محمد بن يحيى القحطاني
المتتبع للشأن الإنساني الأبهاوي، يلحظ أن هذه المدينة المحتلة لقلوب الملايين، تغني كيفما تشاء ومتى شاءت، هي تنتج أغنية كل يوم.
أبها التي تعلّمت منها كيف يكون الصوت الشجي، تلعب دوراً مهماً في تصوير حالة «الطرب» لكل فؤاد، لذلك قلَّما يأتيك أحدٌ من هناك وصوته «نشاز»، أبها لا تغني لمجرد الغناء، بل هي حالة مستدامة في جينات أهلها.
الجميع في أبها يدندن أغنية، حتى وإن كان في أقسى لحظات حزنه أو اعتكافه، وهي إلى جانب ذلك، أفرزت لنا أصواتاً مهمة في خارطة الغناء العربي، لعلَّ أبرزها على الإطلاق فنان العرب محمد عبده.
في روايته «الحزام» التي صدرت سنة 2000، يقول الـ «خلفي» أحمد أبو دهمان: هنا يُولد الأطفال وهم مبللون بالغناء، يمتزج بأجسادهم من الولادة إلى الموت، وهؤلاء الذين ندفنهم يتحولون إلى أغنيات داخل الأرض. في السنوات الماضية، كانت أبها علامة «مضيئة» ولامعة للحفلات الغنائية، إذ شهد مسرح «المفتاحة» في سنوات مضت شهرة عربية واسعة باحتضانه حفلات غنائية، كانت محط أنظار الوطن العربي، وصعد على خشبته كبار الفنانين في السعودية والخليج والوطن العربي.
واليوم، وأبها تحتفل عاماً كاملاً بصفتها عاصمة للسياحة العربية، فإن عودتها للغناء أمر حتمي، وضروري، فهي بذلك تلعب دورها الذي تجيده بامتياز، ولا أحد يضاهيها في هذا الجمال.
أبها، لا تُحسن العيش بلا غناء، كذلك هم أهلها وإن كذب عليكم أحد بعكس ذلك، فأنا منها وأعرف كيف يتنفس الجنوبي، إذ كيف للأغنية أن تبقى صامتة؟ في الرقصات الشعبية «مثلاً» والتي تزخر بها عسير، تجد أن لها امتدادات مماثلة في دول العالم من إفريقيا وشمال آسيا وشرقها وحتى أمريكا اللاتينية، إن عسير تتناغم مع العالم في أغنياته ورقصاته الشعبية واحتفالاته. وبالعودة إلى احتفالات أبها كعاصمة ثقافية عربية، فإنني أشعر كما أرغب بعودة الحفلات الغنائية إلى مسرحها العريق لتؤدي مدينة الجمال دورها الحقيقي إلى جانب أشياء كثر تُبدع في تصديرها، كمدينة تنعم بالمطر والأغنية.