«الجزيرة» - المحليات:
افتتحت معالي مديرة جامعة الأميرة نورة منتدى الطفولة والإعلام المعاصر أمس، بمشاركة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، ومعالي الشيخة مي آل خليفة، وبمشاركة العديد من أصحاب السمو الأميرات والأكاديميين من جامعة هارفارد وجامعة الملك سعود وجامعة الأميرة نورة، ووزارة الداخلية، وبحضور نخبة من الكتاب والكاتبات والقيادات المتميزة، وذلك لثلاثة أيام متتالية بمركز المؤتمرات بالجامعة.
واحتوى المنتدى على العديد من الجلسات الهامة في مجال الإعلام والطفولة، حيث استهل المنتدى أولى جلساته بكلمة معالي مديرة الجامعة الدكتورة هدى بنت محمد العميل ذكرت من خلالها أن المنتدى يأتي استكمالاً لالتزام الجامعة بقضايا الطفولة المعاصرة وأهمية مساهمة الجامعات في تحقيق رؤية 2030 التي تؤكد على دور الأسرة وبناء شخصيات الأبناء للحصول على مجتمع حيوي ببنيان متين، وأشارت إلى أن هذا المنتدى يهدف إلى لفت الأنظار إلى أهمية الاعتناء بما يتلقاه الطفل من مواد إعلامية بجميع أشكالها ومضامينها، والسعي الجاد لتوفير إعلام معاصر يسهم في نمو الطفل الصحي ويتيح للطفل ثقافة سليمة تعزز شعوره بهويته الوطنية، وانتمائه إلى دينه ووطنه وعروبته، وتمده بالقيم والمفاهيم الإيجابية.
بعد ذلك ألقت معالي الشيخة مي بنت محمد الخليفة رئيسة هيئة الثقافة بدولة البحرين كلمة افتتاحية أكدت من خلالها على أهمية تطوير منظومة التعليم والرعاية لتكون شاملة وقادرة على تلبية كافة احتياجات هذا الجيل، ولابد أيضا من استثمار الإعلام كونه أحد أعمدة استقرار وبناء البلدان الحديثة لقدرته على تجاوز الحواجز المادية والوصول إلى أكبر قدر ممكن من الجماهير.
وناقش المنتدى العديد من القضايا في جلساته من بينها جلسة حول الطفل والإعلام ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل شكر خلالها معالي مديرة جامعة الأميرة نورة الدكتورة هدى بنت محمد العميل على دعوتها الطيبة، كما توجه بالشكر لصاحبة السمو الأميرة الجوهرة بنت فهد بن خالد، ولجميع منسوبات الجامعة الفتية جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي تحمل اسماً عزيزاً على القلوب وهو اسم شقيقة وعضد مؤسس هذه البلاد العزيزة، وقال سموه في معرض حديثه ( قري عيناً يا أماه يرحمك الله فقد تحققت أحلامك وتحقق شعارك - تعليم المرأة هو سلاحها- لقد تحقق ما كافحت لأجله طوال عمرك ليصبح تعليم البنات مساوياً لتعليم البنين) وقد أكد سموه أن الجامعة أحسنت في التبني المبكر لقضايا الطفولة والاهتمام بها، على أمل أن تجد مخرجات هذه الجهود صداها وأن تعكس السياسات العامة المعنية بتربية وتنشئة وتعليم وتحصين بناتنا وأبنائنا ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات هذا العصر الجديد والتكيف مع متطلباته بما يحقق تطلعاتهم وتطلعات مجتمعنا.
تلى ذلك محاضرة تتناول الإعلام وصحة الطفل ونموه يقدمها Dr. Joshua Sparrow من كلية الطب بجامعة هارفارد حيث تحدث حول تطور نمو الإنسان ضمن إطار بيئي شامل و متفاعل يتضمن الأسرة والجيرة و أفراد المجتمع و المؤسسات مؤكداً على دور العلاقات المتفاعلة في النمو و التعلم.
