الجزيرة - حسنة القرني:
أكَّد مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم المهنا أن إنشاء إعلام بترولي خليجي له دور وأهمية دولية يستوجب تحقيق أربعة شروط، يتمثل الأول في وضوح الهدف من إنشاء هذا الإعلام والثاني تدريب كوادر إعلامية خليجية جيدة، ذات ثقافة ومعرفة في قضايا البترول والطاقة، والشرط الثالث استقلالية وكالات الأنباء ووسائل الإعلام من البيروقراطية الحكومية، ومن أي ارتباط مباشر بالتطورات والاختلافات السياسية داخل المنطقة، وأخيرًا تعاون المسؤولين الحكوميين والشركات البترولية مع وسائل الإعلام الخليجية.
وعاد المهنا بذاكرة الحضور إلى فعاليات اليوم الثاني في ملتقى الإعلام البترولي الخليجي الثاني إلى القرن العشرين، حيث توسع استخدام البترول سنة بعد أخرى والاهتمام الإعلامي به، مشيرًا إلى أن هذا الاهتمام يكبر مع الأزمات مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأزمات في مناطق الإنتاج التي من أهمها الثورة الإيرانية عام 1953 وتأميم البترول من قبل حكومة محمد مصدق، وتأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1967 وتوقف خط التابلاين للبترول من الخليج إلى لبنان وإقفال قناة السويس إلا أن أكبر تطور سياسي بترولي إعلامي منذ الحرب العالمية الثانية حدث في عام 1973، مع الحرب العربية الإسرائيلية وقيام بعض الدول العربية المنتجة للبترول بمقاطعة الدول المساندة لإسرائيل بشكل مباشر وارتفاع أسعار البترول من ثلاثة دولارات إلى أربعة عشر دولارًا مما رفع أهمية البترول من قبل المواطنين في الدول الغربية المستهلكة، وفي الدول المنتجة.
واعتبر المهنا أن نشرة بتروليوم انتلجنس ويكلي ونشرة ميدل إيست اكونميك سيرفي هي الأهم فيما يتعلق بالجانب الإعلامي البترولي بدأت تظهر الصحافة البترولية المتخصصة ذات الطابع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.
وأشار المهنا خلال ورقة «البترول والإعلام والخليج نظرة عامة» إلى التحول الكبير في الإعلام البترولي، وأوضح أن وكالات الأنباء العالمية قامت بإنشاء أقسام خاصة بالبترول والطاقة، ووجود صحفيين ومراسلين متفرغين لهذا الجانب، وأصبح الهدف الرئيس لدى البعض هو سرعة الخبر وليس بالضرورة دقته كما زاد الاهتمام من قبل العاملين في السوق بالشائعات ونظريات المؤامرة ومدعي معرفة خبايا سياسة هذه البلد البترولية أو تلك.
وأضاف: أود الحديث بشكل مختصر عن وسائل الإعلام المهتمة بالشأن البترولي، في البداية وكالات الأنباء العالمية وتعتبر الوكالات الأكثر أهمية في الشأن البترولي حاليًا، من حيث التأثير على السوق ومن حيث الانتشار عالميًا، ثم يأتي الإعلام البترولي المتخصص، وبعد ذلك القنوات التلفزيونية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، ويأتي بعدها الصحف والمجلات الاقتصادية وهي جميعًا تهتم بقضايا البترول والطاقة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، وأخيرًا الشركات الاستشارية البترولية، التي تجمع بين التحليل والدراسة، والاستشارة ونقل الخبر، وحتى الإشاعة. مبينًا أن الإعلام فيما يخص الشأن البترولي، كما هو في أغلب الشؤون الأخرى، يركز على الإثارة، وجلب انتباه القارئ والمستمع والعاملين في السوق البترولية، وبالذات المستقبلية، ويبحثون عن الحقيقة والتوقعات، كما أنهم يبحثون عن الإشاعات والأفكار والإثارة التي قد ترفع السعر أو تخفضه، ولعل الأسوأ من ذلك، أن بعض المسؤولين، والخبراء، والصحفيين، والمحللين، والكتاب، يستخدمون الإثارة، والمبالغة، والحديث عن نظريات المؤامرة، لجلب الاهتمام، ومن أجل أن تتناقل وسائل الإعلام أقوالهم.
وزاد: مما زاد الأمر تعقيدًا دخول وسائل التواصل الاجتماعي في الصورة، وأغلب وسائلها مبنية إما على الآراء الشخصية، أو الشائعات، والأمنيات، أو أنها نقل مبكر لخبر لم ينشر، ولم يتم التحقق منه بطرق رسمية من حيث نوعيته وأسبابه وتطوراته، وكما هو معروف، فإن دول المجلس لديها 40 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي، و20 في المائة من الإنتاج العالمي، وتتحكم في حوالي 35 في المائة من إجمالي التجارة العالمية في البترول.
وأضاف المهنا إلى ذلك أن للمنطقة أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، لا يوجد مجال للحديث عنها هنا، كما أن أهميتها الإعلامية العالمية، تعد كبيرة، فلا توجد وكالة للأنباء، أو قناة تلفزيونية، أو نشرة بترولية عالمية، إلا ولديها مكاتب في هذه المنطقة.
وبالرغم من هذا كله، فإن الإعلام في المنطقة يعد متلقيًا للخبر، وليست صانعًا له، ولا يوجد أي نشاط إعلامي محلي له صفة دولية، وبأي لغة كانت، كما لا يوجد مراكز أبحاث ومعلومات بترولية لها قيمتها الدولية، ولا بد من الإشارة إلى أن المنطقة أصبحت ذات أهمية من حيث المؤتمرات والندوات البترولية، إلا أنها مازالت حاضنة لها، وليست صانعة لها، ولا شك أن هذا بداية جيدة. وكانت الجلسة الثانية قد شملت حلقة نقاشية شارك فيها كل من أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد السهلاوي ومحرر أول في مجلة middle east economic survey المملكة المتحدة السيدة كيت دوريان ومديرة شؤون الشرق الأوسط في أرغوس ميديا المملكة المتحدة السيدة سميرة قعوار.
ودار خلال الجلسة التي رأسها رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية محمد التونسي عددًا من النقاشات. وأوضحت الجلسة أن عدم التواصل المستمر من قبل المسؤولين هو السبب الرئيس في المعلومات المغلوطة التي يتم بثها من قبل وسائل الإعلام.
وأكَّدت على وجود شح كبير في المعلومة من الدول المنتجة للنفط مما يسبب شائعات عدة، وتنبوءات قد تكون غير دقيقة من وسائل الإعلام والمختصين بمجال النفط.
من جانبها، قالت كيت دوريان أن تأثير الأوضاع الجيوسايسية أصبح أقل على أسعار النفط من السابق. مؤكدة على أن منظمة أوبك ما زالت مؤثرة بشكل كبير في سوق النفط العالمي، إلا أن تأثيرها قد تراجع نتيجة لوجود دول أخرى خارج المنظمة تنتج كميات كبيرة من النفط منها الولايات المتحدة وروسيا.
ومن جهته علق الدكتور إبراهيم المهنا، على المعلومات الخاطئة التي تزامنت مع تراجعات أسعار النفط خلال النصف الأخير من العام الماضي، مستشهدًا بغلاف مجلة الإيكونومست الذي تصدر غلافها كاريكاتير يظهر شخصًا بزي عربي وآخر بزي أمريكي في إشارة لحرب بين الدول العربية والولايات المتحدة بشأن الغاز الصخري.