«الجزيرة» - المحليات:
تبدأ خلال- الفترة 24 - 25 تشرين الأول - أكتوبر 2016 الزيارة الرسمية لفخامة رئيس جمهورية كازاخستان نور سلطان نزاربايف إلى المملكة العربية السعودية، وهي الزيارة الثالثة للرئيس الكازاخي إلى المملكة.
وأقام البلدان فيما بينهما روابط تجارية واقتصادية وعلاقات سياسية وثيقة.
وفي الفترة السابقة جرت بين البلدين 77 زيارة، منها 24 على مستوى الوزراء، و15 على مستوى نواب ووكلاء الوزارات، و9 على المستوى البرلماني، و29 على مستويات أخرى.
ومن شأن الزيارة المرتقبة لفخامة الرئيس نور سلطان نزاربايف أن ترتقي بالعلاقات الكازاخية-السعودية إلى مستوىً نوعي جديد، لا سيما في المجالات الاختراقية التي تتمتع بإمكانات كبيرة، وهي على وجه الخصوص إقامة تعاون في مجالات الطاقة النووية والزراعة وصناعة البتروكيماويات وصناعة التعدين وفي القطاع المالي.
تعرف كازاخستان على الساحة الدولية كصاحبة المبادرة للعديد من المنتديات ومؤتمرات القمة والاجتماعات التي تؤثر بشكل إيجابي على الوضع الاقتصادي والسياسي والثقافي. وإضافة إلى ذلك، فإن رئاسة كازاخستان في مختلف المنظمات والتحالفات الدولية تمكن هذا البلد من طرح مبادرات عالمية متنوعة.
تتمع كازاخستان حاليًا بخبرة كبيرة في طرح المبادرات السلمية اكتسبتها خلال ترؤسها لكل من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 2010، ومنظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقًا) في عام 2011.
مثلت رئاسة جمهورية كازاخستان لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا اعترافًا موضوعيًا من قبل المجتمع الدولي بدور هذا البلد كمشارك فعال في العمليات الجارية على النطاق العالمي في مجال الأمن وتعزيز التعاون الدولي.
في هذه الأثناء تمكنت كازاخستان خلال ترؤسها لهذه المنظمة من إعادة إحيائها كمركز رئيس لاتخاذ القرارات المقبولة للجميع. وخلال شغْلها لمنصب رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لعبت جمهورية كازاخستان دورًا حاسمًا في تسوية الوضع المتأزم الذي تشكل في قرغيزستان المجاورة بعد أحداث نيسان - أبريل 2010، وبفضل جهودها ومساعيها تم التمكن من تلافي نشوب «صراع ممتد» آخر في منطقة أوراسيا. وإضافة إلى ذلك، فقد وضعت كازاخستان منذ البداية مسألة تعزيز مشاركة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لاستقرار الوضع في أفغانستان كواحدة من أولويات رئاستها.
وقد تمثل الإنجاز المهم لجمهورية كازاخستان في تنظيمها في الفترة 1-2 كانون الأول - ديسمبر 2011 في مدينة استانا لقمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على أرفع مستوى.
وحول نتائج القمة قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: إن رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وعقد القمة مثلاً معلمان مهمان لتطور كازاخستان كزعيم إقليمي وعالمي.
وبذلك، فقد منحت رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا كازاخستان وضعًا جديدًا كليًا على الساحة الدولية ونموًا لوضعها الدولي.
في إطار رئاستها لمنظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقًا) أولت جمهورية كازاخستان الاهتمام لقضايا تحديث العالم الإسلامي، وتعزيز قدرته التنافسية، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي على الساحة الدولية، وتطوير الحوار بين الحضارات. ونتيجة لذلك، فقد جرى تنظيم ما مجموعه 40 فعالية، من ضمنها 10 على المستوى الوزاري، كما تم تفعيل نشاط مختلف أجهزة منظمة التعاون الإسلامي إلى حد كبير.
وعلى وجه الخصوص، فقد نظمت تحت رعاية كازاخستان فعاليات ضخمة، مثل المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي السابع، والمؤتمر الثالث لوزراء الصحة وحماية البيئة، والاجتماع الخامس لوزراء حماية البيئة. وخلال الفترة المشار إليها تم جمع مساعدة مالية للصومال بمبلغ 500 مليون دولار، الأمر الذي يمكن اعتباره الإنجاز الأكبر للمنظمة.
الإسهام الكبير في التعاون في فترة رئاسة جمهورية كازاخستان لمنظمة المؤتمر الإسلامي تم إنجازه في مجال تعاون المنظمة مع البنك الإسلامي للتنمية، حيث جرى إطلاق استراتيجية الشراكة القطرية مع البنك الإسلامي للتنمية.
