«الجزيرة» - الاقتصاد:
لا يختلف أحد على أن الإنترنت هو عصب الاتصالات الرئيسي الذي يربط العالم ولا يمكن الاستغناء عنه. ويعتمد الكثير منا على خدمات التواصل والمكالمات والتراسل وغيرها من خلال الإنترنت لنشكل بذلك مجتمع اتصالات ضخم. ولكن هل من الممكن أن يتم إنشاء مجتمع اتصالات آخر لا يعتمد على الإنترنت؟ وكيف من الممكن تحقيق ذلك؟
منذ أكثر من أربع سنوات عمل المؤسسان كريستوفر ريتشاردسون وحاتم ابراهيم على تطوير فكرة إنشاء منصة اتصالات بهدف ربط جميع مشغلي شركات الهاتف المحمول في العالم ومشتركيهم وجعلهم في شبكة واحدة، ولكن التحدي هو كيفية إنشاء شبكة لها قدرة لربط أكثر من 1000 مشغل جوال واستيعاب أكثر من 4.5 مليار مشترك في جميع انحاء العالم.
واهتم عدد من المستثمرين بتمويل ودعم الفكرة قبل أربع سنوات ومع مرور الوقت بدأت معالم الفكرة تتبلور وتتقترب من أرض الواقع مع ازدياد عدد المسثمرين والآن أصبحت الفكرة واقعا وجاهزة للانطلاق.
تأسيس ONEm:
إن فكرة إنشاء شركة ONEm جاءت بعد أن لاحظ مؤسسا الشركة أن عدد مشتركي الهواتف الجوالة في العالم حاليا يبلغ أكثر من 4.5 مليار مشترك، وفي الوقت الحالي لايزال اكثر من 70 % من مستخدمي الهاتف الجوال في العالم (3 مليارات مشترك) بدون خدمات الاتصال بالإنترنت عن طريق هواتفهم حيث لاتوفر لهم شركات الاتصالات خدمة الإنترنت المحمول. وفي حين تسعى العديد من شركات الاتصالات إلى تطوير شبكاتها إلى مستوى 4G في السنوات الخمس القادمة وحسب الإحصائيات فإن التغطية لن تتوفر الا لـ 50 % من مستخدمي الهاتف المحمول فقط، أي أن هناك أكثر من 2.5 مليار مشترك لن تتوفر لهم الإنترنت في هواتفهم. بالإضافة لما سبق فإن شركات الاتصالات تركز لتغطية المناطق الحضرية اكثر من المناطق الاخرى وهذا يعني بأن العديد من المشتركين الغير قاطني المدن الحضرية لا تتوافر لهم خدمات الإنترنت.
وفي الوقت الحالي تعاني شركات الاتصالات في العالم من منافسة كبيرة من تطبيقات الاتصالات عن طريق الإنترنت مثل إسكايب وفايبر وواتسآب إلا أن هذه الاتصالات التي تتم عن طريق الإنترنت، وإن كانت مجانية فإنها لاتزال تعاني من ضعف في الكفاءة حيث يتطلب الحصول على اشتراك إنترنت فائق السرعة للحصول على أفضل أداء وهي غير متوفرة لغالبية مشتركي النقال في العالم.
من جهة اخرى لا تزال الاتصالات الدولية التي تتم بين مشغلي الجوال في دول العالم مرتفعة نسبياً وتعتمد على المحاسبة بالدقيقة وهي غير قابلة للانخفاض بشكل كبير في المستقبل القريب بسبب صعوبة عمل اتفاقيات بين جميع مشغلي الهاتف الجوال لتضارب المصالح والاهتمامات فيما بينهم، بالإضافة إلى ذلك فإن جودة الاتصالات الدولية ليست جيدة في بعض الاحيان لأسباب تتعلق بالبنية التحتية بين المشغلين وهي في أغلب الاحيان خارجة عن سيطرتهم، وبسبب الاعتماد الكبير على الإنترنت، ازدهرت عمليات قرصنة المعلومات بشكل كبير، وهي من أكبر التحديات التي تهدد سلامة وسرية الاتصالات في العالم.
