جاسر عبدالعزيز الجاسر
يقول المعترضون على القصف الصاروخي الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية ضد القاعدة السورية التي انطلقت منها الطائرات الحربية التي ألقت قنابل تحوي غازات سامة على مدينة خان شيخون في محافظة إدلب السورية، بأن القصف الصاروخي انتهاك للسيادة السورية، ومع أن هؤلاء الذين يتباكون على السيادة السورية هم أكثر الأطراف انتهاكاً لهذه السيادة التي يربطها هؤلاء المتباكون بشخص ونظام منبوذ من شعبه ومن الأسرة الدولية إلا ما تبقى من حلفائه الطائفيين ومن يسعى للحصول على موقع في منطقة مهمة طرد منها نتيجة وقوفه مع أنظمة متسلطة.
والآن لنناقش مفهوم السيادة، وموقف المتباكين، وموقف الرئيس الأمريكي الذي أمر بتنفيذ الضربة الصاروخية التي لابد وأن تحدث تغييراً في طرق معالجة الانتهاكات المتكررة التي جعلت من سوريا ومعها دول عربية أخرى بلا سيادة، فسوريا التي يتباكون على سيادتها مستباحة حتى من المليشيات الطائفية والإجرامية بما فيها العصابات التي كانت تمتهن السلب والسرقة وقطع الطرق وفرض الأتوات، فهذه المليشات المجرمة أصبحت ضمن تشكيلات النظام الذي يحكم سوريا للاستعانة بأفرادها لإخضاع من تبقى من الشعب السوري، أما القرار السياسي فموزع بين من يفرض هيمنته المعززة بالحضور المليشياوي الطائفي والتواجد العسكري على الأرض السورية إذ تفوق عناصر المليشيات الطائفية التي جمعت كل المتطرفين الطائفيين من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان والهند وباكستان واليمن والبحرين، بالعدد والسلاح أعداد الجيش السوري والذي أصبحت العديد من وحداته تأتمر بأمر ضباط من الحرس الثوري الإيراني ومن القادة الميدانيين للمليشيات الطائفية، وهناك الكثير من المدن يديرها مليشيات حزب الله اللبناني الذين منعوا وفي عدة مرات مسؤولين في الإدارات السورية العسكرية والمدنية حتى من دخول مدن سورية معينة كما حصل في الزبداني وبعض أحياء حلب التي استولت عليها قوات النظام بعد القصف والتدمير الروسي.
هذه السيادة السورية التي يتباكى عليها حلفاء النظام الذي يسمح بكل هذه الانتهاكات لا يتحدثون عن عشرة آلاف جندي روسي من القوات الخاصة على الأرض السورية ولا عن مئات الطائرات المقاتلة ولا عن قاعدتين حربيتين، ولا يتحدثون عن قيام روسيا وإيران وتركيا ببحث ترتيبات الأمن في سوريا دون حضور أي من الجانب السوري لا نظام بشار الأسد ولا المعارضة الوطنية.
عن أي سيادة يتحدثون ورئيس النظام يتفنن في جعل السوريين يهاجرون من بلادهم، بعضهم يهرب من الموت الذي يلاحقه في بلده، فيقتل بالغازات والأسلحة الكيماوية، والبعض الآخر بالقنابل الحارقة، وآخرون بالبراميل المتفجرة، وما تبقى يقتل برصاص المليشيات الطائفية والجماعات الإرهابية من داعش والنصرة، والذي يفلح في الهروب من بلده يصبح طعاماً للأسماك في البحر الأبيض التي التهمت أكثر من خمسة آلاف سوري، ومن أفلت من أسماك البحر الأبيض ومن القتل الممنهج يتوزع على أماكن استقبال المهاجرين في الدول العربية التي فتحت أراضيها لهم والدول الغربية التي رغم شتائم حلفاء بشار الأسد ونظامه إلا أنها تعامل السوريين أفضل من زبانية النظام.
إذن أين هي السيادة.. وما قيمة السيادة حين لا يجد الإنسان اعترافاً بإنسانيته فيقتل بالكيماوي.