في كندا، بين كل فترة وأخرى، تخرج الأقليات المسلمة واليهودية بمقولات تشير إلى أنهم يقعون ضحية للآفة المزمنة المتعلقة بكل من معاداة السامية ومعاداة الإسلام. وبناء على الحكايات المتفرقة التي أسمعها، يمكنني القول إن الإسلاموفوبيا أكثر شيوعًا في المجتمع الكندي من معاداة السامية. فنادرًا ما تسمع عن طفل اسمه (آفي) أو (موردخاي) يتم وضعه بالخطأ على قائمة المنع من الطيران، على سبيل المثال. وفي هذا الشهر أتى بعض المتفرجين الأثرياء لمناظرة في وسط تورنتو حيث روج أحد المناظرين البارزين في تلك الليلة لفرضية أن اللاجئين المسلمين لا يمكن الوثوق بهم لأنهم يمكن أن يقوموا باغتصاب أطفالنا من اليهود والمسيحيين! هذا شيء سيئ. وبالمثل ما أوردته صحيفة (هاليفاكس) في على صفحتها الرئيسية - قبل أن تتراجع عنها بعدما تبين زيفها - بأن أطفالا مسلمين صغارا خططوا لغزو إسلامي عالمي، أثناء لعبهم على أحصنة خشبية في حديقة الملاهي.
ولكن على الجانب الآخر، فإن الجهات التي تراقب خطابات الكراهية تبالغ عندما تقول إن وسائل الإعلام السائدة تشجع بصورة ما على خطاب كراهية المسلمين في كندا.
مؤخرا صرح هارون صدّيقي، الكاتب بصحيفة (تورنتو ستار) الكندية ومحرر افتتاحيتها سابقًا، أمام جمع من الجمهور في متحف بمدينة أجاخان - طبقًا جريدة ستار - قائلاً: «لقد ساهمت وسائل الإعلام في انتشار الإسلاموفوبيا بمساواة الإرهابيين الذين يمثلون أقلية من المسلمين مع بقية المسلمين». وفي خطبته التي نشرت مقتطفات منها صحيفة «ستار»، أعلن صدّيقي: «إن المدان الأكبر هو (ناشيونال بوست) ومجموعة صحف البوست التي تنتشر عبر البلاد، والتي تشتمل الآن على سلسلة «الصن» أيضًا، حيث لا يكاد يمر أسبوع بدون أن تجد تلك الصحف شيئًا ما خاطئًا عن الإسلام والمسلمين. تلك المطبوعات تفتش دائمًا عن الإرهابيين تحت كل مئذنة كندية؛ إنهم يطاردون أي إمام أو أي مسلم يعبر عن غضبه في بعض البيانات، والتي سرعان ما يتم اعتبارها دليلاً على العنف الإسلامي أو كراهيته للغرب».
لقد شاركت مع صدّيقي في منابر إعلامية معًا، وأنا معجب بهذا الرجل، وأجده معتدلاً جدًا في معظم القضايا.
نعم إن وسائل الإعلام مفتونة بالإرهاب، لأن قراءنا مفتونون بالإرهاب، بما في ذلك النوع الذي تسببه عصابات الشوارع والكوارث الطبيعية والقاتلين المحترفين. إنها طبيعة بشرية، إننا نهتم عندما تخرج الأشياء عن السيطرة ونجد تفجيرات وعنفا ودماء. إننا نهتم أيضًا بالأسئلة ذات الدوافع. ولأن الإرهابيين حاليا يأتون من تنظيمات مثل داعش وبوكو حرام والشباب والقاعدة، فإن وسائل الإعلام تؤكد وتصر وتقول لنا بكل وضوح أن تلك الجماعات ترتكب تلك المذابح باسم الإسلام، ونحن نردد ذلك أيضًا دون تمحيص. وعندما يتوقف الإرهابييون في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا عن تفجير أنفسهم، فإننا أيضًا سنكون أول من يتكلم عن هذه الظاهرة.
بل إنه سيكون من الجميل أن يعترف صدّيقي بأنه في العامين الماضيين، تم إخراج حكومتين كنديتين وليست حكومة واحدة من السلطة، وهي حكومتي ستيفن هاربر وبولين ماروي، بسبب أن المعلقين في وسائل الإعلام سئموا من ترويج الحكومتين للإسلاموفوبيا وقضايا النقاب في المجتمع الكندي. وأنا شخصيًا كنت أعمل في صحيفة (ناشيونال بوست) أثناء الحملة الانتخابية لمقاطعة كيبيك عام 2014، وكتبت شخصيًا عدة مقالات تدين الرسائل المليئة بالكراهية من متطرفي حزب بولين ماروي. وفي كلتا الحالتين لم يكن خطاب الكراهية الإعلامي ضد الإسلام هو الذي رجح كفة أحد الأطراف في الانتخابات، ولكن كانت الحملات الإعلامية المضادة للإسلاموفوبيا.
يجب على الكنديين أن يشعروا بالفخر بأنهم يعيشون في بلد متسامح يتم فيه تهميش كل من المعادين للسامية والمعادين للإسلام، ويتم إدانة مشاعرهم المليئة بالكراهية. لقد أصاب هارون صدّيقي بترويجه للحذر من تلك الأنماط التي تروج للكراهية في وسائل الإعلام، ولكنه قد بالغ كثيرًا في بعض النواحي عند تناوله لهذه المشكلة.
- جوناثان كاي