رجاء العتيبي
شاهدنا الأسبوع الماضي رجلاً يضرب عامل محطة بنزين في حائل عبر مواقع (قنوات التواصل الاجتماعي)، ولم يكد هذا المقطع ينتشر حتى تم القبض على الفاعل خلال ساعات، وهذا المقطع يجعلنا أمام عدة نقاط، هي على النحو الآتي:
- لم تعد الأماكن العامة والشوارع خالية من الرقابة كما كانت في السابق وإنما بات في كل ركن منها (كاميرا) تسجل أي حدث غير قانوني.
- بات الأمن الداخلي أكثر قوة، وهذا يضفي جواً من الطمأنينة للمجتمع، فالمجرم لا يفلت بسهولة من قبضتهم مهما حاول التخفي، يأتون به ولو بعد حين.
- إذا اعتدى عليك أحد، اضبط نفسك، واذهب لأقرب مكان للشرطة وقدم دعواك، واترك القانون يأخذ مجراه، وتخلص من ردة الفعل العنيفة التي قد تدخلك في متاهات أنت في غنى عنها.
- اللقطة المخالفة للقانون ستنتشر ويراها الجميع، وقد تكون نقطة سلبية في حياتك.
وفي مقطع آخر لمسؤولين حكوميين في منطقة القصيم صورتهم الكاميرا في وضع غير لائق أثناء تأدية واجب العزاء، جاء الرد حاسما من وزارة الداخلية بإيقافهم عن العمل، وهو قرار صائب وعادل في حق من استخف بواجبات العمل. الكاميرا هذه المرة (ليست للمراقبة) ولكنها كاميرا صديق صورهم بعلمهم، ولكنها في النهاية تعد (كاميرا مراقبة) بصورة من الصور وهنا يجب الحذر من أي كاميرا أمامك، فالذهاب للعزاء يختلف عن الذهاب لمناسبة فرح التي يمكن فيها الرقص على إيقاع العرضة والسامري والمجرور والشيلات...
في الأولى تعد مخالفة لأنها جاءت بلا مبرر وتعطي انطباع بتسطيح الموقف، وفي الثانية مقبولة باعتبارها لوحات فلكلورية تمت في مناسبة احتفالية، الرقص فيها مبرر.
مقطع آخر ظهر فيه شاب يعذب (حيوانا)، في حين مقطع آخر ظهر فيه رجل ينقذ (ثعلب) علق في شجرة، وشتان بينهما، الأول تم القبض عليه وألقي في السجن، والثاني لهج الجميع له بالدعاء.
وفي لندن مقطع ظهر فيه رجل (عنصري) يدفع بامرأة محجبة من أعلى الدرج حتى سقطت لنهايته في وضع أليم، كدلالة على أن بلد الحرية لا يخلو من عناصر متطرفة، الأمر المفرح أن هذا العنصري تم القبض عليه وأودع السجن، وخرج بكفالة وما زال التحقيق جارياً معه حتى هذه اللحظة.
مواقف نشاهدها يوميا ولا يكاد يخلو الواتس وتويتر منها، يتابعها المجتمع بفضول، وبعضها تدخل في مضمونها وصنع منها سيناريو مبتكراً إما لوحدها وإما بدمجها مع مقاطع أخرى لتعطي معاني جديدة، فهو المنتج والمخرج والصانع والمتلقي، وباتت الميديا معه وبه وله (سلطة) توصف -أحياناً- بالسلطة الفوضوية ولكنها سلطة لا تعلو على سلطة (الأمن الداخلي) وهذا مثار طمأنينة لا تضاهي.