تلى ذلك جلسة حوارية حول الأمن الفكري وتعزيز الهوية الوطنية في إعلام الطفل، والتأثيرات الإيجابية والسلبية لوسائل الإعلام على الطفل مع سعادة أ.د.عزيزة المانع حيث ذكرت أن الطفل يرتبط بهويته عبر مصادر ثلاث وهي الأسرة والمدرسة والإعلام، مؤكدة على أن مكمن الضرر هو أن الإعلام يقدم منتجات أجنبية لها ضرر بالغ على الهوية، وأن الانفصال بين ما يشاهده الطفل وما يعايشه في واقعه يشعره بذبذبة فكره ويضعف الشعور بالانتماء.
فيما أكد سعادة د. فهد الغفيلي أن أي تعدٍ على الدين أو اللغة أو الوطن يعتبر تعدياً على الهوية، والأن أصبحنا نرى التساهل في أمور هي مكون وموروث ثقافي لنا مثل اللغة والتقويم الهجري، وذكر سعادته أن الدراسات أثبتت أن معظم الأطفال يعرف كيفية استخدام الأجهزة الذكية قبل أن يتجاوز العامين.
وقد أكدت سعادة عميدة كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الأميرة نورة د. جميلة اللعبون على أن الضبط الاجتماعي الذي يتكون من الدين والعرف والقانون والأخلاق والرقابة هو ما يعزز الوحدة الوطنية، ولتعزيز الهوية الوطنية في إعلام الطفل يجب استثمار التراث الإسلامي في نوعية وتوجيه النشء نحو الولاء للوطن واستلهام معاني التسامح.
وفي الجلسة الخامسة ناقش المنتدى التأثيرات الإيجابية والسلبية لوسائل الإعلام على الطفل مع د.لميس سليم وDr.NataschaGrandallو Dr.Nicole Seymour حيث تمت مناقشة تأثيرات البرامج التلفزيونية والتطبيقات الرقمية في تنمية الأطفال قبل سن المدرسة، وقد ركزت الورقة العلمية على اللغة و الأبعاد الاجتماعية العاطفية فضلا عن اللعب على الجوانب البارزة للتنمية في هذه الفئة العمرية.
اختتم المنتدى بجلسة تناولت نماذج ناجحة في إعلام الطفل، حيث استضافت الجلسة، أ.كايرو عرفات لعرض تجربة برنامج (افتح يا سمسم) ذكرت من خلالها أن برنامج افتح ياسمسم ابتدأ قبل 35 عاماً، وعاد من جديد العام الماضي، وخلال سنتين تم عمل دراسات طويلة لإعادته بشكل متميز، وأكدت على أن الأطفال سريعو التعلم مما أمامهم مهما كان، وأن اللغة الأم مهمة جداً في تعزيز الهوية وهي لا تأتي إلا من خلال الإعلام كونه المجال الأكبر للتأثير في الطفل. وفي ذات السياق أكدت سمو الأميرة الدكتورة سارة بنت فيصل بن بندر آل سعود أثناء عرضها لتجربة (Anamil tech) أن هدف الشركة هو تشجيع الأطفال في سن ما قبل المدرسة على اكتساب كلماتهم الأولى بلغتهم الأم، وأتت هذه الفكرة من صميم تجربتها الشخصية.
وقد تحدث مخرج فيلم بلال الأستاذ أيمن جمال عن قصة إنتاجه لفيلم بلال، حيث بدأت الفكرة من خلال الدراسة، وأدرك من خلاله أن دور الإعلام تغيير الانطباع وليس تغيير السلوكيات، وذكر أنه استغرق العمل على السيناريو الخاص بالفيلم ما يقارب السبع سنوات وتم تنفيذه بغضون ثلاث سنوات، وبعد انتهاء الجلسة تم عرض فيلم بلال.
وقد بلغ إجمالي الحضور لجلسات المنتدى ما يقارب ألفين وخمس مائة شخص ما بين أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية والطالبات والضيوف من خارج الجامعة.
وعلى هامش المنتدى افتتحت معالي مديرة جامعة الأميرة نورة معرض (مرناة) الثقافي حيث تضمن العديد من الأركان والمشاركات من عدد من الجهات بلغ عددها 12 جهة.
