د. خالد محمد باطرفي
خلال ثلاثة أيَّام فقط (من يوم الاثنين، 19 سبتمبر إلى الأربعاء، 21 سبتمبر)، قام الأمير محمد بن نايف، ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية بستة عشر نشاطا شملت لقاءات ومشاركات في الأمم المتحدة وعلى هامشها. فقد ألقى ثلاث كلمات هامة، تشمل الكلمة الرئيسية للمملكة أمام الأمم المتحدة في دورتها السنوية (71)، يوم الأربعاء، وقبلها، (الاثنين)، شارك بكلمة السعودية في قمة الأمم المتحدة للاجئين والمهاجرين، وكلمتها في قمة الرئيس أوباما لدعم اللاجئين والمهاجرين.
وفي يوم الثلاثاء (21/9) أجرى ستة لقاءات هامة مع رئيس وزراء استراليا مالكولم ترنبول، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وملك إسبانيا فيليبي السادس، ورئيس وزراء باكستان نواز شريف، وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون. كما حضر حفل استقبال الطلبة المبتعثين.
وفي اليوم التالي، الأربعاء (22/9) التقى ولي العهد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ووزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، ووزير الأمن الداخلي الأمريكي جي جونسن، ومدير المركز الأممي لمكافحة الإرهاب جنفيز خان.
يعلق مراقب إعلامي غربي قائلا: عوّدتنا القيادة السعودية مؤخرا على هذا الرتم السريع والكثيف والواسع لاتصالاتها وتحركاتها. فالمؤتمرات والاجتماعات الدولية التي تعقد داخل البلاد، والزيارات الخارجية التي يقوم بها كبار المسؤولين، من العاهل السعودي وولي العهد، وولي ولي العهد، إلى كبار الوزراء والمسؤولين في الخارجية والمالية والطاقة والاقتصاد والاستثمار، تشير إلى حراك هائل غير مسبوق.
ولاحظنا خلال زيارات الملك سلمان للولايات المتحدة ومصر وتركيا كثرة اللقاءات والبرامج والمشاركات، كما لاحظنا ذلك في زيارات الأمير محمد بن سلمان الأخيرة للصين واليابان وباكستان، واليوم نشهد هذا الزخم في زيارة الأيَّام الخمسة للأمير محمد بن نايف القصيرة لنيويورك.
يسأل الزميل الإعلامي ما هو السر في هذه الحيوية، هل للأمر علاقة بملفات المنطقة الساخنة من العراق وسوريا ولبنان إلى اليمن؟ أم بملف الإرهاب الذي تعمل بلادكم على مواجهته داخليا وخارجيا؟ أم للتصدي للتهديدات الإيرانية وتغول مليشياتها في بلدان المنطقة وتدخلاتها في شئونها؟ أم لتسويق خطط المملكة الاقتصادية ورؤيتها 2030 للشركاء المحتملين؟ أم لمواجهة تداعيات تدهور أسعار النفط؟
أجبته: كل ما ذكرت صحيح، وأكثر. فبلادنا تدرك حجم التحديات التي تواجهها، وبعضها مصيري. وتعمل بالتحالف والتعاون مع أشقائها وأصدقائها وشركائها لمواجهتها، خاصة أنها تهددهم أيضاً، وتزعزع أركان السلم العالمي. فالإرهاب ورعاته في طهران لا يستهدفون الجيران فقط، فسجلهم الدموي طويل، يمتد من الأرجنتين وبنما غربا إلى الفليبين وسنغافورة شرقا، ومن تركيا وبلغاريا شمالا، إلى الدول العربية والأفريقية جنوبا. وتداعيات سياسات إيران العدوانية والتوسعية فاقمت أزمات المنطقة وقادت إلى هجرات واسعة لمواطني الدول التي شاركت في تدميرها وتقسيمها وإثارة الفتن والقلاقل فيها كالعراق وسوريا واليمن، حتى وصلت قوافل المهاجرين واللاجئين إلى شواطئ أوروبا.
وفي نفس الوقت، تواصل بلادنا مسيرة البناء والتنمية، وكان لا بد من وضع خطط طموحة بقدر ماهي عملية ومرنة لتستوعب مرحلة انخفاض أسعار النفط ومتطلبات التنمية في آن. ولكي يتحقق لهذه الخطط النجاح المأمول يتم التعريف بها في كل منتدى وملتقى، كل مناسبة واجتماع، مع كل مستثمر وشريك محتمل.
ولعل مكانة المملكة وحضورها الدولي وإسهاماتها المهمَّة في حل المشكلات ومواجهة الأخطار التي تواجه العالم يفسر هذا القبول وهذا الاهتمام اللذين يلقاهما ممثلوها في كل مناسبة. وما أعلنه ولي العهد من أرقام مذهلة لمساهمات المملكة الإِنسانية وفي مكافحة الإرهاب، يكفي ويغني عن التفصيل.
أنصت زميلي الأمريكي لإجاباتي، ثم علق: هذه قائمة طويلة من التحديات الكبرى والمشروعات الطموحة، كم تتوقع نسبة نجاحكم فيها؟
أجبت: كلها وأكثر، (بإذن الله).. والأيَّام بيننا!