«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
داخل غرف نومنا، حيث توجد الوسائد التي نضع رؤوسنا عليها. ربما لا يعلم البعض منا أن أفضل أنواع الوسائد هي المحشوَّة بريش الطيور. وربما شاهد أحدنا يوماً ما أحد الأفلام، حيث تصور بعض المواقف فيه تقاذف البعض بالوسائد التي سرعان ما يتطاير منها الريش الذي راح يغطي المكان بالبياض وبصورة طريفة ظريفة. لكن قد لا يعرف البعض أيضاً أن للريش أنواعاً وأشكالاً حسب نوعية الطيور التي ينتمي إليها هذا الريش.
الذي يعتبر في عالم الطيور سلاحاً مهماً لدي الذكور فمن خلال نفشهم لريشهم واستعراضهم له أمام الأنثى التي تقع المسكينة صريعة حبه والاهتمام به وسرعان ما تطير خلفه طالبة وده والاقتران به.؟! ولنا في طائر الطاووس مثلاً حياً في استخدامه لريشه الطويل المتميز بألوان «قوس قزح» فهو يتفاخر ويعتز بريشه الطاووسي وريشه الطويل المميز ومنذ القدم استفاد الإنسان البدائي من ريش الطيور فاستخدموه كحشوة ناعمة لوسائدهم ورغم التطور في مختلف مجالات الحياة منذ العصور القديمة الأولى فلهذا الريش أهميته وما زال يستخدم حشواً للوسائد وكنا أشرنا سابقاً إلى أن الوسائد التي تحشى بالريش هي الأفضل. وكان للريش منافع عظيمة سجلها التاريخ بأحرف كتبت بالريش.
فكانت الريشة هي القلم الأول الذي استخدم في الكتابة على الجلود وورق البردى ومن ثم الورق وحتى على ألواح الخشب ولذلك كان لريشة الكتابة دور كبير في توثيق الإبداع الإنساني عبر العصور قبل اكتشاف أدوات الكتابة الأخرى وبعدها الأدوات الحديثة. وتعلّم الإنسان من الطيور تقديره للريش. وصار بالتالي يعتز به ويفخر فوضع على رأسه ريشة كما فعل قادة الجيوش والقادة وحتى الأباطرة والملوك. وكان القائد الهمام الذي تفخر به بلاده هو الذي يضع في قبعته العسكرية ريشة مميزة. ومن هنا جاء قول البعض: (إنسان على رأسه ريشة) تعبيراً عن تميزه أو للسخرية منه إذا كان خلاف ذلك، بل عندما يحتد الخلاف والخصام بين البعض يرددون هذه المقولة تعبيراً عن سخريتهم منه بمعنى أنك لا تختلف عنّا. ولا تتميز بالريشة على رأسك!
ومع بداية القرون الوسطى راحت الملكات والأميرات بتزيين رؤوسهن بوضع قبعات بها أكثر من ريشة ملونة. وكل ما زاد عدد الريش فيها وتفنن صانعوها في تصاميمها وأشكالها تم اختيارها من قبل سيدات المجتمع.. وفي عصرنا الحاضر ما زالت قبعات الريش تتنوّع ويتعدد شكلها وتصاميمها، بل باتت تصنع من خلال أرقى وأشهر بيوت الأزياء والتصميم في كبريات عواصم العالم محافظة على وجود ريش الطيور فيها. كميزة دائمة ومهمة.. كذلك تقدم بعض بيوتات الأزياء فساتين مصنوعة من ريش الطيور حسب طلب الزبونات. وفي المهرجانات في بعض الدول التي ما زالت تعتز بتاريخها وتقاليدها تقدم عروض بملابسهن التي تعتمد على ريش الطيور كما هو الحال في قبائل الهنود الحمر وبعض القبائل الإفريقية والأمازونية وحتى التايلندية.. والإندونيسية وتوجد في متاحف أوروبا وأمريكا الخاصة بالملابس والأزياء العديد من القبعات الثمينة والتاريخية والتي لا تقدّر بثمن لما تحمله من تاريخ ولارتباطها بأسماء شهيرة. ولوجود فصوص ومجوهرات جنباً إلى جنب مع ريش الطيور الملونة.. وقد لا يصدق البعض أن لريش الطيور أسواقاً خاصة في أوروبا وأمريكا والصين، بل لها بورصة في لندن، حيث تعتبر هذه البورصة الوحيدة الجديرة بالثقة في معرفة كل ما له علاقة بالريش وأنواعه وأطواله وأسعاره والكميات المتوفرة منه في العالم.. وتوجد محلات متخصصة في بيع كل ما له علاقة بريش الطيور..