45 ورشة تدريبية
واحتوى منتدى الطفولة والإعلام المعاصر على عدد من الفعاليات المصاحبة حيث يتم تقديم 45 ورشة تدريبية طوال فترة المنتدى، إضافة إلى حضانة للأطفال، وألعاب رائعة من شركة أحاجي لابتكار الألغاز وحلها مع الأطفال الزوار لتحقيق المتعة المرتبطة بالمعرفة، بالإضافة لتواجد عربات الأطعمة المتنقلة، ليكون يوماً عائلياً مفعماً بالمعرفة والإبهار والترفيه لجميع أفراد العائلة.
والجدير بالذكر هو مشاركة عدد من صناع القرار وممثلي الوزارات المعنية، والمتخصصين بالطفولة والإعلام بالمنتدى. يأتي ذلك إيمانا من جامعة الأميرة نورة بدور الإعلام وقنواته المختلفة في بناء شخصية الأطفال، ورغبة منها في نشر الوعي بحقوق الطفل ومن أهمها حقه في إعلام هادف وصديق مناسب لاحتياجاته في مختلف مراحله العمرية، واستنادا إلى الدور الحيوي للجامعات في نشر المعرفة للمجتمع.
45 ورشة تدريبية على مدار ثلاثة أيام في جامعة الأمير نورة
ولنشر الوعي بحقوق الطفل وتسليط الضوء على احتياجات الطفولة ودور صناع القرار والباحثين والممارسين في تلبيتها قدم المنتدى 45 ورشة تدريبية تُعنى بالإعلام ودوره في التأثير على الطفولة والفرص المتاحة وكيفية استثمارها لصالح الطفل، ومن منطلق هذه الأهمية الكبرى سعت جامعة الأميرة نورة لخلق أفضل المنصات التي من شأنها الارتقاء بالإنسان والاستثمار فيه إذ إنه الأساس الذي تشيد به الحضارات، ومن أجل ذلك استقطبت متخصصين في مجال الطفولة والإعلام محليًا وعالميًا لتقديم الورش التدريبة في المنتدى.
وتنوعت الورش من حيث شموليتها لكافة النواحي المتخصصة بالإعلام الموجه للطفل تربويًا و ممهاريًا ومهنيًا وأمنيًا، كذلك الدراسات والبحوث الإعلامية، وقدمت هذه الورش لمدة ثلاثة أيام في مقر إقامة المنتدى بمركز المؤتمرات في جامعة الأميرة نورة، وكان من أبرزها ورشة «تأثير الأفلام الكرتونية المقدمة ببعض القنوات التلفزيونية على القيم لدى الأطفال والتي كانت من تقديم الدكتور رماز حمدي، وعرض فيها الآثار والمخاطر المترتبة على مشاهدة الأطفال لبعض الأفلام الكرتونية وتأثيرها في تنمية القيم كما نوه حمدي إلى دور الأسرة في تقييم استخدام التلفاز.
بينما قدمت الدكتور غادة الموسى «عادات العقل شخصيات كرتونية» تحدثت فيها عن كيفية الاستفادة من الرسوم المتحركة في تعليم الأطفال وعادات العقل للتمكن منها واكتشاف معانيها والقدرة على تطبيقها في حياتهم اليومية، و جاءت ورشة « Happiness in the DioitalAge: what does the science teach us» من الدكتورة لميس السليم تحدثت فيها عن كيفية أن تكون وسائل الاعلام الاجتماعية أداة لبث السعادة في حياتنا، وحياة من حولنا من خلال بعض الخصائص منها: الأصالة، اليقظة، الفكاهة، والتواصل الاجتماعي.
وعن ورشة « What Makes a Good Ann for your Preschooler and why» التي قدمتها الدكتورة سارة آل سعود حول كيفية التعامل مع العدد الكبير من التطبيقات في متاجر البرامج وعمق المحتوى الفعلي وتقديم الممارسة الرئيسية حول كيفية التقييم الفعال للمعلومات وسهولة استخدامها.
وفي الجانب الأمني والوقائي تحدثت ورشة الدكتورة مها الكلاب «طفلي بين الفن والإعلام» عن التأثير الأمني الناتج من بعض البرامج الداعية للعنف والجريمة، وفيها سلطت الضوء على التربية الوقائية للأطفال في ظل هذه الآثار المشهودة، وفي ذات السياق أتت ورشة «المبادئ المهنية اللازمة لمعالجة قضايا الطفولة في الإعلام السعودي» قدمتها الدكتورة ناهد باشطح للتعرف على إيجابيات وسلبيات الإعلام الجديد في مخاوفه وتبعاته، والعادات الحسنة لاستخدام وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية.
