الجزيرة - سوسن الحميدان:
اتجهت الحكومات والجهات المعنية الخليجية في الفترة الأخيرة إلى دعم مشروعات الأسر المنتجة، وتأسست بناء على هذا التوجه جمعيات سخرت كل إمكاناتها إلى دعم تلك المشروعات.
وظلت تعمل على إقامة الملتقيات والأسابيع والبرامج التي تستطيع تلك الأسر من خلالها عرض منتجاتها المنزلية فيها، وتعريف المستهلك الخليجي على كل ما يهمه ولا يجده في أماكن أخرى، ولعبت تلك الأسر على وتر « الطبخ المنزلي « لمعرفتها بأن الخليجيين يرغبون في الأكل المصنوع منزليا عن الأكل المصنوع في مطاعم مشكوك في نظافتها واحترافيتها، خاصة في الأكلات الشعبية التي تتقنها طباخات الأسر المنتجة.
لكن رغم ذلك فإن مصطلح (الأسر المنتجة) لا يزال يسير على عكاز نظرا لعدم اكتمال منظومة هذا الأمر, ولم يؤطر بشكل يساعد على نموه لتكون الأسر بديلا لكثير من اللأيادي العاملة الأجنبية.
(الجزيرة) رصدت عددا من الآراء حول هذه القضية :
لم تتوقف أنشطة تلك الأسر على الطبخ بل امتدت نشاطاتها إلى منتجات أخرى كالخياطة والرسم وبيع الأواني والإكسسوارات المصنوعة يدوياً والعبايات والعطور الشرقية والحلويات المنزلية وغيرها.
ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا دوراً غير محدود في الترويج لهذه السلع دون الاضطرار إلى المشاركة الخارجية، خاصة إذا كانت بعض المنتجات موجودة في إحدى الدول الخليجية فيمكن لأي مواطن أن يتعرف عليها وعلى صاحبة المنتج من خلال الانستغرام والتويتر والفيس بوك، ثم يتم التواصل معها عبر تلك المنابر والحصول على المنتج بأسرع وقت ممكن.
بين الحلوى والمعمول
أكدت العديد من السيدات اللائي نجحن في تصدير منتجاتهن إلى الأسواق الخليجية، أن النجاح في هذا النوع من النشاط الاقتصادي الأسري يستدعي الاهتمام بتطوير المنتجات لتكون ملبية لحاجة المستهلك في تلك الأسواق، حيث أشرن إلى أن مصدر القبول للمنتجات الأسرية السعودية يرجع في الأساس إلى العديد من المميزات التي تتصف بها إضافة إلى جودتها وتنوعها.
هذا وقد أبدت عدد من الخليجيات المشاركات في فعاليات الدورة الثانية من بطولة دبي العالمية للضيافة التي انطلقت أعمالها في مركز دبي التجاري خلال الشهر الماضي (وهو أحد مراكز تجمع الأسر المنتجة الخليجية) أنهن يفضلن إقامة مشروعاتهن التجارية من البيت ويشاركن بها في المعارض الكبيرة فضلا عن الخروج للعمل.
وقد تحدثت المشاركات للجزيرة عن همومهن ورغباتهن في تطوير أعمالهن والى اللقاءات:
ذكرت نادية سعيد صاحبة مشروع يمى يمى لتعليب الحلويات أنها كانت تعمل في وظيفة تتقاضى منها راتباً عالياً، لكنها فضلت ترك عملها ذا الدخل الممتاز والجلوس في المنزل للتفرغ لمشروعها التجاري الذي تعتقد انه الأهم في حياتها، وقالت حول ذلك إن عمل المرأة من منزلها أفضل من الخروج يومياً لساعات طوال تفقد فيها مراقبة المنزل والانتباه إلى ما يدور داخله، مشيرة إلى أنها أقامت مشروعها من المنزل منذ أربع سنوات والإقبال على منتجاتها يتصاعد سنوياً.
