«الجزيرة» - سعود الشيباني:
وصف حبيب أسيود نائب رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز حال المنطقة العربية قبل انطلاق عاصفة الحزم بالقرية العاجزة، مؤكداً أن الجبهة الداخلية الإيرانية مهلهلة، جاء ذلك خلال لقاء صحفي أجرته «الجزيرة» فإلى تفاصيل الحوار...
* بعد مرور عام على عاصفة الحزم، كيف تقيِّمون آثارها ونتائجها على المشروع الفارسي في المنطقة؟
- بالعودة إلى الواقع العربي قبل انطلاق عاصفة الحزم، يمكنني أن أصف حال المنطقة العربية كالقرية العاجزة حيال وباء فتاك يمتد في مفاصلها، ينخر في جسدها ويهدد مصيرها... فبالرغم من أن هذه القرية تعرف الداء ومصدره، بل وتعرف الدواء وتمتلكه، إلا أنها تتردد في استخدامه وتنصرف إلى الرجاء في حلول أخرى. فإيران التي لم تدخر جهداً لتحقيق حلمها القومي، ووصل مشروعها التآمري على المنطقة العربية في العقد الأخير إلى ذروته وأصبحت تتهيأ لجني ثمار الفتنة التي بذرتها في الجسد العربي على مدى ثلاثين عاماً، حتى جاءت عاصفة الحزم، لتضع حداً للتوغل الفارسي في المنطقة، وتوقف نزيف الدم العربي، وتئد الفتنة. فبعد مرور عام على انطلاقة عاصفة الحزم، نجد أن الحلم الفارسي بدأ يتبخر، وأن الرأي العام العربي والإسلامي أصبح أكثر وعياً بالفتن التي تهدد أمنه واستقراره. فعاصفة الحزم التي أوشكت أن تحسم تمرد عصابة الحوثي والمخلوع على عبد الله صالح، ستجعل اليمن مقبرة للحلم الفارسي وإلى الأبد.
* ما تقييمكم لتصنيف حزب الله على لائحة الإرهاب من قبل دول مجلس التعاون الخليجي؟
_ الحقيقة التي قليلاً ما نتعاطى معها هي أن تأسيس حزب الله إبان الحرب الأهلية في لبنان الشقيق عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان وتمركزها في الجنوب، لم يكن الهدف في الأساس تأسيس فصيل لبناني وطني يسهم في مقاومة الوجود الإسرائيلي، بل كان الهدف منه زرع نواه للمشروع الفارسي في المنطقة، لأن الظروف السياسية في لبنان كانت تساعد لمثل هذا العبث. فكانت مهمة هذا الحزب القيام بعمليات إرهابية لزعزعة الأمن في الدول العربية تمهيداً لفرض المشروع الإيراني، سيما وأن هذا التأسيس جاء والحرب الإيرانية العراقية في أوجها. فقائمة العمليات الإرهابية التي تورط فيها هذا الحزب في بعض الدول العربية دليل على كونه منظمة إرهابية تديره قيادة الحرس الثوري الإرهابي تحت إشراف المرشد الأعلى للدولة الفارسية. فادعاء صفة الحزب المقاوم للكيان الصهيوني والداعم للقضية الفلسطينية لا تستقيم مع حقيقة تأسيسه وطبيعة نشأته وتاريخه الذي يناقض ادعاءات قيادته. لذا نرى تصنيفه كمنظمة إرهابية هو قرار صائب وإن جاء متأخراً. ويصُّب في ضرب المشروع الفارسي التدميري في المنطقة.
* هل الفعاليات المختلفة التي تقيمها حركة النضال العربي أسهمت في تعريف وطرح القضية الأحوازية للعالمين العربي والغربي؟ وما تأثيرها وإلى أي مدى؟
- كل النشاطات التي نقوم بها تندرج ضمن نضالاتنا لنشر قضيتنا، وإيصال صوت شعبنا إلى كل مكان، بعد أن حجر عليه لأكثر من تسعين عاماً. فمهمتنا كبيرة تتمثل في دحر القناعات حول حقيقة الدولة الإيرانية القائمة على ظلم الشعوب غير الفارسية ومنها الشعب الأحوازي الذي سلبت أرضه وألحقت قسراً بالدولة الفارسية، صودرت حقوقه، سلبت ثرواته، ومورست عليه خلف أسوار العزل السياسي والتعتيم الإعلامي الوان من القمع، وارتكبت بحقه جرائم القتل والتهجير لم تحظ بتقييم المنظمات المعنية برصد الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب وتطلق تصنيفات نحسب أنها منصفة، ولذلك فإننا ننشط في إقامة المؤتمرات وتنظيم مسيرات لمخاطبة المجتمع الدولي، وحثه على القيام بدوره لرفع الظلم عن الشعب الأحوازي، والاعتراف بحقه في تقرير مصيره. ونحن الآن نتلمس - والحمد لله - نتائج هذه الفعاليات. فالقضية الأحوازية أصبحت محل اهتمام وتعاطف الشارع العربي، وصرنا نسمع أصواتاً سياسية وإعلامية مهمة تتبنى طرح القضية الأحوازية من المنابر المؤثرة، فضلاً عن إبداء بعض المنظمات النشطة في مجال حقوق الإنسان اهتمامها بالشأن الأحوازي.