علاوة على ذلك فقد شرعت استانا بالعديد من الخطوات للإصلاح الداخلي لمنظمة التعاون الإسلامي، وتعميق التعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة شنغهاي للتعاون ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا ومنتدى الأديان العالمية والتقليدية.
وحظيت بالدعم من جانب المجتمع الإسلامي مبادرات جمهورية كازاخستان في مجال عدم الانتشار النووي، وتطبيع الوضع في أفغانستان، وتطوير مجموعة G- غلوبال.
كذلك، وبناءً على مبادرة من كازاخستان تم تغيير اسم منظمة المؤتمر الإسلامي إلى منظمة التعاون الإسلامي، وتأسيس اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، واعتماد خطة عمل منظمة التعاون الإسلامي للتعاون مع آسيا الوسطى. وشكل الخطاب المهم الذي ألقاه فخامة رئيس جمهورية كازاخستان نور سلطان نزارباييف للأمة الإسلامية الأساس لإعلان استانا لمنظمة التعاون الإسلامي.
إضافة إلى ذلك، فإن جمهورية كازاخستان تعد صانعة للسلام، ونذكر على سبيل المثال الجولات العديدة من المفاوضات التي جرت على أرض هذا البلد بشأن تسوية الوضع في سورية والبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن جهود كازاخستان للتغلب على الأزمتين الأوكرانية، والروسية - التركية.
علاوة على ذلك، فإن جمهورية كازاخستان تنتهج سياسة إرساء السلام والمصالحة في أفغانستان، حيث تقدم إلى الشعب الأفغاني المساعدات الإنسانية والفنية، في حين يجري بشكل فعال تنفيذ برامج تعليمية للجيل الأفغاني الناشئ.
مع ذلك، فإن الإنجاز الرئيس لجمهورية كازاخستان على الساحة السياسية الدولية يتمثل في انتخابها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة للفترة 2017 - 2018.
يشيد الخبراء الدوليون بالخبرة الكبيرة التي تمتلكها كازاخستان في حل المشكلات الأكثر تعقيدًا على جدول الأعمال الدولي، فقد أسهم هذا البلد في تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، بما في ذلك في مجال نزع وعدم انتشار السلاح النووي.
إلى جانب ذلك تجري الإشادة بالعمل النشط الذي تقوم به جمهورية كازاخستان في مجال الدبلوماسية الدولية. ويمكن كمثال ذكر المبادرة الكازاخية لتأسيس مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا الذي حاز على اعتراف دولي متميز، إذ تضم هذه المنظمة 24 دولة تشغل أكثر من 90 بالمائة من مساحة آسيا يمثل سكانها نصف عدد البشرية جمعاء.
تمثلت المساهمة الكبيرة لجمهورية كازاخستان في مسألة تطوير الحوار بين الأديان والثقافات في إنشاء وتنظيم مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في مدينة استانا.
خلال سنوات استقلالها قطعت جمهورية كازاخستان شوطًا طويلاً في مجال العلاقات الدبلوماسية، حيث أقامت علاقات دبلوماسية مع 138 دولة من دول العالم، وكثمرة لتعاونها النشط مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية تم إبرام أكثر من 3000 اتفاق على مستوى الدول والحكومات والإدارات.
انطلاقًا من حقيقة أن التكامل يمثل مطلبًا ملحًا في وقتنا الراهن، فإنه فقط من خلال الجهود المشتركة يمكن في عالم اليوم الاستجابة على نحو كافٍ لتحديات عصرنا المتمثلة في الإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات. ويمثل تطوير الشراكة المتعددة الأطراف في إطار منظمة شنغهاي للتعاون واحدة من الاتجاهات الأولوية للسياسة الخارجية، إذ تمثل هذه المنظمة اليوم منصة متعددة الأطراف فريدة لتطوير الحوار لبلدان آسيا الوسطى مع الجهتين الإقليميتين الفاعلتين الرئيستين - روسيا والصين.
أصبحت المبادرات السلمية التي طرحتها جمهورية كازاخستان السمة المميزة لهذا البلد على الساحة الدولية. وهكذا، فبمبادرة منها تأسست منظمة على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وإضافة إلى ذلك، تمثل جمهورية كازاخستان أحد مؤسسي كل من رابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الجمركي، والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي.
