«الجزيرة» - واس:
تزامن تاريخ نشأة وكالة الأنباء السعودية «واس» في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة عام 1390هـ الموافق 23 يناير عام 1971م، مع بداية عصر النهضة الشاملة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واكتساب المنطقة أهمية إستراتيجية في العالم، وخلوها من وسائل إعلامية فاعلة تواجه تحديات تلك المرحلة، فكانت ولادة (واس) أشبه بملء الفراغ الإعلامي في المنطقة في وقتها. ولم تستغرق فترة صدور الموافقة السامية على إنشاء «واس» بموجب الأمر الملكي السامي رقم (20476) الصادر في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة عام 1390هـ، سوى (25) يومًا وذلك من تاريخ طلب وزارة الإعلام المدون في 30 شوال عام 1390هـ، تلا ذلك صدور الموافقة السامية على إنشاء الوكالة خلال أسبوع، ثم باشرت نشاطها الفعلي بعد أسبوعين كمديرية عامة تابعة لوزارة الإعلام «آنذاك» ومركزها الرئيس في مدينة الرياض. وبدأت «واس» أول مهامها الإعلامية في موسم حج عام 1390هـ، حيث تم تكليف أحد مندوبيها لتغطية تحركات الحجاج في المشاعر المقدسة، وإبراز الخدمات التي تقدم لهم من خلال الاتصال بمقر إمارة منطقة مكة المكرمة في منى، بينما كانت تستقي أخبارها الرسمية الأخرى مما يرد إليها من مندوب الإذاعة في الديوان الملكي الذي كان على صلة مباشرة بوزير الإعلام، حيث كان يتم إبلاغ مدير عام الوكالة بالنيابة -آنذاك- بأخبار الديوان الملكي ومجلس الوزراء عبر خطابات رسمية أو عبر الهاتف من وزير الإعلام. واستهلت «واس» نشاطها الإخباري ببث عشرة أخبار كمتوسط يومي بسبب عدم توفر وسائط الاتصالات بشكل متكامل، إذ كان هناك صعوبة في تدفق الأخبار من وإلى الوكالة، فعملت «واس» على توزيع الأخبار محلياً عبر طبع الأوراق على ورق «البرشمان»، في حين كانت الصحف في «جدة» ترسل مراسليها يوميًا إلى «واس» لأخذ الأخبار مناولة في الظهر والمساء، ومعها الصور من قسم التصوير بالمديرية العامة للصحافة والنشر، كما كان يتم إرسال نفس الأخبار إلى الإذاعة بالرياض عبر المبرقات ومنها إلى صحيفتي الجزيرة والرياض).
وخارجيًا، عملت «واس» على توزيع أخبارها بإرسالها يومياً إلى الملحقين الإعلاميين التابعين للمديرية العامة للصحافة والنشر في كل من : بيروت، وتونس، وأنقرة، وكراتشي الذين كانوا يتولون توزيعها هناك، كما كان يتم تزويد وكالات الأنباء العالمية: DPA) (UPI) (Reuters) (AFP) بأخبارها عن طريق المديرية العامة للصحافة والنشر. وشهدت (واس) بعدها خطوات ملموسة في سبيل تطوير إمكانياتها وقدراتها وأدائها، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات التنظيمية والإدارية والتقنية التي انعكست نتائجها بشكل واضح على تنامي عدد الأخبار التي تبثها وتستقبلها الوكالة، واتساع دائرة الاهتمامات للوكالة من خلال تنوع الموضوعات التي تتناولها، مع التطور الملحوظ في حجم ونوعية الطاقة البشرية، وامتلاكها قدرات في مجال الاتصال مكنتها من إيصال خدماتها إلى عدد كبير من الراغبين في استلام الخدمة الإخبارية لها داخل المملكة وخارجها. وتمكنت «واس» على مدى أكثر من 45 عامًا أن تضع لنفسها بصمة في خارطة الإعلام الدولي من بين أكثر من 200 وكالة أنباء في العالم، لتتربع حتى هذا اليوم على قائمة أهم المصادر الإعلامية الرسمية للمملكة العربية السعودية التي تعتمد عليها وسائل الإعلام المختلفة في نقل أخبار المملكة، وذلك عبر موقعها الإلكتروني الذي يُزوّد بالأخبار على مدار الساعة يوميًا، وعبر حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي. وفي سبيل تنمية عملية التبادل الإخباري والتدفق الحر للأخبار والمعلومات سجلت وكالة الأنباء السعودية لها مكانة عربية وإسلامية متميزة بعد أن أضحت عضوًا مؤسسًا لاتحاد وكالات الأنباء العربية، ووكالة الأنباء الإسلامية، ووكالة أنباء دول عدم الانحياز، وعملت على توزيع نشرة أخبارها اليومية مجاناً أولاً بأول على جميع دور الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزة، والدوائر الحكومية في المملكة، ابتداء من شهر ذي الحجة عام 1395هـ الموافق الأول من ديسمبر 1975م. وأنشأت «واس» بالتعاون مع وزارة البرق والبريد والهاتف (آنذاك) شبكة متكاملة من الخطوط البرقية المباشرة التي تصلها مع مكاتبها الداخلية والخارجية، وعدد كبير من وكالات الأنباء العربية والأجنبية، بغرض استيعاب حركة نقل الأخبار من المملكة وإليها بأفضل الوسائل الفنية المتوفرة، لتطبق عام 1978م الإرسال المباشر الدائم ضمن شبكة توزيع الخدمات الإخبارية وتبث في ثلاث اتجاهات رئيسية مغطية (50) دولة في الشرق الأوس، وشمال أفريقيا وشرقها ووسطها ، وجنوبي أوروبا، وغرب آسيا.