وأكدت شريفة الملا صاحبة مشروع كراميلا لبيع الموالح والحلويات أنها رغم كونها طالبة جامعية ولا يوجد لديها التزام زوجي، إلا أنها تفضل العمل من المنزل خاصة أن مشروعها يحتاج إلى دقة وإشراف مباشر وقالت إن جميع الحلويات والموالح تعدها في المنزل وتحت نظافة عالية ورقابة على كل التفاصيل، ورغم أنها تستعين بمن يساعدها إلا أنها لا تتوقف عن المراقبة والمشاركة في إعداد الوجبات بنفسها.
وأضافت أن الإقبال يزداد في مواسم الأفراح واستقبال المواليد وفي الاجتماعات النسائية إلى درجة أن الضغط الذي نواجهه من الطلبات يجعلنا لا نقبل فيه أيً طلبات، حيث يتعذر علينا قبولها لكثرة الالتزامات التي لدينا، مشيرة إلى أنها تنوي تكملة مشروعها بعد التخرج، لكن قد يكون خارج المنزل عبر فتح محل متخصص إذا أحست أن ذلك يخدم منتجها.
أما فاطمة صلاح خريجة الإعلام التي تعمل من منزلها في عمل الحلويات من خلال الاسم التجاري «ديمون ديزيرت» تقول عن تجربتها أنها تحب عمل الحلويات منذ وقت طويل وبتشجيع من زوجها وصديقاتها وأسرتها لتميز حلوياتها بدأت العمل من المنزل منذ 5 سنوات، وهي لا تطمح للربح بقدر ما تطمح لمشاركة إنتاجها مع الآخرين.
وتقول إن عمل المرأة من منزلها مريح جدا حتى أن الزوج قد يساهم في تمويل تلك المشروعات عوضاً عن الدعم المعنوي والراحة النفسية التي يدعم به زوجته.
وأضافت أن المشاركة في المعارض يساهم في نشر تلك المنتج وتعريف الجمهور عليه ولذلك حرصت على المساهمة فيه. مشيرة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في نشر منتجات الأسر المنتجة خليجياً.
أما حمده العارف التي تعمل في إحدى الوزارات وتساعد بشكل خاص والدتها في المنزل في عمل الحلويات والتي تحمل الاسم «دولتشي أو سويتو» فقالت إن الانستغرام والمعارض ساعدت في انتشار الحلويات التي تقوم بصنعها مع والداتها وبشكل كبير وقد تقلص فترة الانتشار والتسويق للمنتج.
وذكرت هند الغيثي التي شاركت ضمن القسم السعودي أنها تشارك في المعارض الخارجية والداخلية وأنها تتلقى عروض من جميع دول الخليج خاصة أن الخليجيات معروفات بحبهن للعطور والخلطات الخاصة التي تمتاز بها وتجد لها إقبالا كبيرا.
وأضافت أن السوشل ميديا ساهمت بنشر منتجها بشكل كبير دون المشاركة حتى بالمعارض، وهذا سهل عليها تسويق المنتج في عدد من الدول الخليجية دون عناء السفر.
وقالت السعودية فاطمة عبد الله من ركن «الأنامل المخملية» التي تقوم بصنع التلبيسات والأغطية الخاصة بأباريق الشاي إن نشاطها يلقى رواجا بين صفوف النساء وأن المشاركات الخارجية روجت لمنتجها.
واتفقت مع سابقاتها على أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في نشر منتجات الأسر المنتجة والترويج لها.