أشاد العديد من الخبراء الأجانب في مجال نزع الأسلحة النووية بشكل خاص ببيان فخامة رئيس جمهورية كازاخستان نور سلطان نزاربايف «عالم القرن الحادي والعشرين»، وكذلك بأسس خطة المبادرة الاستراتيجية العالمية حتى عام 2045.
تجدر الإشارة إلى أن جمهورية كازاخستان اجتازت خلال 25 عامًا من استقلالها الطريق من دولة صاحبة رابع أكبر ترسانة نووية إلى الاعتراف بها كدولة تتزعم الصراع من أجل عالم آمن. وتمثلت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه في إغلاقها لميدان سيميبالاتينسك للتجارب النووية وتخليها عن الأسلحة النووية.
إضافة إلى مبادراتها السياسية على الساحة الدولية، تعزز كازاخستان تنمية اقتصادها بشكل نشط، إذ تتجاوز قدرتها الاقتصادية بمرتين الحجم الإجمالي لاقتصاديات بلدان آسيا الوسطى مجتمعة، في حين تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للفرد 14500 دولار، وهو معادل لمستوى كل من تركيا وماليزيا والبرازيل ومعظم دول أوروبا الشرقية، وتجاوز حجم احتياطيات النقد الأجنبي والصندوق الوطني 105 مليارات دولار.
تنفذ حاليًا في جمهورية كازاخستان برامج اقتصادية عديدة، بما في ذلك تطوير العلاقات التجارية الإقليمية مع دول الجوار وكذلك مع الشركاء الأجانب. وكجزء من هذه الجهود، فإن خطوط السكك الحديدية الجديدة في جمهورية كازاخستان تربط هذا البلد مع تركمانستان وإيران فاتحة الطريق الأقصر إلى الخليج العربي. وتربط خطوط السكك الحديدية الجديدة مدينة ألماتي مع ميناء ليانيونغانغ في الصين، في حين يقع في مرحلة الانتهاء لممر النقل المعروف بـ «أوروبا الغربية - غرب الصين». ومن شأن شرايين النقل هذه أن تكون قادرة على تعزيز التعاون بين البلدان المنضوية في منظمة «منتدى آسيا- أوروبا» المعروف باسم «آسيم» الذي يمثل منصة فعالة لبناء التفاعل العالمي. ويحدد موقع كازاخستان عند مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا دورها كـ»جسر» بين الشرق والغرب.
إضافة إلى ذلك، تسير في جمهورية كازاخستان وبشكل حثيث الاستعدادات لتنظيم المعرض الدولي إكسبو 2017 تحت عنوان «طاقة المستقبل»، الذي سيمثل أول معرض دولي يقام على أراضي بلدان رابطة الدول المستقلة وآسيا الوسطى.
ومن شأن تنظيم المعرض أن يمثل حافزًا إضافيًا لتطوير الاقتصاد والبنية التحتية. ومن المتوقع أن يزور هذا المعرض أكثر من 5 ملايين شخص، وهو مشروع ضخم لهيبة كازاخستان، ويمنح دفعة لتطوير العلوم والتكنولوجيات الجديدة. ومن شأن تنظيم هذا المعرض الدولي في استانا في عام 2017 أن يعطي دفعة قوية لاقتصاد البلد من حيث تطوير الكتلة السياحة، فالتدفق الكبير للزوار الأجانب ينشط دومًا صناعة السياحة، ويستدعي إكسبو اليوم اهتمامًا كبيرًا.
إن الحفاظ على الاستقرار السياسي في جمهورية كازاخستان، بما في ذلك من خلال تنسيق العلاقات الدينية في البلاد، يواصل كونه الشرط الرئيس لنجاح تنميتها.
وفي الوقت الحاضر تتعايش في كازاخستان أكثر من 30 طائفة دينية مختلفة، أكبرها الإسلام - الدين التقليدي بالنسبة لكازاخستان - والمسيحية (الأرثوذكسية). وتجدر الإشارة إلى أن جمهورية كازاخستان على الرغم من دعمها لتطوير الروحانية الدينية تعد دولة علمانية، وتعارض أي محاولات لزرع فكر التفرد الديني.
بشكل عام، يمثل الحفاظ على الاستقرار العرقي الأساس لسياسة الدولة، ففكرة الانسجام العرقي والمساواة بين جميع المجموعات العرقية التي تتعايش في كازاخستان هي عرف من أعراف القانون. ويمثل تطوير وتطبيق نظام فعال من التدابير لمواصلة مواءمة العلاقات القومية والدينية في البلاد وتعزيز الوعي التسامحي ومنع التطرف في المجتمع الكازاخي مهمة معقدة لكافة المنظمات الحكومية وغير الحكومية.