وفي 23 صفر 1403هـ بدأت «واس» في استخدام أحدث وسائل الاتصال بربط مشتركيها بشبكة خطوط برقية مباشرة تعمل عبر الأقمار الصناعية والميكرويف، بعد أن كانت تستخدم في السابق الترددات الهوائية التي تتأثر بالتقلبات الجوية وتؤثر على درجة وضوح الاستقبال والبث.
وواصلت وكالة الأنباء السعودية نشاطها الإخباري الذي يغذي مختلف وسائل الإعلام خاصة المحلية وفق إمكانياتها المتاحة في تلك الفترة، وعملت على تحقيق مهامها في مجال صناعة المادة الإعلامية، والتغطيات الصحفية، والتبادل الإخباري مع مختلف وكالات الأنباء الخليجية والعربية والعالمية، فكانت حاضرة في كل مناسبة وطنية أو دولية، لتزود وسائل الإعلام والمشتركين لديها بكل جديد، جاعلة الموضوعية والدقة نبراسًا ومنهاجًا لها في العمل. وأدخلت «واس» في 18-8-1418هـ الموافق 20-12-1997م خدمة آلية حديثة في عملها التحريري والإداري، لتتواكب مع معطيات المرحلة التي تمر بها في ذلك الزمن، وهي «خدمة الحاسب الآلي» فتحول العمل التحريري إلى عمل آلي مترابط، يضم في تبادلاته المكاتب الداخلية والخارجية لـ»واس» ضمن شبكة حاسوبية ضخمة ترتبط في ميكنتها بالمكتب الرئيس في الرياض، وذلك لإتمام عملية إرسال واستقبال الأخبار من «واس» آليًا بسرعة وإتقان. ولم تكتفِ وكالة الأنباء السعودية بذلك، بل عملت على النهوض بدورها الإعلامي بشكل يتناسب مع معطيات العصر، فأضافت عام 1420هـ إلى منظومتها الإخبارية خدمة جديدة، وهي استقبال الأخبار عبر الأقمار الاصطناعية من خلال أربعة أقمار ساعدت الوكالة على تغطيتها الإخبارية للعالم باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك في إطار مشروعها الذي أبرمته مع وكالة اليونايتدبرس برس انترناشونال عام 1416هـ، لتكون بذلك أول وكالة عربية تمتلك هذه الخدمة. وعام 1420هـ تمكنت «واس» من بث أول أخبارها على شبكة الانترنت، متضمنا العديد من الروابط التي تخدم المتصفح مثل: الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والرياضية، والصور الفوتوغرافية، علاوة على التميز في بث الأخبار الخاصة بالدولة مثل: جلسات مجلس الوزراء، وإعلان الميزانية السنوية، والقرارات والأوامر الملكية، إلى جانب روابط مخصصة بالحج، ورابط البحث في أخبار الوكالة التي يعود تاريخها إلى عام 1980م.
