محمد آل الشيخ
النشاط السياسي السعودي على أعلى المستويات يشير إلى مؤشرات عدة، لا يمكن لأي كاتب في الشأن العام إلا أن يتوقف عندها. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يقوم بزيارات متعددة للدول الآسيوية، مستقبلا بحفاوة، بل واحتفالات أصبحت هي الخبر الأول في كل دولة يزورها، ويصاحبها توقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية من شأنها توثيق عرى التعاون المشترك.
آسيا لأسباب موضوعية، وبالذات اليابان والصين وكذلك الهند، هي ذات مستقبل واعد، كما تشير مؤشرات النمو، لذلك فإن تمتين العلاقات التجارية والثقافية معها من شأنه أن يعطي المملكة خيارات أفضل، سيما وأن دول الشرق الأقصى تتمتع بميزة نسبية من حيث الأسعار تتفوق فيها تفوقا واضحا على الغرب، أضف إلى ذلك أن ليس من الحكمة أن تحصر علاقاتك التعاونية الدولية بعدد محدد من الدول، فكلما زادت خياراتك زادت في المقابل قدراتك على المناورة والاختيار؛ هذا طبعا إضافة إلى أن حراكنا الدولي النشط، سينعكس انعكاسات إيجابية على مكانة المملكة وثقلها، خاصة وأننا ومعنا دول الخليج نواجه عدوا شرسا له أطماع توسعية، ورغبة في النفوذ في المنطقة.
وليس لدي أدنى شك أن هذه الزيارة الآسيوية من شأنها أن تحاصر العدو الفارسي سياسيا واقتصاديا، بالشكل الذي يسعى إلى عزله، ويضغط عليه للتخلي عن العداوات، والرضوخ مضطرا إلى السلام.
وفي الوقت نفسه، و في الغرب، يقوم الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، بزيارة إلى الولايات المتحدة، وهي الأولى لمسؤول خليجي رفيع، وتقول الأنباء القادمة من أمريكا والتي تحدثت عن الزيارة أن وجهات النظر كانت متطابقة بين الزعيمين، وأنها تبشر بإصلاح وتقويم العلاقات السياسية بين الطرفين التي سعى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى زعزعتها، وإفسادها، كما لم يفعل رئيس أمريكي على مر تاريخ العلاقات الإستراتيجية السعودية الأمريكية. وكنت متوقعا أن يلقى الأمير الشاب، والحيوي، هذا النجاح المبهر، وحفاوة الاستقبال المتميزة، فقد كانت المكالمة الهاتفية بين الملك سلمان والرئيس ترامب بعيد انتخابه أول المؤشرات التي تشير إلى أن غمامة أوباما المشؤومة قد انقشعت، وأن صبحا جديدا يلوح في الأفق، معيدا العلاقات التاريخية بين المملكة وأمريكا إلى ما كانت عليه؛ بعد تلك السنوات العجاف الأوبامية التي لم تسئ لعلاقاتنا مع الولايات فحسب، وإنما كانت وبالا وخرابا على المنطقة برمتها، بسبب ضعفه وتردده، فجاء ترامب ليصلح ما دمره سلفه، وأول الغيث قطر ثم ينهمر.
وأختم هذا المقال بتصريح معبر قاله الدكتور وليد فارس، مستشار الرئيس ترامب في حملته الانتخابية عن الزيارة يقول: (إن الحد من التوسع الإيراني في المنطقة كان حاضرا على طاولة المباحثات بين الأمير والرئيس لافتا إلى أن هذه الزيارة تدشن لعهد جديد من العلاقات المتميزة بين البلدين) .. وكان الرئيس الأمريكي ترامب طوال حملته الانتخابية يشن على دولة الملالي حملة شرسة، معترضا على الاتفاقية النووية التي أبرمها أوباما مع إيران، وقد كانت بالفعل اتفاقية مهينة لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية.
إلى اللقاء