جاسر عبدالعزيز الجاسر
العودة للكتابة عن الشللية الإعلامية التي تحاصر العديد من المؤسسات الإعلامية والتي أخذت تتسرب حتى إلى المؤسسات الرسمية من إذاعة وتلفزيون، تفرض على أبناء المهن من رواد ومخضرمين الكتابة عنها، ليس من أجل تحقيق مكاسب ذاتية فمن قضى عقوداً من الزمن تصل إلى أكثر من أربعة عقود لا يطمع بمكسب ذاتي بعد أن تشبع من مكاسب عديدة، أهمها وجود كل هذه العقود في واجهة الأعمال الإعلامية وتقريباً في موقع أو اثنين على الأكثر، وما كان له أن يحقق ذلك لولا مكانته المهنية وإضافاته للوسيلة الإعلامية التي يعمل بها، ومع أن هذا الاستمرار يضيف خبرات تراكمية لهذا الإعلامي والذي تزخر بها مؤسساتنا الإعلامية التاريخية والجديدة، إلا أن تمسك الصحيفة أو المحطة التلفزيونية والإذاعة به إنما يأتي لمهنيته وحرصه على تأدية دوره بكل تفانٍ والذي عرف به جيل الرواد ومن تتلمذ عليهم من صحفيين وإعلاميين يمثلون ثروة إعلامية لا تقدر بثمن، إلا أن هؤلاء الإعلاميين -وبالذات الذين لم يصنفوا على «تيار» أو فئة والتي أصبحت لازمة لبعض الإعلاميين الجدد- عصيون على توجيههم لتبني توجهات الشلل التي عادة ما يرسمون أفكارهم في جلساتهم الليلية، ونتيجة لهيمنة وسطوة الشللية الإعلامية أصبحنا لا نفاجأ باحتكار المواقع الإعلامية وحصرها في دائرة مغلقة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نرى تنقل ثلاثة أو أربعة على الأكثر بين أكثر من صحيفة لشغل رئاسة تحريرها، وبعد أن يفشل ويقود تلك الصحيفة إلى خسائر مادية نتيجة ابتعاد القراء وتحميلها أعباء بسبب التهور وقلة المهنية يبعد، لنتفاجأ بعد أقل من سنة بتسليمه رئاسة تحرير صحيفة أخرى ليقودها لنفس مصير سابقتها، ويظل هؤلاء الثلاثة يتنقلون من صحيفة إلى أخرى مع إمكانية تسلله إلى محطة تلفزيونية بسبب دعم شلته، مواصلين ارتكاب نفس التجاوزات والأخطاء، ورغم أن البلاد تزخر بالعديد من الكفاءات الإعلامية وخاصة من أبناء الجيل الجديد الواعد المتسلح بالدراسة والتدريب والعمل المهني وهم كثر من الذين جمعوا بين الدراسة والعمل ومنهم من يقدم صور مضيئة في المسيرة الإعلامية داخل المملكة وخارجها، إلا أن الحلقة الضيقة لا تزال تمارس التنطيط بين صحيفة وأخرى، وكأن البلد لا يوجد فيه إلا هذا الولد.