جاسر عبدالعزيز الجاسر
تستضيف الرياض اليوم وغداً قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعقد القمة الخليجية السادسة والثلاثين، هذه القمة التي يتمنى الخليجيون جميعاً أن تحمل مسمى «قمة حزم الرياض»؛ تأكيداً وتواصلاً، لتأكيد التزام دول الخليج العربية الحزم في مواجهة من يريدون الشر لهم، وأن تتوحد كلمتهم وصفوفهم في التصدي لهؤلاء الأشرار، وألا تخمد همتهم في هذه المواجهة التي يتوقف على نتائجها مستقبل دول الخليج العربية والهوية العربية ومصالح أهل الخليج، وتهديد ما حققته من إنجازات تنموية، فالتدخلات الأجنبية والأجندات التي أخذت تتكشف، تظهر وتؤكد أن أهل الخليج العربي ودولهم مستهدفة، فبالإضافة إلى التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية زرعت قوى الشر خلاياها الإرهابية في دول الخليج العربية، التي لم تتوان عن تنفيذ العديد من العمليات الإجرامية طالت جميع دول الخليج، وإن لم تعلن بعض الدول عن تلك الأعمال الإرهابية، إلا أن ما كشف عنه، وخصوصاً في مملكة البحرين ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة يظهر خطورة ما تقوم به القوى الشريرة وبالذات نظام ملالي إيران الذي جند العديد من إرهابييه وأذرعته الإجرامية ممثلة في حزب حسن نصر الله اللبناني والمليشيات الإرهابية الطائفية العراقية التي نشرت سمومها في عدد من دول الخليج العربية.
إذن الهم الأمني يتقدم على كل ما سيطرح من ملفات أمام قمة حزم الرياض، فقد وصلت الأخطار إلى مستوى لا يمكن السكوت عنه، ولهذا فإن أقل ما يمكن أن يتم اتخاذه في هذه القمة هو البدء في تنفيذ الاتفاقية الأمنية المشتركة التي يجب على الدول التي تتحفظ على بعض بنودها أن تتجاوز هذه التحفظات لتأمين وحدة دول مجلس التعاون في مواجهة الاختراقات التي أصبحت محددة وواضحة حتى للدول التي تحفظت على بعض بنود الاتفاقية، إذ لم يعد الأمر مقبولاً بعد انتهاك أمنها بدليل ما اكتشف من خلايا إرهابية فوق أراضيها. كما أن الدول الأخرى من دول مجلس التعاون لن تبقى مرتهنة لتردد وتحفظ دولتين لحسابات داخلية، فأمن دول المجلس أمن واحد وعلى الجميع أن ينفذ ما يستهدف مصلحة الكل، وإن تردد البعض فعلى الدول الأخرى أن تعلن ذلك حفاظاً على أمنها.
أما الملف الثاني فهو الموقف من دعم الشرعية في اليمن، إذ إن دعم ومشاركة دول الخليج العربية في معارك طرد الانقلابيين والحوثيين الذين يقاتلون بسيف ملالي إيران مهددين أمن المنطقة، فاستيلاء عملاء إيران على اليمن لا يهدد المملكة العربية السعودية القادرة بقوة على الدفاع عن أمنها ولكنه يهدد أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية جميعاً بوصف اليمن عمقاً استراتيجياً لدول الخليج العربية، فالاستيلاء على اليمن من قبل الإيرانيين وعملائهم من الطائفيين سيكون مدخلاً للتسلل لدول الخليج العربية وتهديد أمنها.
ولهذا فإن القمة مطالبة بدعم وتعزيز قوات التحالف العربي، حيث يلاحظ تراجع وتقليص مشاركة بعض دول الخليج باستثناء المملكة طبعاً ودولة الإمارات.
ويأمل الخليجيون ألا تشغل مواجهة الإيرانيين في اليمن ومواجهة خلاياهم النائمة عن مواصلة تنفيذ مشروعات التنمية وتعزيز مسيرة التعاون المشترك، خاصة تعزيز المواطنة الخليجية والبدء الفعلي في تنفيذ خطوات السوق الخليجية المشتركة، وإتمام خطوات برامج الربط الكهربائي والسكك الحديدية لربط دول المجلس، بما يحقق لمواطني دول مجلس التعاون تسريع الاندماج والتكامل بين دول الخليج العربية للانتقال فعلياً إلى مرحلة توحيد إقليم الخليج العربي.