«الجزيرة» - تواصل:
استضافت اثنينية الذييب الأسبوع الماضي الأستاذ ناصر يحيى العيسى، المستشار والخبير الاستراتيجي في مجال التخطيط؛ للحديث عن المسؤولية المجتمعية للشركات والتحديات التي تواجه التنمية في المملكة وصولاً لرؤية 2030.
ويمتلك العيسى خبرات واسعة في التخطيط الاستراتيجي للشركات، وتنفيذ أعمال التطوير، وهيكلة المشاريع، والإشراف على تنفيذ المهام الإدارية والتسويقية وبرامج العلاقات العامة.
في البداية تحدَّث الأستاذ ناصر عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية وبداياته؛ إذ بدأ المصطلح في التداول في أوروبا وأمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي، وانتقل مع بداية الألفية لعدد من الدول في العالم العربي، منها المملكة العربية السعودية. كما أشار العيسى إلى أن المعنى وراء ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية معروف منذ القدم من خلال تعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على التكافل وتبادل المنفعة والفائدة بين أفراد المجتمع باختلاف شرائحه.
واستطرد العيسى في شرحه حول مفهوم المسؤولية بالمملكة؛ إذ يرى أن هناك الكثير من الشركات لديها رؤيتها الخاصة في مجال المسؤولية الاجتماعية، ولكن عدم توافر العالم المادي يقف عائقًا في طريق تحقيق ذلك على أرض الواقع. كما أن عدم توافر الخبرة في المجال لدى الكثير من الشركات يؤدي أيضًا إلى انعدام النتائج الملموسة، فضلاً عن أن هناك شركات تصل شهرتها للعالمية، تدخل في هذا المجال من قبيل تغيير النظرة المجتمعية لها، وتحسين صورتها، وليس من قبيل الاعتقاد في المسؤولية تجاه أفراد المجتمع؛ ما يدفع مبادراتها في هذه الحالة إلى أن تندرج تحت بند التسويق والعلاقات العامة.
وبينما ينقسم النشاط المجتمعي للشركات إلى مراحل عدة، أولها المبادرات، يليها البرامج المنظمة، يرى الأستاذ ناصر العيسى أن المسؤولية الاجتماعية للشركات بالمملكة لا تزال في المرحلة الأولى، وهي المبادرات، التي عادة ما تكون قصيرة الأمد ومحدودة الأثر؛ الأمر الذي يبرز الحاجة إلى وجود برامج ممنهجة ومنظمة لزيادة الفائدة من هذه المبادرات.
من ناحيته، اعتبر الأستاذ عسكر الحارثي، الأمين العام لمجلس المسؤولية المجتمعية بغرفة الرياض، أن هناك خلطًا في تعريف مصطلح المسؤولية الاجتماعية، أدى إلى خلط في التفسير؛ إذ يحصرها البعض في نشاط العمل الخيري، ويذهب بها البعض لتشمل حتى النشاط التسويقي للشركات. كما يشدِّد على ضرورة وجود برامج مستدامة للشركات، تعمل من خلالها على تنمية الكوادر وتدريبها، وتقديم خدمات لها طابع الاستمرارية للأفراد، وذلك بدلاً من المبالغ التي تقوم بدفعها بشكل مباشر، والتي لا تؤتي النتائج المرجوة منها.
من ناحيته، علّق الأستاذ فهد الصالح، رئيس لجنة أصدقاء المرضى بالغرفة التجارية بالرياض، حول نشاط المسؤولية الاجتماعية ومدى تفاعل الشركات الكبرى بالمملكة مع هذا الشأن، وقد أفاد بأن هناك الكثير من المبالغ التي تدفعها في مجال العمل الخيري. كما أكد أن هذه المبادرات تتمتع برؤية واضحة واستراتيجية تعمل من خلالها بشكل يبشر بحدوث نقلة نوعية في مجال عمل الشركات في مجال المسؤولية الاجتماعية.
وفي مداخلة أخرى تحدث الدكتور عبدالله المغلوث، عضو الغرفة التجارية بالرياض، عن ضرورة وجود مظلة موحدة، تعمل وتجمع تحتها جهود المسؤولية الاجتماعية للشركات كافة، ومن ثم يمكن توجيه الالتزامات وتوزيع الأدوار على الجهات والشركات العاملة تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية، بل تحديد حجم ونسبة المشاركة لكل شركة. لافتًا إلى أن هناك بنوكًا تشارك سنويًّا بنسبة ضئيلة، لا تقارن بما تتحصل عليه من أرباح مالية.
واختتم اللقاء بمداخلة أخيرة للأستاذ ناصر العيسى، قال فيها إنه من ضروريات العمل المجتمعي للشركات أن يكون هناك توازن بين ما تقدمه من خدمات للمجتمع وبين ما تقدمه لموظفيها في الداخل. مشيرًا إلى أنه ليس من المقبول أن يزداد النشاط المجتمعي للشركة بينما يعاني موظفوها قلة الرواتب أو سوء المعاملة الوظيفية بأي شكل من الأشكال.
وفي نهاية الأمسية تقدم رجل الأعمال الأستاذ حمود الذييب بجزيل الشكر للأستاذ ناصر العيسى على هذه المحاضرة التي ألقت الضوء على جانب مهم من جوانب عمل الشركات والمؤسسات بالمملكة، وقد قدم له درعًا تذكارية شاكرًا له تلبية الدعوة لحضور الاثنينية.