القاهرة - واس:
شارك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي، أمس، في الاحتفالية التي أقيمت على هامش أعمال مؤتمر فكر14، بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس جامعة الدول العربية.
ودعا صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته خلال الاحتفالية إلى تضافر جهود الأمة العربية لمواجهة ما تمر به من اضطراب فكري وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية، لتستعيد الثقة في النفس مجددا وتتخطى الأزمات لتحقيق مآرب وطموحات الشعوب العربية.
ووجّه سموه الشكر لمصر قيادة وحكومة وشعبا، لاستضافة مؤتمر الفكر العربي، بمشاركة حشد كبير من المفكرين العرب الذين يحملون أفكار البناء والتجديد والتنمية، مؤكدا ضرورة الحفاظ على مستقبل الأمة عن طريق الثقافة والفكر بعيدا عن المشاحنات والمزايدات.
وقال إنه لطالما شهدت أروقة الجامعة العربية مفارقات وخلافات بين الدول العربية، تنتقل من مقعد لمقعد ومنبر لمنبر، إلا أنها اليوم تجمع العقول العربية والأفكار العربية من كل حدب وصوب بغرض الاتفاق على مستقبل الأمة عن طريق الثقافة والفكر والتنمية، بعيدا عن المشاحنات والمزايدات، عادًّا ذلك خطوة مهمة تضاف إلى خطوات كثيرة.
من جانبه، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي على أن الحرب على الإرهاب تتطلب ثورة فكرية وحضارية ومواجهة شاملة، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة العربية من تحديات غير مسبوقة، باتت تهدد الأمن القومي العربي بشكل كبير وكيان الدولة الوطنية.
وأكد العربي في كلمته أن مؤتمر الفكر العربي يشكل علامة مهمة من علامات الحياة الثقافية والفكرية في الوطن العربي، كما أن مؤسسة الفكر العربي تشكل نموذجا مهما للعمل العربي الأهلي المشترك.
ونبّه أمين الجامعة العربية إلى أن مشروع التكامل العربي يواجه تحديات كبيرة في ظل ما تشهده دول المنطقة من تحولات عاصفة تفرض على الجميع التوقف ومراجعة مواقف العالم.
ووصف المؤتمر بالفرصة القيمة لإحياء هدف التكامل العربي الذي لا غنى عنه لنهضة الأمة العربية التي باتت في خطر كبير بعد ما قادت التحولات السياسية التي جرت في العديد من دول المنطقة خلال الأربع سنوات الماضية، لعكس ما تمناه الجميع، وتحولت في بعض الدول لنزاعات دموية ومواجهات أنتجت موجات إرهابية خطيرة.
وحذّر أمين عام الجامعة من خطورة موجات الإرهاب التي تجتاح المنطقة بهدف هدم البنية الأساسية للدول وأسسها الثقافية والاجتماعية والدينية وتغييرها لأسس أخرى تستند على أسس دينية خاطئة.
وأعرب عن تطلعه للتوقيع على ميثاق الجامعة العربية بعد إدخال تعديلات جديدة عليه حتى تستطيع مواكبة التغيرات والتحولات في المنطقة ودفع العمل العربي المشترك للأمام، كما أعرب عن أمله في أن يسهم مؤتمر الفكر العربي في استعادة الدور الثقافي والحضاري والإسلامي السمح بعيدا عن النظرة المشوهة التي أصبح ينظر إليه بها.
من جهته، أكد الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى أهمية الاحتفال بمرور 70 عاما على تأسيس الجامعة العربية من خلال مؤتمر مؤسسة الفكر العربي.
وثمّن المبادرة المشتركة بين الجامعة العربية ومؤسسة الفكر العربي لعقد هذا المؤتمر الحاشد في ظل التحديات التي تحيط بالعالم العربي وتتطلب وضع الجامعة العربية في سياق عصري يستشرف المستقبل ويسهم في صياغة شرق أوسط مختلف، وإقامة نظام وصياغة جديدة للمنطقة لتحقيق التنمية والاستقرار.
بدوره، أكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة أهمية الدفع قدما بمسيرة التكامل العربي في الذكرى السبعين لتأسيس الجامعة، كونها رابطة العمل العربي المشترك، استنادا إلى المشتركات الحضارية والمصالح الكبرى، خاصة في ظل مرحلة صعبة وخطيرة تتنامى فيها الصراعات والاجتياحات الخارجية ومخاطر التفكيك والشرذمة.
وحذر السنيورة في كلمته من خطورة المجموعات الإرهابية التي ترعرعت في كنف إسرائيل وتمارس الاستبداد مستترة بالدّين وهو منها براء، منتقدا في الوقت ذاته حالة الضعف والهزال العربي الراهنة والفتن التي تسعى إسرائيل وبعض الدول الإقليمية لإشعالها.
ودعا إلى عدم الإصغاء لدعوات إلغاء الجامعة العربية بدعوى فشلها، مؤكدا أن وجودها أصبح أكثر ضرورة وإلحاحا للدفاع عن الهوية العربية، وإن طالب بتطوير آليات عملها لمواكبة التغيرات الإقليمية والدولية الراهنة.
وفي السياق ذاته، أكد مندوب دولة الإمارات العربية المتحدة الدائم لدى الجامعة محمد بن نخيرة الظاهري، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة أهمية مواصلة العمل لدعم الجهود كافة الهادفة إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية، مشددا على أن الظروف والتحديات الصعبة التي تواجه الأمة العربية في الوقت الراهن تستلزم المزيد من التضامن ووحدة الصف بين أبناء الأمة العربية.
ودعا إلى ضرورة مواصلة العمل لدعم جميع الجهود الهادفة إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية، وتفعيل دورها بصورة أكبر لخدمة قضايا الأمة، وللولوج إلى رحاب مستقبل أفضل، من خلال تعزيز الوحدة والتضامن والتكامل بين أبناء الأمة وعلى مختلف الصعد.
وقال إن الإرهاب الذي يواصل انتشاره في منطقتنا ويتمدد في كل مناطق العالم، أصبح خطرا عالميا لا يعترف بالحدود الوطنية ولا يرتبط بديانة أو جماعة معينة، ولا يوجد بلد أو مكان في مأمن من هذه الظاهرة الخطيرة، مؤكدا أهمية نشر الفكر والثقافة الوسطية التي يمكنها الحد من انتشار هذه الظاهرة.
وتم خلال الجلسة تكريم صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل
-رحمه الله-، عميد الدبلوماسية العربية تقديرا لعطائه السياسي والدبلوماسي ودوره المرموق ثقافيا وفكريا في مسيرة العمل العربي المشترك، حيث أهدى الأمين العام للجامعة العربية درع الجامعة العربية عرفانا بدور الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- وتقديرا لمسيرته.
وأثنى المشاركون خلال جلسة الاحتفال بذكرى تأسيس الجامعة العربية، على الدور الدبلوماسي للأمير الراحل وخدمته لقضايا الأمة العربية والإسلامية أمام المحافل الدولية.