الجزيرة - المحليات:
استمرارا لدورها الثقافي الكبير في تأصير جواسر المعرفة بين المشرق والمغرب، وإيمانا منها بأن الحوار المكتوب لهو من أهم وسائل التواصل الحضاري لإثراء المعرفة الإنسانية ونقل أوجهها عبر اللغات، ومن هذا المنطلق حرصت الملحقية الثقافية بألمانيا للتعريف بالحراك الثقافي والإنتاج الفكري للمملكة العربية السعودية باعتبار أن الترجمة هي المرتكز الأساس في تلاقي الثقافات والحضارات..
حيث أصدرت مؤخراً الملحقية الثقافية مجموعة من الإصدارات الأدبية والثقافية والتاريخية لعام 2016م والتي تُرجمت من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية ومن اللغة الألمانية إلى اللغة العربية في إطار مشروع الترجمة بترجمة مجموعة من أبرز الأعمال الأدبية والكتب التاريخية والثقافية السعودية وعدد من كتب الأطفال إلى اللغة الألمانية بهدف إطلاع القارئ الألماني على ثراء وتنوع الحراك الأدبي والثقافي بالمملكة وتوسيع انتشار الكتاب السعودي المترجم، إضافة إلى تعزيز التفاعل الفكري والمعرفي بين الثقافات انطلاقاً من رؤية خادم الحرمين الشريفين في الدعوة إلى مدّ جسور الحوار بين الشعوب وتعزيز أواصر التواصل الثقافي والحضاري.
وتتضمن الإصدارات المترجمة، والتي بلغت 10 إصدارات، وتمّ الإشراف على ترجمتها وتدقيقها وتنفيذها من قبل طاقم عمل محترف من ذوي الخبرة والكفاءة ضمّ عدداً من المترجمين المتميزين العرب والألمان حسب مجالات تخصصاتهم، عدداً من الأعمال الأدبية السعودية المعروفة مثل رواية الزهايمر للدكتور غازي القصيبي، وكتب رحلات وتاريخية عن المملكة العربية السعودية مثل كتاب الرحلات «ملوك وجمال: رحلة أمريكي إلى المملكة العربية السعودية، والرواية الألمانية «عزيزتي صوفي: رسائل إلى ابنتي» إضافة إلى ترجمة عدد كبير من قصص الأطفال السعودية إلى اللغة الألمانية.
وقال الملحق الثقافي بجمهورية ألمانيا الاتحادية إن مشروع الترجمة يأتي في إطار سعي الملحقية الثقافية لتعزيز مشاركتها في معارض الكتب الدولية وخاصّة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي يُعتبر أكبر معرض للكتاب على مستوى العالم، كما سيُستفاد منها في مشاركة الملحقية في المحافل الثقافية بألمانيا، وتُقدّم كذلك كإهداءات للزوار لتعريفهم بالحركة الأدبية والثقافية للمملكة العربية السعودية. وسوف يتم توزيع عدد منها على الجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية والثقافية ومراكز الدراسات العربية والاستشراق بألمانيا وبباقي الدول التي تشرف عليها الملحقية بألمانيا، إضافة إلى تزويد المبتعثين السعوديين بنسخ منها للمشاركة بها في لقاءات الطلاب والأيام الثقافية والعلمية التي يشاركون بها في جامعاتهم.
رواية الزهايمر
انطلاقاً من إيمانها بأهمية الترجمة في تكوين ثقافة عالمية ترتكز على نشر المعرفة وتلاقح الثقافات فقد اختارت الملحقية الثقافية أحد أهم رواد الأدب بالمملكة العربية السعودية وهو الشاعر والأديب والدبلوماسي والوزير السابق الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -رحمه الله-، والذي أصدر ما يزيد عن ستّين كتاباً تنوعت بين دواوين ومختارات شعرية وروايات وسير ذاتية وكتب سياسية واجتماعية وإدارية، وتمّ ترجمة العديد من أعماله إلى الكثير من اللغات العالمية، ليتم ترجمة أحد أبرز أعماله الأدبية إلى اللغة الألمانية وهي آخر أعماله الرواية «الزهايمر» التي تمّ نشرها بعد وفاته عام 2010م، والتي تقع في 127 صفحة، تتضمن رسائل موجهة إلى زوجته يكتبها في الهزيع الأخير من حياته عربي يُستشفى في الولايات المتحدة من مرض الزهايمر.
وتأمل الملحقية الثقافية أن تُساهم ترجمة هذا العمل الأدبي الكبير لأحد أبرز الروائيين والمفكرين السعوديين إلى اللغة الألمانية في نقل الأعمال الثقافية والأدبية السعودية إلى القارئ الألماني بهدف الاطلاع على ثراء الحرك الأدبي بالمملكة، خاصّة وأن هذا المشروع ينبع من توجّهات المملكة وإيمانها بالدعوة إلى مدّ جسور الحوار بين الشعوب وتعزيز أواصر التواصل الثقافي والحضاري.
