ساهم النمو الحضري المتسارع في العديد من المدن الكبرى إلى ظهور تغيرات اقتصادية واجتماعية وصحية وأمنية وغيرها، ومدينة الرياض كغيرها من المدن الكبرى شهدت بعض التحديات المرتبطة بالنمو السكاني، وزيادة الطلب على المساكن، والذي تمثل في وجود معدلات متزايدة للبطالة، واقترن ذلك بظهور أحياء سكنية عشوائية.
ففي إحدى الدراسات التي قامت بإعدادها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، لوضع استراتيجية للتنمية الاجتماعية في مدينة الرياض، تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في الجوانب الحضرية والاقتصادية والاجتماعية، والمواءمة بين النمو السكاني والموارد المتاحة، تم عقد ورش عمل مركزة للذكور والإناث بمختلف الفئات العمرية، حيث تم من خلال هذه الورش مناقشة أهم المشاكل والقضايا التي تواجههم وماهي الطرق والحلول التي تسهم في الحد منها.
وكانت أبرز القضايا الرئيسية التي تمت مناقشتها في ورش العمل هي: الدخل، والمسكن، والتعليم، والتأمين الصحي والوظيفة، ووسائل النقل، إلا أنها تباينت في مدى تأثيرها على الدخل مباشرة، ولكن مِمَّا يثير الاهتمام أن أغلب المشاركين في ورش العمل اتفقوا على أن أحد الحلول الرئيسية هي إيجاد مسكن ملائم، لوضع حد لجميع المشاكل التي يعانون منها، وذلك يعني أن السكن يعتبر عنصراً هاماً وأساسيا ً في عملية وضع استراتيجية التنمية الاجتماعية.
ولا يخفى على الجميع أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله ورعاه - منذ توليه سدة الحكم وهو يولي ملف الإسكان اهتماماً شديداً، وحريص كل الحرص أن ينعم المواطن برغد العيش، وفي كلمته التي ألقاها أيده الله خلال افتتاحه لأعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، أشار حفظه الله لما توليه الدولة من رعاية واهتمام فيما يخص قطاع الإسكان وما اعتمدت له من ميزانيات ضخمة حيث وفرت كل وسائل الدعم اللازم لتوفير السكن الملائم للمستحقين.
ويتجسد ذلك الاهتمام أيضا حيث قال - حفظه الله - لدى استقباله وزير الإسكان والمهتمين بالإسكان في القطاعين الخاص والحكومي «إن توفير السكن الملائم للمواطنين وأسباب الحياة الكريمة من أولوياتنا، وهو محل اهتمامي الشخصي».
كما أولى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، من خلال رؤية المملكة 2030 الأهمية القصوى لهذا الملف، ورأى الاهتمام بالأسر من خلال تزويدها بعوامل النجاح اللازمة لتمكينها من رعاية أبنائها وتنمية ممتلكاتهم وقدراتهم، وأشار إلى تحقق ذلك من خلال توفير السكن.
وتأكيد ذلك أيضا من خلال إيضاح أن مشاريع البنية التحتية للسعودية لن تتوقف أو تضعف، بل إنها في تنمية مستمرة، مما يعني انعكاسها تباعاً على الإسكان عبر توفير بنية قوية مستقبلية، كما أكدت الرؤية أن إعادة هيكلة قطاع الإسكان ستسهم في رفع نسب تملك السعوديين، مما يعني وجود مشاريع قادمة وخطط استراتيجية ستحل مشكلة الإسكان بمشيئة الله.
وفي ضوء ذلك، فإن ما صدر مؤخراً من تنظيمات وقرارات تصب بمشيئة الله بهذا الاتجاه، ومن قراءة الواقع والخطط المستقبلية فإن الجميع يدرك ما توليه الدولة من رعاية واهتمام بهذا القطاع، وما اعتمدت له من ميزانيات ضخمة لتحقيقها.
أخيراً فإن جميع الدلالات والمؤشرات والتقارير الداخلية والخارجية تشير إلى أن مستقبل المملكة سيكون مزدهراً بإذن الله، وستكون في مصاف الدول المتقدمة، فالحمد لله أولاً وأخيراً أن جعل هذه البلاد المباركة في أيدٍ أمينة، حفظ الله خادم الحرمين وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي عهده.
نواف بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ - باحث في الشؤون الإجتماعية