وعن تطوير مهارات الطفل عبر الإعلام كانت ورشة «نافذة على عالم كتب الأطفال المعاصر» للدكتورة أروى الخميس ذكرت فيها رصد لبدايات الأدب ومراحل تطوره في سبيل استيعاب التوجه الجديد والعالمي في أدب الأطفال بشكل عام والعربي والسعودي بشكل خاص كعنصر مهم من عناصر الإعلام الحديث لما له من دور فعال في إثراء حياة وشخصية الطفل كما تطرقت إلى مفاهيمه ولغته وتذوقه وتنمية مفهومه للحياة.
تحت عنوان «التربية الإعلامية في عصر المنصات الجديد» قدمت الدكتورة وفاء الطجل أساليب بناء الوعي الإعلامي لدى الطفل ودعم استراتيجيات التنشئة التي تكفل بناء الوعي الذاتي ومراقبة النفس واختيار الأصلح لإيجاد التوازن النفسي المنشود في شخصية الطفل.
وذكرت الدكتورة هويدا الدر الأساليب العلمية التي يمكن من خلالها التطبيق العملي لأساسيات التربية الإعلامية للطفل للحد من المخاطر السلبية لوسائل الإعلام وذلك من خلال ورشة «أساليب تفعيل التربية الإعلامية للطفل»، كما تحدثت الدكتورة نورة العبيد عن ذات المفهوم بالإضافة إلى التدابير التي يمكن اتخاذها من القائمين على تربية الطفل إلى تعامل آمن مع تقنية المعلومات في ورشتها التي قدمتها في المنتدى.
فيما خصصت أ. فاطمة الحسين ورشتها عن» التأثير السلبي للإعلام على الطفل بالقراءة» و أشارت إلى العوائد الإيجابية من قراءة الأدب الراقي مع الطفل، وتنمية القدرة على التفكير الناقد لديه والذي يتيح له فلترة ما يصل إليه من رسائل.
أما بالنسبة إلى الخصائص العمرية لدى الأطفال وارتباطها بالتعليم فذكرتها الدكتورة سارة العبدالكريم من خلال ورشة «الذكاءات المتعددة والتعليم» حيث عرّفت أنواع الذكاءات المتعددة والفروق بين الجنسين لدى الأطفال في سن 5-6 سنوات، وآلية تطوير عملية التعليم والتعلم لتشمل جميع مهارات المتعلم لتحقيق التنمية الشاملة المتكاملة للفرد الذي نصت عليه وثيقة سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية.
وعن «أثر الإعلام المعاصر على النمو العقلي للطفل وأدوار الوالدين في مواجهة أثاره السلبية» قدمت أ. نادية السيف و د. زينب بهنساوي ورشة عمل لكيفية استخدام وسائل الإعلام حسب الشريحة العمرية لكل طفل وما يناسب كل سن وما آثارها على النمو العقلي للطفل.
في حين قدمت الدكتورة هند الخليفة ورشة «إعلام صديق للطفولة» وفيها زودت المتدربات بالمهارات اللازمة لإعداد الأخبار والتقارير حول قضايا الطفولة، كما ركزت على المحتوى الإعلامي المتعلق بقضايا الطفولة، ووضعت معهن تصور للاستراتيجية الإعلامية لمعالجة قضايا الطفولة وفيه نوهت الخليفة إلى سبل ووسائل وقاية الأطفال من الإعلام الهدام، إضافة إلى توعية الأسرة بتأثير الرسوم المتحركة والبرامج على الأطفال من حيث القيم والسلوكيات والأفكار وكيفية التعامل مع بعض المواد الإعلامية.
جاءت هذه المبادرات ضمن استراتيجة الجامعة الرامية إلى رفع مستوى الوعي الإعلامي الاجتماعي الذي يشارك في تحقيق أعلى المستويات التربوية والعلمية التي تتطلع لها بلادنا كما قالها خادم الحرمين الشريفين بعبارة تتوج رؤية 2030 «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك».