«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عندما كنا أطفالاً كنا نشاهد أمهاتنا وهن ينثرونه على التمر خلال وضعه في أوانٍ معدنية خاصة تسمى (مطبقية) وهي مصنوعة من المعدن ذات اللون الرصاصي اللامع. وكانت هذه المطبقيات ترسل كهدايا «صوغة» للأهل والمعارف خارج الأحساء.
وعرفنا خلال هذه المرحلة العمرية بأن هذه البذور ذات اللون البني الفاتح أو حسب ما يعرف لدي الرسامين لون (الأصفر أوكر)، وفي المدرسة عرفنا أن هذه البذور الرائعة واللذيذة والتي تصنع منها العديد من الحلويات خصوصاً حلوى «السمسم» والتي تتكون من دبس السكر وحبات السمسم وعادة ماتكون على أقراص دائرية أو مستطيلة.. وكم كنا نفرح وبغبطة لا نحسد عليها عندما نعود من دكان الفريج حاملين حلوى السمسم ونحن نتلذذ بأكله.
ويعود تاريخ السمسم إلى القدم ومع بداية اهتمام الإنسان البدائي بالزراعة واستعمله في إعداد العديد من المأكولات المختلفة، حيث يستخدم زيته في هذه المأكولات.. وتعد الحضارة الصينية القديمة من أقدم الحضارات في العالم التي اهتمت ببذور السمسم واستخدام زيته المفيد في الأغذية وحتى العلاج.. فهو من أهم الزيوت الطبيعية التي تستخدم في الطهي كذلك تحافظ على الفيتامينات الكاملة للمأكولات والأغذية والأطعمة التي يضاف إليها السمسم.
ويعتبر السمسم مادة مفيدة للصحة، لما يحتوي عليه من مواد مختلفة وفيتامينات.. ويشكل عاملاً مهماً في بعض المستحضرات الطبية والصحية الخاصة بالبشرة والجلد بصورة عامة.. فهناك من يستعمل سائله (الدهن) كمادة اساسية في المساج. والتدليك. لذلك اهتمت به مصانع الأدوية والمستحضرات الطبية فأنتجته كسائل أو دهان أو حتى كريم.. وتعتبر المجتمعات في شرق آسيا من أكثر دول العالم اهتماما بالسمسم. ويزرع السسم ي العديد من دول العالم واشتهرت منطقة «جازان» جنوب المملكة بانتاجه بل وحتى استخراج زيته من خلال المطاحن الخاصة (المعاصر) والتي تدور رحاها الضخمة من خلال الجمال.. وتجدر الإشارة إلى أن أشهر الأطباق التي تجد إقبالاً عليها في الدول العربية والإسلامية وتعتبر من المقبلات الرئيسة في الحفلات والمناسبات أو حتى ضمن طعام الإفطار في الصباح أو وجبة العشاء طبقي «الحمص» و»الطحينة» إضافة إلى الحلويات والمخبوزات على اختلاف أشكالها وأنواعها.
وكان أساتذة الطب العربي والإسلامي وحتى الأجنبي كابن سيناء وابن البيطار وداود الأنطاكي أوصونا بالسمسم خيراً لما فيه من فوائد علاجية متعددة.. وتحرص النساء في بلادنا وغير بلادنا، خصوصاً في الماضي على تناول بذور السمسم ضمن غذاء ما بعد الولادة لأهميته في إدرار الحليب، وله الكثير من الفوائد الصحية التي تعطي من يتناوله حيوية وطاقة. وحسب ما يشار إليه أنه فاعل جيد في عملية التخلص من دهون البطن «الكرش» هذا ويعتبر صاحب السعادة السيد سمسم كنزاً من الفوائد.. ويعتبر باختصار غذاء ودواء في ذات الوقت.