أحمد المغلوث
جاء اليوم العالمي للغة العربية، وعالمنا العربي يبكي من خلال حروف لغته العربية واقعه المؤسف وسط تحديات يعيشها هذا العالم، عالم لغة الضاد.. مع تنامي ظاهرة الحروب والفساد في بعض الانظمة التي أتاحت وجود مثل هذه الحروب والمعاناة لشعوبها في منطقتنا التي انطلقت من خلالها رسالة الإسلام والسلام.. وعندما نحتفل بيوم اللغة لغتنا العربية يعود بي الزمن إلى الماضي وذكرياته، وكيف بدأت تعلم حروف اللغة في المدرسة الابتدائية الأولى بالمبرز وكنا نتحلق حول شجرة سدرة وسط ساحة المدرسة التي كانت بيتا كبيرا في الهواء الطلق أيام الصيف، قبل أن ننتقل إلى داخل الصفوف ونجلس على المقاعد الخشبية المشتركة.
كانت مدينتي أيامها مدينة متواضعة لكنها غنية وثرية حيث يسكنها العديد من الأسر والعائلات التي يعود جذورها إلى قبائل عربية شهيرة، المدينة كانت ايامها محاطة بسور طيني شامخ وبه العديد من الأبراج والقلاع و(الدراويز) البوابات.. كانت أيامها صغيرة لكنها كانت تعيد لنا العافية والألفة في مجتمع مازال حتى اليوم يتميز بالمشاركة وحب الآخر، واذكر عندما انتقلت إلى المدرسة الثانية وكانت في قصر (المغلوث) وكان يقع بجانب دروازة الحزم كان مدرس اللغة العربية معلما جليلا من فلسطين الحبيبة اسمه محمد، وكان يضع في جيبه (طعامة) نواة تمر، وعندما يخطىء أحدنا في القراءة يقترب منه ويضع (النواة) خلف لحمية أذنه ويقرصه بها فلا تسمع عندها إلا صراخ التلميذ السيئ الحظ الذي لم يقرأ جيداً في نظر معلمنا الذي عرف بيننا باسم (أبوطعامة).
هذا العقاب الصارخ جعلنا والحق يقال نجيد القراءة وبعدها عشق اللغة العربية بصورة جعلت من طلاب مدرستنا يتفوقون في المسابقات والمناظرات التي كانت تجرى بين طلاب المدارس في بعض المناسبات..! وبالتالي حببت لي ولغيري الاهتمام بالقراءة والاطلاع وتخصيص جزء من مصروفنا الأسبوعي لاقتناء وشراء الكتب والمجلات «البايته» التي تصل إلى مدينتا بعد مضي أسابيع على صدورها..!.
وعندما كبرت رحت أتابع بشغف برنامج (لغتنا الجميلة) للشاعر المبدع رحمه الله «فاروق شوشة»، كنت أحرص مثل الآلاف غيري على متابعة برنامجه الذي كان يقدمه بصوته العذب الشجي والدافىء والذي يجعل الكلمات والعبارات تدخل أذنك بدون إذنك.. ورغم وجود التلفزيون بعدها إلا أنني كنت أواصل الاستماع لبرنامجه العذب كصوته، بل حبب لنا هذه اللغة العظيمة، لغة الضاد، وقبل هذا وبعد هذا لغة كتاب الله عزَّ وجل (القرآن الكريم) فهل هناك أكثر من هذا تكريم للغتنا العربية، والجميل أن المبدع شوشة اختار لبرنامجه قصيدة حافظ إبراهيم والتي تعتبر من أجمل قصائد الشاعر عن اللغة العربية وهي تتحدث عن نفسها قائلة: (أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي).
يا الله ما أروع الكلمات والمعنى.... ولن أزيد..!
تغريدة:
من الأشياء التي تشعر النظام الفارسي بالذل والانكسار انهم يستعملون حروف لغة الضاد، غصباً عنهم!.