هو العالم العابد والورع الزاهد الشيخ محمد بن ناصر بن حسن الوهيبي. وأسرته أهل فضل وعلم وتعليم معروفون بحسن السيرة ومكارم الأخلاق والسجايا الحميدة في محافظة رياض الخبراء وما حولها من البلدان، ويلقّبون بـ(المطاوعة).
ولادته ونشأته: وُلد الشيخ محمد في رياض الخبراء بحدود عام 1300هـ، وقرأ القرآن، وتعلم الخط والحساب، حتى برع فيهما في كتاتيب بلده، التي كان يتولى التدريس فيها في ذلك الوقت الشيخ ناصر بن عمر السحيباني إمام وخطيب جامع رياض الخبراء القديم، ثم حفظ القرآن عن ظهر قلب على يد الشيخ رميح بن سليمان الرميح الإمام والخطيب والمعلم المرشد في جامع رياض الخبراء القديم، ثم قرأ وأخذ بقية العلوم وتعمق فيها على يد الكثير من علماء القصيم في ذلك الوقت.
صفاته:
وكان الشيخ محمد مثال العالم العابد، الورع الزاهد، المعرض عن الدنيا وزخرفها. وصفه الشيخ صالح العمري وذكر شيئاً من عبادته في كتابه في تراجم علماء آل سليم وعلماء القصيم؛ إذ قال عنه: «كان -رحمه الله- من العلماء الفضلاء، وعليه سمت الصلحاء، يلهج بذكر الله، ويحب الخير وفعله، ولا يحب الدخول في أمور الناس ومشاكلهم إلا بالإصلاح بينهم. وقد عُرض عليه القضاء فرفض تعففاً، وكان زاهداً في الدنيا. أدركته -رحمه الله- وصليت خلفه عشرات المرات في أوقات مختلفة، فكان إذا قرأ في الجهرية يخشع، ويؤثر على سامعيه، كما حضرت بعض مجالسه العلمية» انتهى. وذكر الشيخ محمد بن عثمان القاضي عن الشيخ محمد خشيته لله ما يفوق الوصف، وعرف عنه بقوة العلم، ومعرفة فنونه المختلفة، ولاسيما بالفقه والفرائض، فكان له فيهما اليد الطولى، كما كان واسع الاطلاع في فنون عديدة، ومرجعاً في الفرائض وحسابها، وحسن التعليم، اجتمع عليه الكثير من الطلبة من بلدان مختلفة، وكان قد جلس للتدريس والوعظ بعد رحيل شيخه الشيخ (رميح بن سليمان الرميح)، وخلفه الشيخ محمد في الإمامة والخطابة في جامع رياض الخبراء القديم، وكذلك جلس للتعليم.
جلس مدة طويلة، تربو على الستين عاماً، فأخذ عنه العلم عدد من الأجيال.
أعماله:
كان الشيخ يقوم بالعديد من الأعمال الدينية فيما يتعلق بالتدريس والإفتاء وعقد الأنكحة وكتابة العقود والوصايا بخطه الذي يمتاز بجماله وجودته، وانتقاء العبارات الشرعية والفقهية، واشتهر بالرقية على المرضى والمصابين، والإصلاح بين الناس احتساباً. وعلى رغم ما كان عليه من شظف في العيش وعوز المعيشة إلا أنه كان مضربًا للمثل في الكرم والجود.
صفاته:
وقد كان طويلاً نحيل الجسم، كثير الشعر، يصبغه بالحناء، حنطي اللون، وطلق الوجه بشوشاً، يستمع لمن يتحدث إليه، ويجيب عنه بصبرٍ وإناة.
أسرته:
وله من الإخوان حسن الذي توفي في شبابه، والشيخ عبدالله الذي كان طالباً للعلم وفقيهاً ومعلماً في عدد من البلدان. وأبناؤه عبدالرحمن وصالح وسليمان ومحمد الذي كان مؤذناً في مسجد البدائع الوسطى، وكذلك الشيخ علي الذي كان له حلقة في تحفيظ القرآن في مسجد ابن عبيد في شارع الثميري، وعمل كذلك وكيلاً للمدرسة التذكارية الابتدائية في الرياض عندما كان مديرها الشيخ عبدالله بن سليم.
وللشيخ محمد الناصر من الأبناء عبدالله، علي، عبدالرحمن، سليمان وعمر.
وفاته:
وقد فُجع بوفاة ابنه الشيخ ناصر عام 1382هـ، فحزن عليه كثيرًا، وقد أدركته الشيخوخة، وتوالت عليه الأمراض حتى توفي -يرحمه الله- في ذي القعدة 1388هـ، وحزن عليه أهل رياض الخبراء وما حولها وطلابه وغيرهم..
الشيخ ناصر بن محمد الوهيبي
وهو العالم الجليل، الورع الزاهد النبيل، والقاضي الشيخ ناصر الذي وُلد في رياض الخبراء في عام 1324هـ، في بيت شرف وعلم ودين.
ولادته ونشأته:
نشأ الشيخ ناصر في بيت والده، وتعلم على يديه، وكان منذ صغره محباً للعلوم، وقرأ القرآن الكريم، ثم حفظه عن ظهر قلب، كما درس مبادئ العلوم الشرعية على يد المقرئ الشيخ (منصور بن رشيد بن جمعة) المدرس المشهور في كتاب رياض الخبراء.
