حائل - سلطان الشبرمي:
ثمّن معالي مدير جامعة حائل الدكتور خليل البراهيم البطولات التي يسطّرها رجال القوات المسلحة السعودية المرابطون لتحقيق الشرعية وحماية العقيدة الإسلامية في اليمن وحدود المملكة الجنوبية، وقال إن ما يقوم به شباب هذه البلاد في هذا الوقت لهو دليل تلاحم وترابط يغبطنا عليه المحبون ويحسدنا عليه الكارهون، مشيداً بوقفة أبناء المجتمع السعودي بمختلف شرائحهم حول قيادتهم.
جاء ذلك في كلمة ارتجلها معالي مدير جامعة حائل خلال رعايته ندوة «مسؤوليتنا في حماية مكتسباتنا الوطنية»، والتي شارك فيها مختصون وأكاديميون في جامعة حائل على مسرح كلية المجتمع في المدينة الجامعية، وشدد معالي مدير الجامعة على ضرورة تكريس حالة الأمن والاستقرار للمواطن والمقيم، وضرورة المشاركة المجتمعية في بث رسائل توعوية للمواطن والمقيم على حد سواء، لتعزيز الأمن الفكري وعدم التطرف بأفكار منافية للعقيدة والشريعة الإسلامية، مؤكداً أن الشباب قوام المجتمع وركيزته الأساسية لضمان الاستقرار النفسي والاجتماعي والوطني.
وناقش المشاركون سبل توعية الشباب والفتيات بالمسؤولية المشتركة في حماية المكتسبات والرد على الشبهات والوقوف صفاً واحداً من أجل الوطن، ودحض الإرهاب والتجمعات المتطرفة بجميع أشكالها وألوانها وصورها المتقلبة التي يظهر بها في كل يوم من أجل الفتك بأمن البلد والتغرير بالشباب.
قدم الندوة الدكتور عودة الحازمي عميد كلية الطب في جامعة حائل، حيث عرّف المشاركين وتناول أجزاء من المحاور التي من المفترض تقديمها في الندوة، حيث بدأ الحديث الدكتور عثمان العامر أمين عام مجلس الكراسي العلمية في جامعة حائل، والذي وجّه عدة رسائل حول ندوة المكتسبات الوطنية، معرفاً من خلالها الوطن بحدوده وشخوصه، ورجاله وأبطاله وتاريخه ومآثره، مشيراً إلى أن السعوديين لهم خصائص ومزايا لا وجود لها عند الآخرين، فبلدنا بلد الحرمين الشريفين، وهو قبلة المسلمين ومهبط الوحي، مهوى الأفئدة ومحاط أنظار الملايين تشرئب إليه الأعناق وتُقطع من أجل الوصول إليه المسافات وتدفع للوفادة إليه الأموال، ولذا فحبنا له وتفانينا في خدمته والافتخار بانتمائنا إليه والدفاع عنه بالنفس والمال والقيم يجب أن يكون مضاعفاً، مشيراً إلى أن الوطن ليس كائناً هلامياً.
وأكد العامر أن الباحث في التاريخ والقارئ في سجل الأحداث يدرك جزماً كم هو عظيم ما قام به جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، حيث استطاع بتوفيق الله وعونه ثم بمن معه من الرجال أن يوحد هذا الكيان مترامي الأطراف متعدد الأطياف، والواجب في حق كل من ينتمي لهذه الأرض ضمان حماية هذا الإرث الكبير وعدم التفريط في العمل الذي يسند له مهما كان.
وختم العامر حديثه حول القيم الوطنية ذات الأولية والصدارة في الذهنية المجتمعية، والتي من الواجب علينا بلا استثناء أن نلتزم بها ونحافظ عليها، وأهمها الثقة المتبادلة والطاعة لولي الأمر، والإيجابية، والفاعلية دون اتكال أو تواكل والبعد عن الأنانية والفردية، وعدم توظيف المساحة الوطنية المتاحة لأي منا من أجل تحقيق مصلحة شخصية تتأزم أمام أمن الوطن وسلامته واستقراره مهما تصورناها كبيرة في موازيننا الخاصة ذات المدى القصير، والطموح والتطلع والأمل الذي ينشده كل مواطن مخلص من أهل داره وبني جلدته أن يبدع كلُ منا في سد الثغرة التي هو عليها.
من جانبه قال الأستاذ الدكتور عبد الله الفوزان أستاذ علم الاجتماع وعميد معهد البحوث بجامعة حائل إن الوطن هو المكان الذي ولدنا فيه وفيه ترعرعنا على أرضه وتغذينا على خيراته واكتسبنا هويته الدينية والوطنية واحتمينا بعد الله في أمنه ورخائه واستقراره، واستشهد الفوزان بقصة النملة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهي تدافع عن وطنها وبنات جنسها، قال تعالى: حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ .. متسائلاً عن ماهية الإنسان الذي يهدم وطنه فيما تدافع كل مخلوقات الأرض عن مساكنها بفطرة.
وشدد الفوزان في الندوة على ضرورة غرس الجانب التربوي والثقافي ومفهوم المسؤولية الاجتماعية في حماية المكتسبات الوطنية، مطالباً التربويين والمثقفين والآباء والأمهات بنشر ثقافة المواطنة الحقة، والانتماء للوطن الكبير الذي يجمعنا.
أما الدكتور أحمد الرضيمان أستاذ العقيدة المشارك في جامعة حائل فقال إن من أهم مكتسباتنا الوطنية التي حبانا الله في هذا البلاد هي العقيدة الصحيحة، فالعقيدة الصحيحة والإيمان بالله سبب رئيس للأمن والاستقرار، واستشهد بقول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ، فالأمن والإيمان متلازمان كما يؤكد الرضيمان.
وأضاف أن مواد النظام الأساسي للحكم في المملكة تؤكد تمسكه بالعقيدة، ففي المادة 23 منه (تحمي الدولة عقيدة الإسلام) وفي المادة 9 (يربي أفراد الأسرة على أساس العقيدة الإسلامية)، مؤكداً أن العقيدة الصحيحة سبب للنجاة في الدنيا والآخرة وسبب لاستتباب الأمن والانسجام التام بين الراعي والرعية، وبين الناس بعضهم مع بعض، فهي تأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر وعدم منازعة الأمر أهله، وتجعل القضايا المصيرية كالجهاد ونحوها موكلة لولي الأمر، «إنَِّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ, فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ أَتَى بِغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ إِثْمُهُ»، وقال إن العقيدة الإسلامية تعصم الدماء وتمنع من الخروج والثورات على حكام المسلمين، مشيراً إلى أن من سمّى الربيع العربي بهذا الاسم هم أعداء الإسلام، لأنها في حقيقة الأمر كانت حريقاً على الدول الإسلامية والمسلمين، مبيناً أن بعض المسائل التكفير والجهاد والولاء والبراء، لا بد أن تدرس وفق العقيدة الصحيحة في دور العلم كالجامعات ونحوها، عن طريق أساتذة فهموا العقيدة السلفية الصحيحة، حتى لا يتأثروا بالأفكار والمذاهب المخالفة للعقيدة، وختم الرضيمان حديثه بأن الشباب إن لم يدرسوا هذه القضايا في دور العلم، فإنهم قد يدرسونها بالأودية والشعاب ومنابت الأشجار، فيحصل الانحراف الذي بسببه يحصل الاختلال بأمن الوطن.