وعملت الوكالة على تطوير آليات العمل التقني داخل موقعها الإلكتروني، لتنهض بعملها الإخباري، إلى أن وصلت للأول من محرم 1430هـ، حيث دُشن الموقع المطور للوكالة على الإنترنت، مصممًا بطريقة تضمن حصول المستعرض للموقع على المعلومة بطريقة سهلة وميسرة، وتم إثراؤه بمعلومات وخدمات تضفي عليه ديناميكية وقوة في تعدد الاختيارات، إضافة للتبويب الاحترافي والخدمات التي تهم الزائر ومنها: خدمة النسخة الكفية «WAP» المجانية الخاصة بالهواتف النقالة التي تمكن الزائر لموقع الوكالة من تصفح خدمة الوكالة من جهازه النقال. وفي نفس العام، أضافت «واس» خدمة جديدة لخدماتها الآلية في الموقع الإلكتروني، وهي خدمة الرسائل النصية SMS، علاوة على خدمة «RSS» وهي خدمة تمكن المستخدم من الحصول على الأخبار التي يحددها، وفق تصنيفات «واس» وعن طريق الانترنت على متصفح خاص بهذه الخدمة، كما أضيف للموقع الكثير من الجوانب التعريفية والخدمية. وأضيف لموقع «واس» الإلكتروني بعض الخدمات التفاعلية التي تضفي عليه ديناميكية تفاعلية سواءً في ربط الأخبار مع الصور، وتصنيفات خاصة بجلسات مجلس الوزراء الحالية والسابقة، والأوامر والقرارات الملكية التي صدرت في الفترة الأخيرة، ونبذة تعريفية عن المملكة ومناطقها تشمل الحرمين الشريفين مع صور خاصة لهما والمشاعر المقدسة.
وحققت (واس) في غضون سنوات قليلة الكثير من الإنجازات في سبيل النهوض بمستوى عملها الإعلامي، ومن ذلك دعمها في امتلاك تقنية اتصالات متقدمة لمتابعة ونقل كل ما هو جديد عن المملكة والعالم، في حين أن صدور قرار مجلس الوزراء في 7 رجب 1433هـ الموافق 28 مايو 2012م بتحويلها إلى هيئة عامة، يعد دعمًا مهمًا لها لتعزيز العمل الإعلامي الدؤوب الذي تقوم به (واس) في المجال الإخباري.
ويعمل في وكالة الأنباء السعودية حاليًا أكثر من 600 صحفي وفني وإداري في المقر الرئيس بالرياض، ومكاتبها الداخلية بالمملكة وعددها 14 مكتبًا، والخارجية وعددها (سبعة مكاتب)، وتصدر الوكالة يومياً ما يقارب (400) خبر في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والرياضية، بالإضافة إلى التقارير الخاصة، مدعومة بصور فوتوغرافية عالية الدقة، ناهيك عن البث بخمس لغات هي : الإنجليزية، والفرنسية، والفارسية، والصينية، والروسية، وذلك لضمان إيصال صوت المملكة إلى العالم. وبعد أن دشنت «واس» بوابتها الإلكترونية الجديدة، زودت عمل التحرير الإخباري بمختلف تخصصاته بنسخة مطورة من نظام (نيوزويز) الذي يعتمد على طريقة تبويب آلية تمكن المحررين من سرعة التعامل مع المادة التحريرية لحظة وصولها عبر البريد الإلكتروني للوكالة حتى بثها في موقع الوكالة، إلى جانب التعامل مع الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء العالمية المشتركة معها وكالة الأنباء السعودية، والاستفادة منها في بث الأخبار العالمية على موقعها الإلكتروني، علاوة على سهولة التعامل مع الأخبار التي ترد من الإذاعات بعد الاستماع إليها، وتفريغها في مادة مكتوبة، ليتم الاستفادة منها في بث الوكالة الخاص. وتستفيد «واس» حاليًا من برنامج ( نيوزويز) المطور في بث نشاطاتها الإخبارية عبر برامج الوسائط المتعددة التي تعرض الفيديو، والصورة، والمادة المكتوبة على موقع الوكالة، علاوة على الارتباط بأدوات شبكات التواصل الاجتماعي، وخدمة رسائل الجوال الإخبارية، وتنظيم برامج أرشفة المعلومات، والأخبار، سواء التي للبث العام، أو التي للبث الخاص. وتعمل «واس» على استحداث أقسام تحريرية متخصصة تُعنى بمختلف مجالات التنمية في المملكة للتوسع في موادها الإخبارية بأسلوب احترافي يرتقي إلى المكانة التي حققها الإعلام في القرن الحالي، ساعية إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين عبر موقعها الإلكتروني الذي يمكن متابعته من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، أو من خلال حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي: التويتر، والفيسبوك، والانستجرام، واليوتيوب، ورسائل الجوال (SMS)، آخذة بعين الاعتبار أهمية مواكبة الحدث ونقله في وقت قياسي للمتابع بمهنية متقنة تدرك التوازن ما بين السرعة في النقل والمصداقية في النشر.