وقد لازم والده الشيخ محمد بن ناصر الوهيبي، الذي تربى على يديه، فقرأ عليه في مختلف الفنون العلمية، وكان قارئه على الجماعة، وينوب عنه في الإمامة والخطابة. وأثناء قراءته على والده كان يجلس لتدريس صغار الطلبة القرآن الكريم ومبادئ العلوم الشرعية، وكذلك تعلم من عمه الشيخ عبدالله الناصر بعض العلوم الشرعية والفقهية، وبعد ذلك واصل تعليمه على يد العديد من العلماء في بلدان القصيم حتى برع في جميع العلوم الشرعية والفقهية.
أعماله:
في عام 1356هـ كلف بالعمل بالقضاء في تبوك، وفي عام 1359 هـ نقل إلى قضاء أملج، ثم إلى قضاء مدينة الطائف عام 1364هـ، وبعدها تم اختياره ليكون عضواً في رئاسة القضاء.
وبعد إنشاء ديوان المظالم فيها عام 1374هـ اختاره الأمير مساعد بن عبدالرحمن آل سعود مستشارًا في الديوان. وفي عام 1380هـ عُين نائباً لرئيس الديوان إثر استقالة الأمير مساعد من الديوان.
صفاته:
قال عنه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام: «وكان طيلة مدة عمله في القضاء والديوان ونيابة القضاء محل ثناء من كل زملائه ومراجعيه، ويذكرونه بكل خير».
وللشيخ ناصر مشاركة طيبة في العلوم الشرعية، وهو في المثل الأعلى من حيث النزاهة والحلم والأناة وحسن العشرة والتواضع الجم، فلا يحقر أحدًا، بل يبادله أطراف الحديث، وإذا أنس منه المعرفة باحثه وناقشه جاعلاً نفسه بمنزلة المستفيد. وقلّ من عاشره أو عمل معه إلا ويثني عليه الثناء العاطر لأخلاقه الرفيعة الممتازة.
وله أعمال خيّرة ومساع طيبة من حب الإصلاح بين الناس والإسهام في الأعمال الخيرية.. وعرف بالكرم والعطف على الفقراء والمنكوبين؛ فله قلب رحيم يشعر به إخوانه؛ فيتألم لهم، ويبذل جهده في تخفيف مصابهم.
وكان متعاونًا مع رجال الحسبة؛ فهو سندهم في التوجيه والإرشاد مع الحكمة واللين، ومحاولة تيسير الأمور. وتذكر عنه بعض المواقف الدالة على رفقه وحلمه.
وكان باراً بوالده، يلازمه ويقوم بأموره، لا يتكل على أحد، وكان مؤنسه بقراءة الكتب عليه، ويُشعر أباه بأنه يفعل ذلك ليستفيد منه، وكان أبوه من هذا البر يأنس بقربه، ويسر بوجوده حوله. ووفاته سبقت وفاة أبيه -رحمهما الله تعالى -؛ إذ توفي - يرحمه الله - عام 1382هـ.
أولاده:
وقد خلف الشيخ ناصر عددًا من الأبناء، في طليعتهم معالي الدكتور عبدالله، واللواء م.عبدالرحمن، والدكتور محمد، وسليمان والمهندس عبدالعزيز.
معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الوهيبي:
وُلد في رياض الخبراء عام 1348هـ حيث تلقى تعليمه في الكتّاب، وبعدها انتقل مع والده إلى أملج وأكمل الابتدائية السعودية، وأكمل دراسته بالطائف عام 1368هـ، والتحق بمدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة، وتخرج من المعهد العلمي السعودي من مكة عام 1372هـ، ثم تابع دراسته بكلية الآداب بالقاهرة عام 1376هـ.
صفاته:
كان -يرحمه الله- متعمقاً في كثير من العلوم الأدبية والشرعية، وصاحب رأي، وكان محل ثقة ولاة الأمر. وقد اتصف -يرحمه الله- بالبشاشة والكرم والنبل والرأي السديد ومكارم الأخلاق مع تواضع العلماء.
أعماله:
عمل كاتب ضبط بالمحكمة سنة 1363هـ، وبعد دراسته عاد مساعد مدير التعليم الثانوي عام 1376هـ، ومديراً للتعليم الابتدائي عام 1377هـ، والمدير العام للتعليم عام 1380هـ، وأميناً عاماً لجامعة الملك سعود إلى عام 1392هـ، وكان في أثنائها مبتعثاً إلى بريطانيا، وتحصل على الدكتوراه عام 1389هـ، وتفرغ للتدريس عام 1392هـ في جامعة الملك سعود بكلية الآداب قسم التاريخ حتى عام 1404هـ، وكان من الأعضاء المؤسسين لجمعية البر في الرياض. وقد شارك في عضوية الكثير من الإدارات الحكومية والمؤسسات الأهلية، وكذلك ساهم في تأليف العديد من المناهج التعليمية، وله مشاركات بالكتابة في الصحف المحلية في الإصلاح.
ومن آثاره رسالة الدكتوراه عن «كتابات الجغرافيين عن شمال الحجاز»،
وحضر العديد من المؤتمرات والندوات العلمية، وله مقالات علمية منشورة في عدد من المجلات المتخصصة.
أولاده: له من الأولاد ناصر ووائل.
وفاته:
توفي في ذي القعدة 1425هـ -يرحمه الله رحمة واسعة ووالديه وجميع موتى المسلمين-.
وفي الختام أشكر الأخ المهندس عبدالعزيز بن ناصر بن محمد الوهيبي الذي زودني ببعض المعلومات والتفاصيل حول أسرتهم، التي اعتمدت فيها على عدد من المراجع المعروفة والمنشورة.
- إعداد/ د. محمد الصالح العبدالله العريني