من هنا جاءت فكرة إنشاء شبكة إتصالات خاصة تقوم بربط شركات الجوال حول العالم ومن خلال هذه الشبكة سيكون بإمكان مستخدم الجوال الموجود في أي بلد التواصل عبر المكالمات الصوتية والرسائل القصيرة مع أي مشترك في بلد آخر بكفاءة عالية وهي غير معتمدة على الإنترنت وبسعر منخفض, ببساطة جميع المستخدمين من جميع البلدان مرتبطون بشبكة واحدة وكأنها شبكة محلية حيث يتطلب فقط أن تقوم شركات الهواتف النقالة في هذه البلدان بربط شبكاتهتم مع شبكة ONEm.
خدمات ONEm المتطورة:
إن نموذج عمل ONEm ليس فقط للمكالمات ولكن هناك العديد من الخدمات الاخرى المهمة, فهناك خدمات الـSMS وMMS وخدمات الايميل وايضا خدمات تراسل البيانات بين الاجهزة والمعروفة بـ(M2M) وخدمات الاتصالات الداخلية والرقم الموحد للشركات والهيئات الحكومية وغير الحكومية والعديد من الخدمات الاخرى وجميعها تتم عن طريق شبكات الاتصالات القائمة وبدون استخدام الإنترنت.
وقد قامت إدارة ONEm بتطوير الشبكة وجعلها شبكة ذكية تفاعلية تقوم بالعديد من خدمات ذات قيمة مضافة لمستخدمي النقال. فعلى سبيل المثال باستطاعة شبكة ONEm بالترجمة الفورية للرسائل النصية SMS والمكالمات الصوتية وتقديم خدمات متعددة كالمراسلات والمحادثات الجماعية وربط المشترك مع أهم مواقع الإنترنت مثل جوجل وفيس بوك وتويتر والعديد من المواقع الاخرى.
وتتميز شبكة ONEm بأعلى معيايير الكفاءة والحماية على مقاييس قطاع الاتصالات. ومن خلال الربط يستطيع المستخدم الحصول على هذه الخدمات بشكل مبسط وسلس للغاية من غير استخدام الإنترنت. كما تتميز شبكة اتصالات ONEm بالحماية الكاملة من عمليات القرصنة لعدم اعتمادها على الإنترنت.
مجتمع اتصالات جديد:
إن النشاط الأساسي لشركة ONEm يتمثل في تقديم ما هو أفضل في مجالي الهاتف المحمول والإنترنت وخلق مجتمع جديد على غرار مجتمع الإنترنت باستخدام نموذج قائم على العضوية مماثل لما يحدث بالفعل على الإنترنت، ويتعلق نموذج العضوية الذي يحظى من خلاله المستخدمون بالوصول غير المحدود إلى الخدمات نظير رسوم شهرية معقولة، وسيتم الحصول على خدمة ONEm حصرياً عن طريق المشغلين المرخصين في كل دولة.
وقد كان التحدي الأكبر للشركة هو في تطوير برمجيات وبناء الأنظمة واختيار مراكز اتصال في العالم ذات كفاءة عالية لوضع البنى التحتية اللازمة للشبكة، بالإضافة إلى ذلك بناء السعة المطلوبة لاستيعاب عدد المشتركين والمقدر حاليا بأكثر من 4.5 مليار مشترك، وفي الوقت الحالي تم بناء وتطوير أنظمة ONEm في مركز البيانات في لندن يتسع لخدمة أكثر من مليار مشترك. وجاري العمل على بناء مراكز أخرى في الولايات المتحدة وهونج كونج ورفع القدرة الاستيعابية لخدمة اعداد اكبر من المشتركين، بالإضافة إلى اكثر من 20 نقطة للربط مع شركات الهواتف النقالة في العديد من الدول.
وتعمل حاليا ONEm مع العديد من مشغلي الهاتف المحمول في جميع دول العالم، حيث أبدى عدد كبير استعدادهم للانضمام لشبكة ONEm. وبالفعل بدأت ONEm في توقيع الإتفاقيات مع عدد من المشغلين ليتم من خلالهم إطلاق الخدمة في شهر يوليو 2016م. وتتوقع ادارة ONEm بأن يكون هناك العديد من مشغلي الهواتف الجوالة قد انضموا للشبكة بحلول نهاية 2016م. وستحتوي خدمة ONEm على باقة تضم أكثر من 300 خدمة بإشتراك واحد.
وتضم الشركة حاليا اكثر من 80 مساهما (افراد وشركات) من الخليج وأوروبا بالاضافة إلى مؤسسي الشركة.