«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تتجدد ظاهرة الاختناقات المرورية والزحام في ساعات الصباح وبالتحديد وقت توجه المعلمين والطلاب والطالبات إلى مدارسهم، بدءا من الساعة السادسة والنصف حتى السابعة وأكثر.
وهذه الظاهرة تكاد تكون معاشة في مختلف مدن المملكة وعلى وجه الخصوص المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ومكة والدمام وبريدة والمدينة والأحساء وأبها والدمام والخبر ومدن أخرى كثيرة تعاني ما تعاني من الزحام، خصوصا في التقاطعات والدورات وتتكرر مشاهد الاختناقات مع بداية الدوام المدرسي في وقت الدخول والخروج.
والمشكلة الأولية التي ضاعفت من هذه الظاهرة في مدننا ونقولها بصراحة وشفافية أننا لم نخطط طرقنا بصورة مستقبلية. ولم تقرأ ما سوف تكون عليه مدننا بعد عشرات السنين.لقد تضاعف أعداد سكانها خلال العقود الماضية بشكل لافت، فسكان الرياض قبل 25 سنة غيرهم اليوم. وبالتالي تضاعف أعداد الطلاب والطالبات عشرات المرات، بل إن امتلاك الآلاف من الطلاب للسيارات والمركبات ساهم في حدة الظاهرة ولو زدنا إلى ذلك أعداد المركبات والسيارات التي يقودها السائقون. وباصات النقل الخاص التي تنقل الطالبات. فلاشك أن الظاهرة تكبر عاماً بعد عام في مختلف مدننا.نعود للقول إن وراء هذه الظاهرة وليسمح لنا أحبتنا القيمون على تخطيط مدننا أنهم وراء ما تعانيه مدننا ونعانيه معها أيضا.
فكيف نبني مدرسة تضم المئات من الطلاب داخل حي سكني ولا نوجد بجوارها مواقف واسعة تستوعب سيارات المدرسين والطلاب وحتى العاملين فيها. فكيف نتوقع أن يكون المرور بجوار هذه المدرسة أو تلك انسيابيا وسهلا ويسيرا. وجميعنا لا بد أنه عاش وقتا صعبا خلال خروجه من (عنق الزجاجة) بجوار مدرسة ابنه أو ابنته. وما يعانيه أولياء الأمور الذين يقومون بتوصيل أبنائهم لمدارسهم صباحيا وظهرا يعانيه معهم قادة السيارات. قبل سنوات كانت لدينا أموالا طائلة وميزانية ضخمة لماذا لم تنزع مجموعة من البيوت حول المدارس التي توجد في الأحياء القديمة أو حتى الحديثة.. لقد قامت دول أقل منا اقتصادا وإمكانات بنزع البيوت المجاورة للمدارس. عندما شاهدت ما يعانيه مواطنيها من عدم وجود مواقف بجوار المدارس أو حتى المستشفيات أو المصالح ذات الطابع الخدمي.. غير معقول أن تستمر ظاهرة كيف يخرج قائد السيارة أكان ولي أمر أم طالبا أو حتى سائقا من عنق الزجاجة واختناقاتها. ورغم الدور الكبير الذي يقوم به رجال المرور كل يوم وعلى مدار العام الدراسي لتنظيم الحركة المرورية وقت الذروة فإن اليد الواحدة لا تصفق.. وجميعنا يشاهدهم وهم يبذلون قصارى جهدهم ولكن الحل الأمثل هو إما تخصيص نقل مدرسي عام يتولى عملية نقل وتوصيل طلابنا وطالباتنا إلى مدارسهم وتوقف عملية كل طالب يأتي إلى المدرسة بسياراته. وحتى ولو وجدت بجوار بعض المدارس مواقف فإنها مستحيل أن تستوعب جميع سيارات المعلمين والطلاب.. والمشكلة الكبرى هي عندما تتفاقم وتتضخم الظاهرة كل يوم عندما يتزامن خروج الطلاب مع خروج الموظفين.وكم من صاحب بيت اضطر إلى بيع بيته بسعر رخيص هروبا من معاناته في عدم استطاعته الخروج من بيته لقيام بعض الطلبة والسائقين بالوقوف مضطرين أمام البيت.
ولو تجولنا في بعض مدن المملكة لشاهدنا الكثير من معاناة المواطنين من هذه الظاهرة ومن هنا نجد هؤلاء المواطنين المغلوب على أمرهم يأملون شاكرين كل الجهات المعنية بخدمتهم باتخاذ إجراءات فعالة وجادة تضع حدا لهذه الظاهرة «المشكلة»؛ حرصا على سلامة الطلبة والطالبات، ورفقا بأعصاب أولياء الأمور وحتى قادة المركبات والسيارات الذين يتوجهون إلى مدارسهم وأعمالهم، فضلا عن إعاقة حركة المرور في الشوارع الفرعية والرئيسة التي تتصل بالمدارس المختلفة بصورة واضحة، مطالبين بحقهم في الاستخدام الأمثل والأمن للشوارع والمواقف، من خلال إيجاد ساحات معقولة بجوار المدارس أو المستشفيات أو المصالح الخدمية داخل المدن. وحتى نمنع في ذات الوقت من وقوع العديد من الحوادث المرورية التي تتكرر كل عام مع بدء العام الدراسي الذي يأمل الجميع أن يكون عام خير وعطاء على الأبناء والبنات.