنمية والارتقاء بمعيشتهم وتوفير الخدمات العصرية كافة، يقف بعض (رجال الدين) وبعض الخارجين على القانون في العوامية ضد مشروعات التنمية والتطوير المعنية بإعادة بناء «البلدة القديمة» الحاضنة للمنازل الآيلة للسقوط، والمليئة بالأزقة الضيقة التي استغل الإرهابيون وتجار الأسلحة والمخدرات جزءا منها بعد أن هجرها أصحابها إلى الأحياء الجديدة، أو المدن القريبة، فحولوها إلى أوكار لزعزعة الأمن والإضرار بسكانها قبل الآخرين.
حمل المهندس نبيه البراهيم على عاتقه مسؤولية طرح مشروعات التطوير من خلال المجلس البلدي لمحافظة القطيف، وبدلاً من حصوله على عبارات الشكر والتقدير المستحقة من مجتمعه، تلقى وابلا من رصاص الإرهابيين في محاولة دنيئة لاغتياله، واغتيال مشروعه، ووطنيته التي أسهمت في عرقلة مخططاتهم الإجرامية المرتبطة بإيران.
تحدث المهندس نبيه عن «الأغلبية الصامتة» ودورها في استدامة الأعمال الإرهابية، وهذا أمر واقع، لا يقتصر على بلدة «العوامية» فحسب، بل في المجتمع القطيفي الذي لا تجد فيه إلا القلة المنددة بأعمال الإرهابيين، ويتجاوز ذلك إلى رجال الدين، أصحاب الفكر والإعلام، من المحسوبين على التيارات الحقوقية النشطة، ذات الصوت المرتفع في القضايا المختلفة، إلا فيما يخص أمن الوطن ومواجهة الإرهابيين المنتمين إلى طائفتهم، بل قد نجد تجاوزا جليا من بعضهم في نقدهم أو تحفظهم على العمليات الأمنية الموجهة للقضاء على عملاء إيران في المنطقة، والخارجين على القانون وتجار الأسلحة والمخدرات.
الأكيد أن عددا كبيرا من الأغلبية الصامتة في القطيف لا تقبل بالأعمال الإرهابية، والإخلال بالأمن، غير أن الخوف من الإقصاء والمواجهة يحملهم على الصمت، وهو أمر لا ينطبق على الصامتين عن قصد ورضا، ومنهم عدد لا يستهان به من رجال الدين والمفكرين والكتاب والإعلاميين.
الصمت عن نصرة الوطن خيانة، والتستر على المجرمين جريمة وهو أمر ينبغي أن يواجه به الجميع بشفافية مطلقة ومساءلة صريحة لضمان تكريس الأمن وتجفيف منابع الإرهاب وهدم أوكاره والقضاء على العملاء والمجرمين العابثين في أمن الوطن.
مشروع «تنمية العوامية» من مشروعات التطوير الرائدة، وأهميته العمرانية والسكانية والأمنية تفرض على الجميع دعمه والمطالبة بتنفيذه بأسرع وقت، لا الوقوف حجر عثرة أمام برامجه التطويرية التي ستحول البلدة القديمة إلى محور للتنمية ومركز للجمال والإبداع الحضاري.
عمليات الإرهاب الموجهة ضد السكان ورجال الأمن تأخذ من الأحياء المهجورة مركزا لها، وتستغل البلدة القديمة في عمليات التخطيط والإيواء والمهاجمة والهروب، إضافة إلى استثمارها تلك المواقع لمهاجمة مناهضيها من أهالي العوامية أو مدن وقرى القطيف.
الأمر عينه ينطبق على المزارع المهجورة أو الأوقاف المهملة التي تحوّلت إلى مراكز للإرهابيين والخارجين على القانون.
استهداف رجال الأمن وسكان البلدة المعارضين لأعمال الإرهابيين، انطلاقا من تلك المواقع تستوجب سرعة تنفيذ مشروع تطوير العوامية والأحياء القديمة وفتح الشوارع وربطها بالشوارع الرئيسة وربط العوامية بطريق واسع يربطها بطريق الجبيل الظهران السريع.
التنمية عدو الإرهابيين الأول، وهذا ما نراه واضحا في بلدة العوامية التي يشتكي أهلها من تأخر التنمية فيها، في الوقت الذي يواجه الإرهابيون فرق التطوير والبناء بأسلحتهم القاتلة.
تجفيف منابع الإرهاب تستدعي إنجاز مشروعات التطوير بفترة زمنية قصيرة، ومراقبة ما يصدر من خطب عدائية وتحريضية من بعض علماء الدين، ومحاسبة المخالفين، واستنطاق الصامتين. الحياد في قضايا أمن الوطن خيانة، والصمت أو التستر على المجرمين جريمة تستوجب المحاسبة والعقاب.