ملوك وجمال - أمريكي في المملكة العربية السعودية
قامت الملحقية الثقافية بألمانيا بترجمة كتاب «ملوك وجمال - أمريكي في المملكة العربية السعودية» (Kings and Camels An American in Saudi Arabia) للكاتب والصحفي الأمريكي غرانت بتلر (Grant Butler)، من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الألمانية، والذي تمّ نشره في مدينة نيويورك الأمريكية عام 1960م، وأعادت دارة الملك عبدالعزيز طباعته باللغة الإنجليزية عام 2008م، ثم أصدرت ترجمته إلى اللغة العربية عام 2012م.
ويتضمن الكتاب بعض الانطباعات والتجارب التي اكتسبها المؤلف الأمريكي أثناء عمله في المملكة خلال الفترة من 1948م إلى 1951م رئيساً لقسم العلاقات العامة بشركة أرامكو، وخلال رحلاته العديدة إلى عدد من الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، إذ أعرب في عدد من فصول الكتاب عن إعجابه بما شهده وعاشه في المملكة العربية السعودية وأشاد بأنظمتها المستمدة من الشريعة الإسلامية، كما تطرّق إلى إعجابه بشخصية الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحنكته حين قابله وتشرف بلقائه.
وحيث إن الكتاب ينتمي إلى أدب الرحلات الذي يُعد أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، إذ إن الكاتب يستقي المعلومات والحقائق من التجربة الحية والاطلاع المباشر، فإن الكتاب يُعتبر أنموذجاً لتصحيح الصور النمطية عن العرب والمسلمين، كما أنه يُقدّم وجهة نظر حيادية وانطباعا عادلاً تجاه القضايا العربية والإسلامية، إذ تناول الكتاب عدداً من الحقائق التي تُؤكّد بأن الحضارة الغربية هي بالأساس استمرار وتطور للإنجازات العلمية العربية التي انبثقت مع بزوغ فجر الإسلام في الجزيرة العربية.
يُذكر أن عدداً كبيراً من مقالات الكاتب المريكي غرانت بتلر وقصصه القصيرة عن منطقة الشرق الأوسط نُشرت في أبرز الصحف والمجلات الأمريكية، كما أنه قام بإلقاء أكثر من ألف محاضرة وحاز على جوائز مهمة لإسهاماته الثرية في تعزيز التفاهم العربي الأمريكي وفي تحسين المعرفة الأمريكية والدولية عن منطقة الشرق الأوسط.
عزيزتي صوفي-رسائل إلى ابنتي
قامت الملحقية الثقافية بألمانيا بإصدار ترجمة كتاب «عزيزتي صوفي - رسالة إلى ابنتي» للكاتب الألماني هينينج سوزيباخ من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية، والذي تمّ إصداره عام 2015م ، وتقوم فكرته على مقال نشره المؤلف في صحيفة (دي تسايت) الألمانية المرموقة، بتاريخ 26 مايو 2011م، ولاقت اهتماماً ونقاشاً كبيراً بين أوساط الباحثين والمتخصّصين التربويين وعلماء الاجتماع الألمان نظراً لما يتطرّق له الكاتب من قضايا تربوية واجتماعية هامّة في حياة الطفل وبناء شخصيته وشقّ طريقه المستقبلي وسط المجتمع الألماني.
والكتاب عبارة عن رسالة طويلة من أب يكتب لابنته صوفي، البالغة من العمر اثنا عشر عاما، لتكون رفيقة لها في طريقها في فترة الطفولة والشباب. ويتحدث في هذه الرسالة عن الضغوط النفسية التي يُمارسها الأهل والمؤسسات التعليمية على الطفل، سواء في البيت أو في المدارس بحجّة ضيق الوقت، وضغوط المنافسة، وضرورة التفوّق والتميّز في كل شيء لتحقيق أهم الإنجازات والأهداف التي يراها الأهل الأنسب لمستقبلهم. ويُحاول الكاتب أن يُوضح لابنته صوفي الأسباب وراء ذلك، ولكنه يسعى في المقام الأول إلى تشجيعها -ومعها كل الأطفال والأهل- لعدم الانصياع التام للتوقعات الخارجية والتي تفوق طاقتهم، وأن يبحثوا عن طريقهم بأنفسهم بعيداً عن أية ضغوط نفسية وبما يتناسب وقدراتهم ومهاراتهم التي من شأنها ضمان تحقيق أحلامهم وأهدافهم المستقبلية الشخصية في إطار التوجيه العقلاني والمُحايد للأهل والمحيط التربوي والاجتماعي.
وتأمل الملحقية الثقافية أن تجد الأسر والمؤسسات التعليمية والتربوية العربية بين فصول هذا الكتاب بعض الدروس المُستفادة في تعزيز نمو وتوسيع مدارك الأطفال العقلية وصقل مواهبهم وقدراتهم الكامنة وتطويرها من خلال دعم الثقة وتقدير الذات لديهم وحثّهم على الإبداع بما يُساهم في بناء مجتمع فاعل ومُنتج.