«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد مختص، أنه من السابق لأوانه الإلمام بكل نتائج الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فيما لم يمضِ شهراً على الاستفتاء، كما لم تبدأ بعد المفاوضات الخاصة بهذا الخروج والتي يتوقع أن تكون طويلة ومضنية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله القويز، أن هناك عدداً من النتائج التي تحققت بالفعل أو يتوقع أن تتحقق والتي سيكون لها تأثير ملموس على العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة، وأبرزها فيما يخص التأثير السلبي على الاستثمارات الخليجية (الخاصة والعامة) في بريطانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، فلا يوجد تقديرات حتى الآن يعتمد عليها حول حجم هذه الخسارة, غير أنه تلاحظ انخفاضاً كبيراً وآنيا في أسعار الأسهم والسندات والعقارات في بريطانيا بشكل خاص وبقية دول الاتحاد الأوروبي عموماً، وانخفاضاً آنياً في أسعار صرف كلٍّ من الجنيه الإسترليني واليورو، ويتوقع أن يستمر انخفاض سعر صرف هاتين العملتين لبعض الوقت، ومن المتوقع أيضاً أن يكون لهذين العاملين تأثيرات سلبية مستقبلاً على الاستثمارات الخليجية وغيرها من الاستثمارات الأجنبية في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وإذا ما حدث ذلك, فسيكون له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي في المنطقة الأوروبية عموماً ومن ثم سينخفض طلبها على البترول والغاز بما في ذلك المصدر إليها من منطقة دول مجلس التعاون.
وأوضح القويز، أنه وبشكل عام يمكن القول إن انخفاض أسعار صرف هاتين العملتين سيجعلهما أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب بما في ذلك الخليجيين الذين يحاولون تنويع استثماراتهم بعملات مختلفة، وعلى سبيل المثال فإن انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترليني قد يساعد الحكومة البريطانية في تصحيح العجز بميزان مدفوعاتها, كما قد يساعد دول الخليج في الحصول على سلع بريطانية أرخص، لكنه من جانب آخر سيحد من توجه الاستثمارات الأجنبية ( ومنها الخليجية ) إلى بريطانيا.
جاء ذلك، خلال كلمته في الملتقى الثاني للعلاقات الاقتصادية البريطانية الذي نظمته غرفة التجارة العربية البريطانية في لندن بتاريخ 21 يوليو 2016.
واستكمل الدكتور القويز قائلاً: سيؤدي التصويت بخروج بريطانيا إلى دفع البنوك المركزية في كلٍّ من بريطانيا نفسها والبنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياط الفدرالي الأمريكي إلى تأجيل أي توجه لدى أيٍّ منها لرفع سعر الفائدة، وذلك للتقليل من أي تأثير سلبي لهذا التصويت على معدل النمو الاقتصادي عموماً، وفي هذه الحالة فإن سعر صرف الدولار الأمريكي الذي تحسن في الفترة الأخيرة, لا يتوقع له أن يصل إلى حدود أعلى مما سيحول دون حصول دول الخليج على تحسن أكبر في شروطها التجارية نتيجة لأن صادراتها الرئيسية وغيرها من الدول الأخرى المصدرة للبترول هي البترول والذي يسعر بالدولار.
وأضاف: إذا ما أدى الخروج البريطاني إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، فإن ذلك سيقود إلى انخفاض الطلب على البترول ومن ثم استمرار انخفاض أسعاره، وهذا بدوره سيقلل من إيرادات دول المجلس.
وتابع: قد تفقد مدينة لندن جزءًا من النشاطات والصفقات البنكية الخليجية، لأنها ستفقد الصفة القانونية التي تمكنها من تمويل التجارة باليورو مع دول اليورو، وكذلك تسوية مدفوعات اليورو وغيره من العملات لهذه الدول، كما لن تستطيع التوسط في العمليات البنكية بين المجموعتين، وأيضاً قد تفقد مدينة لندن خاصيتها القانونية كبوابة لأوروبا من قبل أي بنك خليجي يريد التواجد فيها لممارسة أعماله البنكية في كلِّ أوروبا، وقد ينسحب ذلك ليس فقط على النشاط البنكي وإنما قد يمتد أيضاً إلى جميع القطاعات الاقتصادية على اعتبار أن المملكة المتحدة ستفقد حقها في التمتع بالسوق الأوروبية الواحدة.
وأردف، بالخروج البريطاني ستفقد دول مجلس التعاون صديقاً يعتمد عليه في معرفة تعقيدات وبيروقراطية الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المفوضية، وفي المساعدة على الوصول إلى تفاهم بين المجموعتين في العديد من المواضيع ومنها الاقتصادية.
وزاد: خطوات التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون تقتدي بتجربة الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، وانسحاب بريطانيا قد يشجع أي توجه لدى بعض المشككين في دول المجلس من جدوى التكامل الاقتصادي الذي قطع شوطاً كبيراً في الوصول إلى الاتحاد الجمركي وإلى السوق المشتركة, مما قد يربك تجربة المجلس في هذا المجال.
وعن الإيجابيات، ذكر القويز أنه يوجد جانب واحد إيجابي، فإذا كانت إحدى نتائج التفاوض هي فقدان بريطانيا لعضويتها في السوق الواحد وبالتالي فقدانها للتمتع بصفه البوابة إلى الاتحاد الأوروبي، فإنها قد ترغب بتقوية علاقاتها الاقتصادية القديمة مع شركائها السابقين ومن بينهم دول مجلس التعاون، وإذا ما حدث ذلك فقد يتجه المزيد من الاستثمارات إلى هذه الدول ومنها دول المجلس، وللاستعداد لهذه النتائج وتسهيل حدوثها فإن المقترح هو أن يدرس الطرفان مدى جدوى الدخول في مفاوضات تجارية للاتفاق على إنشاء منطقة للتجارة فيما بينهما، كما يمكن الوصول إلى نتائج مماثلة فيما لو قررت المملكة الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة الأوروبية التي سبق لدول المجلس أن وقعت معها اتفاقيه للتجارة الحرة.