تود دارة الملك عبدالعزيز الإشارة إلى ما كتبه الكاتب محمد آل الشيخ في صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء 21-3-1438هـ العدد (16154)، ومن خلال زاويته (شيء من) تحت عنوان (موسوعة وثائق التأسيس) الذي طالب فيه بإنشاء مدونات موثقة عن جهود تأسيس الملك عبدالعزيز للمملكة وكيف تعامل - رحمه الله - مع الظروف، وأن تكون هذه المدونات مبنية على شواهد موثقة ومحايدة.
ومع التقدير للاقتراح المشار إليه إلا أنه يبدو أن الكاتب ليس مطلعاً على وجود مؤسسة وطنية هي دارة الملك عبدالعزيز تهتم بهذا الجانب وتحت رعاية كريمة وتوجيه كريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، وتعاون كبير من أساتذة الجامعات والمهتمين. فقد حرصت الدارة على رصد وتوثيق الوثائق التاريخية للملك عبدالعزيز - رحمه الله - وللمجتمع السعودي بصفة عامة من خلال مشروعات وطنية مثل مشروع «مسح المصادر التاريخية» الذي شمل جميع مناطق المملكة بمدنها وقراها ومراكزها منذ عام 1416هـ وحتى عام 1431هـ، وكان من ثمراته جلب عدد من الوثائق والمخطوطات والصور الفوتوغرافية عن أنحاء المملكة، وترميم ما يحتاج منها، وإحياء العناية بالمصادر التاريخية، وفتح شراكة بين الدارة والمجتمع للاهتمام بها وتقدير المهتمين بها.
ومن إسهامات الدارة الأخرى التي تشرفت بها مناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية التي هي فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله، التي أصبحت حالة علمية وفكرية ثرية كان من مخرجاتها نشر العديد من الوثائق التاريخية التي تؤرخ لبدايات الدولة السياسية والتنموية والعلاقات الدولية. وهذه الوثائق تعد قاعدة بيانات شاملة لكل الجوانب في حياة الملك عبدالعزيز بما فيها رؤاه الفكرية والدينية ومنهجه في إدارة شؤون البلاد والإنجازات الحيوية والتنموية والدروس المستفادة للأجيال الحالية والمقبلة ورصد للمنجزات الحضارية التي حققها الشعب السعودي في بداية الانطلاق بعد إنجاز التأسيس باسترداد الرياض، وبالتالي هي مدونة موثقة مدعمة بنماذج من الوثائق والصور الفوتوغرافية تم إنجازها وفق عمل مؤسسي بعيداً عن الاجتهادات الفردية، وحققت هذه الإصدارات والوثائق وقواعد المعلومات الشاملة فكرة الموسوعية، وهي مصادر للبحث والاطلاع ومتوافرة إلكترونياً.
واليوم وبتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين وعناية خاصة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الإدارة، فالدارة بدأت بالتحضير لمشروع جديد يتعلق بنقل المعلومات التاريخية للشباب من خلال إنتاج صيغ تقنية تحول الوثائق الورقية والمعلومات التاريخية النصية إلى نصوص إلكترونية ومرئية باستثمار منصات الإعلام الجديد ووسائله المتنوعة ويتواكب مع اهتمامات الأجيال الجديدة.
وما أشار إليه الكاتب من بدائية الحفظ وعدم أرشفة الوثائق التاريخية التأسيسية بعيد عن الحقيقة ويعكس عدم الدقة وعدم التحقق. فالدارة توفر جزءاً كبيراً من الوثائق بطريقة إلكترونية وتعمل على الجزء المتبقي وتقوم بحفظها وفق أحدث المواصفات المهنية الدولية. والذي يمكن قوله هو أن الكاتب لم يقم بزيارة واحدة لدارة الملك عبدالعزيز للاطلاع والتعرف على حقيقة ما يتم. ويعبر هذا المقال عن ما يسمى بتناول الموضوعات عن بعد دون بذل جهد يُذكر للتحقق ومعرفة الواقع الذي يعد بارزاً وواضحاً ولا يمكن إغفاله من جهة، والنظر إلى الأمور بالطرق التقليدية التي لم يعد جيل اليوم يهتم بها من جهة أخرى. مع الشكر لصحيفة الجزيرة على حسن الاهتمام بموضوعات تخدم تاريخ بلادنا الغالية.