* ما مدى تأثير العمليات العسكرية التي تقوم بها الحركة ضد قوات الاحتلال الفارسي سياسياً، إعلامياً، نفسياً، ومادياً؟
- ربما يقلل البعض من تأثير العمليات العسكرية التي تنفذها كتائب محي الدين الناصر ضد أهداف عسكرية فارسية أو المرافق الحيوية التي تمثل سلطة الاحتلال، لأنهم يخضعون الأمر للمقارنة بين الإمكانات المتواضعة لرجال الكتائب وبين قوة المحتل الفارسي المعروفة والمصنفة ضمن المراتب المتقدمة من حيث العدة والعتاد في المنطقة، إلا أن هذه المقارنة تغفل دور العقيدة القتالية التي يتسلح بها رجال المقاومة، فهم بالرغم من تواضع تسليحهم وقلة عددهم إلا أنهم يتفوقون على جيش المحتل بقوة إيمانهم بالله وبعدالة قضيتهم. ثم إن رجال المقاومة يتفوقون بتحديد الأهداف زماناً ومكاناً، فبالتالي يظفرون بعامل المباغتة، وينجحون في ضرب الأهداف في الغالب دون أي خسائر تذكر. فأهم نتائج هذه العمليات لا تكمن في النتاج الميدانية، بل في انعكاساتها السياسية والإعلامية، فنحن مهمتنا أن نترجم كل عملية عسكرية في الداخل إلى مكسب سياسي يعلن عن وجودنا في ساحة نسعى فيها إلى انتزاع حقنا في الحياة الكريمة.
وكما أن لهذه العمليات تأثيرها الإيجابي في رفع معنويات شعبنا، فإنها أيضاً تربك حسابات العدو وتجعله في حالة توتر دائم. وما من عملية تنفذها كتائب المقاومة الوطنية الأحوازية إلا وتنتج عنها خسائر مادية تنهك المحتل وتزيد من أزماته الاقتصادية، وهذا نصر إستراتيجي مهم للقضية الأحوازية.
فإذا كانت إيران تفاخر بقوتها العسكرية وعتادها المتطور، إلا أنها لا تستخدمها إلا في قتل المواطنين العزل في الأحواز ومناطق الشعوب غير الفارسية، وفي سفك دماء السوريين والعراقيين واليمنيين، والاعتداء على حرمات الآخرين، بينما نحن نفاخر باستخدام سلاحنا المتواضع في الأهداف النبيلة، وهي تحقيق مطالب شعبنا في الحرية والعيش الكريم.
* كيف ترى حركة النضال العربي مستقبل الصراع العربي مع الدولة الفارسية؟ وهل يكون دوراً للقضية الأحوازية مستقبلاً في ظل بوادر على احتدام الصراع؟
- كان بالإمكان ألا يكون صراعاً في المنطقة في الأصل، لولا أن الفرس افتعلوا هذا الصراع استجابة للأحقاد التاريخية، والأحلام القومية، فهم الذين دفعوا المنطقة إلى أتون الصراع. وإلى وقت قريب لم تكن الدول العربية تتعاطى مع التجاوزات الفارسية على أنها ترتقي إلى مرتبة الخلاف ناهيك أن يكون صراعاً على أمر مختلف عليه.
إلا أن تمادي الفرس في تجاوزاتهم وإدخال المنطقة في حالة من الفوضى وانعدام الأمن دفع العرب إلى الاصطفاف في مواجهة من يهدد أمنهم واستقرارهم. وبذلك استقام الأمر ووجد من يقف في وجه الحقد الفارسي الذي دمر وشرد وأغرق المنطقة في دماء أهلها. ونحن باعتبارنا أول ضحايا الحقد الفارسي على الأمة العربية، فإننا نرى أنفسنا في مقدمة من يواجهون هذا الحقد. الملاحظ أن الفرس هم الذين عملوا على مشروعهم المعادي للعرب منذ عقود ونجحوا في نقل الصراع إلى داخل المنطقة العربية، ولذا نرى من المهم نقل المعركة في مواجهة الشر الفارسي إلى داخل خريطة ما تسمى بإيران، علماً أن الجبهة الداخلية الإيرانية مهلهلة لا تحتمل الصمود أمام أي هزة أمنية، فضلاً على أن الشعوب غير الفارسية على أهبة الاستعداد للتعاون في سبيل تغيير واقع الظلم الذي تعيش فيه.
