إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
البعض يعتقد على غير الحقيقة أن المملكة دولة نفطية فقط، ولكن في الحقيقة هي دولة نفطية وتعدينية أيضاً؛ إذ يلعب القطاع التعديني دوراً حيوياً في الاقتصاد الوطني؛ إذ يتوافر بالمملكة العديد من الرواسب التعدينية، التي تقع غالبيتها في المنطقة المعروفة بالدرع العربي، الذي يمتد من المنطقة الغربية إلى الحدود الشمالية للمملكة على طول ساحل البحر الأحمر حتى جنوبها، كما يمتد شرقاً حتى السلسلة الجبلية الواقعة غرب مدينة الرياض.
ويتوافر بالمملكة العديد من المواد الخام التعدينية، من أهمها خامات النحاس والحديد والألمنيوم والفوسفات والجبس والأسمنت والذهب، وذلك بخلاف معادن أخرى متعددة، يمكن استغلالها تجارياً، تشمل الكاولين والحجر الجيري والرخام والجرانيت والمغنسيت والسليكا والزنك.
وفي هذا الخصوص تبذل وكالة الوزارة للثروة المعدنية جهوداً حثيثة لجذب وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في تطوير التعدين؛ الأمر الذي أدى إلى ازدياد عدد الرخص التعدينية ونمو الاستثمار التعديني بالمملكة بشكل كبير.
شركة معادن والريادة
يُعتبر إنشاء شركة (معادن) خطوة رئيسية في طريق بناء مسارات استثمارية حقيقية للمعادن في المملكة؛ فهي تتولى الإشراف على استغلال المناجم التعدينية القائمة، والبحث عن استثمارات تعدينية أخرى في مناطق المملكة، وتلعب هذه الشركة دوراً وطنياً مهماً في التركيز على إدخال الكوادر السعودية في مجال إدارة الصناعات التعدينية؛ إذ تضم الشركة حالياً أفضل الكفاءات السعودية التي بدأت تتعلم كيفية إدارة الاستثمارات التعدينية. وتُعتبر شركة معادن النموذج الريادي المقابل لشركة أرامكو في استخراج النفط والغاز.
التعدين والتنمية في العديد من الدول المتقدمة
يمثل التعدين وحده قطباً رئيسياً للنمو الاقتصادي في العديد من الدول النامية والمتقدمة. ففي جنوب إفريقيا تمثل مبيعات قطاع المعادن نحو 35 % من الدخل السنوي و30 % من تدفقات العملات الأجنبية. وفي كندا تقدر قيمة المعادن الخام والمصنعة التي يتم تصديرها سنوياً بما يناهز 80 مليار دولار، وهي تساهم بما يناهز 15 % من إجمالي الصادرات. وتقوم اقتصاديات كثير من الدول الإفريقية حالياً على استخراج الذهب فقط، الذي يمثل في كثير من الدول ما يناهز 70 % من إيراداتها الحكومية.
تطور الأنشطة التعدينية بالمملكة
تشير تصريحات رسمية إلى أن إجمالي عدد الرخص التعدينية سارية المفعول بنهاية عام 2014م بلغ نحو 1800 رخصة، فيما تم استغلال 420 مليون طن. أما إجمالي الإيرادات لحاملي رخص الاستغلال فبلغ نحو 18 مليار ريال، في حين وصل صافي الربح نحو 8 مليارات ريال سعودي في مجال التعدين.
تطورات الصناعات التعدينية بالمملكة والمستقبل الواعد
«مشيئة الله» جعلت من المملكة دولة رائدة في قطاع الصناعات الاستخراجية؛ إذ وصلت القيمة المضافة للصناعات الاستخراجية عام 2012م نحو 349 مليار دولار، مقابل قيمة مضافة للصناعة التحويلية بلغت 72 مليار دولار.
وفي حين تصل مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 9.8 % فإنها تتجاوز نحو 47 % للصناعة الاستخراجية.
هذا، ورغم قلة قيمة الناتج الحقيقي للأنشطة التعدينية بالمملكة مقارنة بمثيلتها للنفط والغاز، إلا أن الأولى تحقق معدلات نمو مستقرة ومتزايدة من عام لآخر؛ فقد وصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للأنشطة التعدينية والتحجيرية بالمملكة عام 2014م إلى نحو 9.3 مليار ريال، إلا أنها منذ عام 2010م حققت نمواً كبيراً، بلغ عام 2010م نحو 11.3 %، وتنمو سنوياً بمعدل بين 3 و4 %، خلافاً للنفط والغاز اللذين يرتبط معدل نموهما بالكثير من العوامل الخارجية المستقلة.
لذلك فإن الصناعات التعدينية رغم أنها في مجموعها تعتبر صناعات للمواد الخام إلا أنها تعتبر أكثر استقراراً من استخراج النفط والغاز، ثم إن المخزون الاستراتيجي للمملكة من هذه المعادن يفوق مثيله للنفط والغاز، اللذين دائماً يرتبط الحديث عنهما بفترات نضوب معينة.
أما الجانب الأكثر أهمية فهو أنه يسهل تصنيع المعادن المستخرجة؛ وبالتالي من غير المتوقع تصدير كميات تجارية كبيرة من الخامات الاستخراجية دونما تصنيعها؛ لذلك فهو يتيح قدرة أعلى على إقامة مؤسسات صناعية تحويلية كبرى؛ وبالتالي يوفر للسوق المحلي فرص عمالة للكوادر الوطنية تعتبر لائقة ومقبولة.