جاسر عبدالعزيز الجاسر
من خلال المعلومات القليلة التي أفصحت عنها الأجهزة المختصة في الكويت والمملكة وتونس وفرنسا، وقبل ذلك في مصر وليبيا واليمن والجزائر، وكل الدول التي شهدت تنفيذ عمليات إرهابية كالتي حصلت في الكويت وتونس وفرنسا أخيراً.
تلك المعلومات تشير بوضوح أن العديد من الأفعال والتصرفات قد صدرت عن تلكم الأشخاص الذين نفذوا تلك الأعمال الإرهابية التي صنعت العديد من المآسي في كثير من الدول. وأن تلك الأفعال والتصرفات التي لو اهتممنا بها وتفحصناها بدقة وأخضعنا من يقومون بها لأمكن اعتراض الكثير من جرائم الإرهاب، وأنقذنا إضافة إلى الضحايا الذين سقطوا جراء تلك الأعمال الإرهابية، الإرهابيين أنفسهم بعلاجهم وانتشالهم من الحفرة الإجرامية التي كانوا يساقون إليها.
لنأخذ الإرهابي الذي نفذ جريمة تفجير جامع الإمام الصادق في الكويت نموذجاً، تقول المعلومات القليلة والتي تشكل إشارات واضحة لا تغفلها العين، أن القباع فهد كان سوياً في طفولته في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة ،وتحولت حياته أثناء دراسته الثانوية، وبدأ يرفض بشدة الالتقاء مع أقاربه في المناسبات، ودائماً يصفهم بأبشع العبارات لمخالفتهم أفكاره، خصوصاً حليقي الدقن، وأنه حاول ذات مرة السفر إلى سوريا والعراق للالتحاق بالجماعات الإرهابية، وقد فشلت جميع محاولات الأهل والأقارب بالتودد إليه ودمجه معهم، وإقناعه بالعودة للدراسة الجامعية، كما فشل والده في إلحاقه بوظيفة في القطاع الخاص، كونه كان يرفض العمل لدى الحكومة بزعمه أن العمل لدى الحكومة حرام، ويذكر أنه كان دائماً منعزلاً في غرفته لا يعرف له أصدقاء ودائماً ما يجلس بالساعات أمام جهاز الحاسب الآلي (الكمبيوتر) أو خارج المنزل من دون أن يعلم أحد أن يذهب لساعات طويلة ومع من ذهب.
فهد القباع ليس الشخص الوحيد في العائلة؛ إذ إن شقيقه عبدالله سليمان القباع (شقيق الانتحاري فهد) قد تم اعتقاله قبل أشهر في أحد المطارات بعد عودته من سوريا مصاباً؛ إذ كان يقاتل في صفوف إحدى الجماعات الإرهابية.
وهكذا، فقد كان فهد الشقيق لأحد الإرهابيين هدفاً لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية لتجنيده والدفع به إلى حفرة الإرهاب.
فهد القباع وقبله شقيقه عبدالله ومئات الشباب في السعودية والكويت وتونس ومصر والعراق وباقي الدول ظهرت عليهم نفس الإشارات وسلكوا نفس الأفعال، انتهجوا الفكر المتشدد، وتظهر عليهم عادة في نقاشاتهم وأحاديثهم، وأفعالهم في المنزل خاصة علامات دالة لا يمكن أن تغفلها عيون الأهل الذين وإن شعروا بالخطر، إلا أنهم لا يفعلون شيئاً لمنع وقوعه، إذ يظل الأهل يحاولون نصحه (إن فعل بعضهم) والبعض الآخر يجد ذلك نوعا من التدين، في حين كان الأجدر بالأهل أن يكونوا إيجابيين بأن يتم إعلام الأجهزة المعنية لمعالجة الأمر، وهذا التحرك لو تم لأنقذوا ابنهم من المصير الذي ينتظره؛ إذ تقطع جسمه أجزاء بعد عملية انتحارية، والإبلاغ عن الابن الذي انحرف فكره وظهر ذلك على سلوكه وأفعاله، وحجزه أشهر ومناصحته وعلاجه من تلوث الفكر أفضل بكثير من انتحاره وقتله لمسلمين آخرين تتحمل العائلة وزر تشويه السمعة وإهمال التربية.
كم شخصاً مثل هؤلاء في البيوت العربية التي تغذي داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية بالإنتحاريين؟!!.