* هل هناك مؤشرات تدل على تغيير المعادلة الدولية لصالح الأحواز؟ وهل الدول العربية تقدم للأحوازيين الدعم السياسي؟
- نحن على قناعة بأن تغيير المعادلة لصالح الأحوازيين بحاجة إلى مزيد من النضالات، وأن ذلك لا يتأتى بين يوم وليلة، وتحقيق ذلك هو هدفنا، والمهم هو أننا على الدرب الصحيح، وتحقيق ما نصبو إليه ليس بالمستحيل إذا توفرت الإرادة الصلبة بعد توفيق من الله.
نحن نشكر كل من تبنى قضيتنا في المحافل السياسية، ونشكر كل من دعمها بموقف على المنابر الإعلامية، فقضيتنا بدأت تحظى بمواقف داعمة من شخصيات سياسية وفكرية وإعلامية في الوطن العربي، وبجهودهم بدأت تنفرج أمام قضيتنا سبل التواصل مع الشارع العربي الذي تتبناها بعد أن أتيحت له فرصة التعرف عليها. هذا هو مستوى الدعم الذي حصلت عليه قضيتنا حتى الآن، إلا أن ما نحتاج إليه هو الدعم المتكامل الذي يساعدنا في التأهل لمستوى خوض الصراع بكل مقوماته، ويأتي في مقدمة الدعم تبني القضية الأحوازية سياسياً في المحافل الدولية، وفرضها على المجتمع الدولي كقضية شعب عادلة.
* كيف تقيمون علاقاتكم مع الشعوب غير الفارسية؟ وهل هناك مشاريع مشتركة لمواجهة الدولة الفارسية كعدو مشترك؟
- نحن ومعظم فصائل الشعوب غير الفارسية متفقون على أهمية العمل المشترك في مواجهة عدونا المشترك، وهناك تفاهمات عديدة للتنسيق فيما بيننا، ونعمل على تطويرها، ونأمل أن ترى النور قريباً. كما أن لدينا علاقات إستراتيجية مع جيش العدل وحزب حياة حرة (بيجاك) الكردي، وهناك تنسيق على أعلى المستويات.
* ما العوامل التي ساعدت الدولة الفارسية على تهميش وتغييب القضية الأحوازية طوال العقود الماضية؟
- هناك أمور كثيرة أسهمت في تغييب القضية الأحوازية، ولعل أول الأسباب هو التعتيم الإعلامي التي تمارسه دولة الاحتلال على الشعب العربي الأحوازي في ظل تغافل الإعلام العربي عن تسليط الضوء على معاناة هذا الشعب. إن هذا التعتيم غيب القضية الأحوازية من مخيلة الإنسان العربي، ويمكن القول إن الفرس قد نجحوا إلى حد كبير في ذلك، ولكن التطور التقني في العقد الأخير قيد الدولة الفارسية ولم يعد بوسعها السيطرة على الأحواز إعلامياً. فمنذ سنوات بدأت القضية الأحوازية تأخذ مكانتها شيئاً فشيئاً في وجدان الإنسان العربي، ونحن على إيمان كامل أن القضية الأحوازية سيكون لها شأن في المستقبل القريب.
* كيف يمكن الحد من الاختراق الفارسي للإعلام العربي؟ وكيف تقيمون تناول القضية الأحوازية في الإعلام العربي؟
- الحل يكمن في الإشراف الأمني على الإعلام العربي لاسيما الخليجي منه، وهذا ما عملته الدولة الفارسية الحديثة منذ نشأتها في أوائل القرن العشرين. إذ لا يوجد إعلام ينشط في داخل جغرافيا ما تسمى بإيران وهو لا يقع تحت سيطرة الأجهزة الأمنية والاستخبارية، بل أكثر من ذلك أن هذه الأجهزة دربت عناصر أمنية ليؤدوا أدواراً إعلامية. للأسف البعد الأمني والسياسي في أغلب وسائل الإعلام العربية شبه معدوم، في حين يحدث عكس ذلك في الإعلام الفارسي.
تناول القضية الأحوازية إعلامياً أصبح أفضل من السابق، ولكن هذا لا يعني أن التغطية وصلت إلى المستوى المطلوب، طبعاً نتوجه بالشكر إلى الإعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي على دعمه المتميز للقضية الأحوازية. نحن كأحوازيين نأمل أن تتصدر القضية الأحوازية الإعلام العربي إلى جانب قضايا مهمة مثل الثورة السورية والقضية الفلسطينية، وفي سبيل ذلك عملت حركة النضال العربي على بناء جسور التعاون مع عدد كبير من الصحف والمؤسسات الإعلامية.