وكان الدكتور سفر البقمي مدير عام الشؤون المهنية بوزارة الشؤون البلدية السعودية قد أكد سابقا أن الأسر المنتجة كيان اقتصادي حيوي وهام، وقد تكون الحاجة له ملحة بالنسبة لفئات معينة، وإن كان العمل من خلاله متاحًا للجميع دون فئة عن أخرى باعتبار أن العمل الاقتصادي مفتوح ومتاح للجميع، ويرجع تاريخ عمل الأسر المنتجة لزمن قديم وإن كانت بعض الأعمال والأنشطة تعبر عن ذلك فعليًا، حتى يخيل للرائي أنها جزء من التراث القديم حيث من ضمن أعمالها المشغولات التراثية أو الأغذية الشعبية، وإن كان المعنى الحقيقي لها يفوق هذا المعنى الدارج، حيث إنه لا تحديد معينًا للأعمال التي تقوم من خلالها.
وأضاف أن هناك توجيهات من سمو وزير الشؤون البلدية والقروية وأيضاً من وكيل الوزارة بدعم هذه الأسر قدر المستطاع، ومعاملتها كأي قطاع بحاجة لتنظيم وتشجيع وتهيئة الفرص المتاحة من خلاله، حيث تضم شريحة من مجتمعنا هي بحاجة لدعمهم بعمل شريف ويقدمون خبرة ومنتجات جيدة أو أصيلة للمواطن وللمجتمع، فكان الصوت والرغبة من جميع الجهات وليس فقط من داخل إدارات الشؤون البلدية والقروية بدعمهم.
وأوضح البقمي رؤية الوزارة لهذه المعادلة ضمن الأطر المؤسسية التي تحكمها، فيقول هناك استراتيجية أقرها مجلس الوزراء لرعاية الأسر المنتجة، ويتولى الإشراف على تنفيذها سمو الأمير سلطان بن سلمان الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والآثار بالتنسيق مع الوزارة، لكن الاستراتيجية لا تزال بحاجة للعديد من الضوابط والإجراءات التي يجب أن تتولاها الأمانات والبلديات في المحافظات والمدن، إلا أن هذا الدور لا يزال يقف عند إعطاء التراخيص اللازمة والدعم المعنوي والمادي وتنسيق مشاركاتهم في المهرجانات والبازارات والعروض الجماعية.. بينما ينتظر استكمال العديد من الجوانب الأخرى لتكون المنظومة متكاملة ومنسجمة مع الاستراتيجية.
واستطرد البقمي، أن الأسر المنتجة تعني الأسرة (بشكل عام) وليس المرأة وحدها، فقد يكون صاحب العمل الأساسي رجلًا وليس بالضرورة سيدة كما قد يتبادر إلى الذهن، حيث إن مسمى (الأسر) يحمل في الأصل معنى اجتماعيًا وليس عمليًا والأسرة تضم جميع الشرائح المكونة لها من النساء وكبار السن والأطفال وشرائح الأميين وغيرهم ممن لم يتمكنوا من اجتياز شروط الالتحاق بمنشآت عامة - وبالتالي فإنَّ منظومة الأسر المنتجة ضرورة تستدعي الدعم والمؤازرة.
وسألنا البقمي عن النسبة الكبرى من الأسر المنتجة هي من نساء يحترفن الطبخ الشعبي بقصد البيع، فقال: رغم إيماننا بهذا العمل ورغم شعور الغبطة ونحن نرى هؤلاء النسوة يعملن ويحققن وجودًا وحضورًا وتنافسًا مشرفًا في المهرجانات أو البازارات أو الأسواق، إلا أن الوزارة تنظر لهذا الأمر بعين حذرة، لأن الغذاء له قواعد وأصول واحترازات واشتراطات صحية مطلوبة والرقابة عليه تدخل في اختصاصات جهات عديدة، ويحتاج معرفة منشأ المواد المستخدمة في الطبخ مما يحتاج معه لرقابة دائمة وتزداد تعقيدًا عندما يكون العمل في المنازل، حيث يصعب رقابتهم ولا بد لها من رقابة نسائية.
دراسات ذات صلة
وأظهرت دراسة أجرتها جمعية الملك عبد العزيز النسائية في الجوف، أن حوالي 51 في المئة من الأسر المنتجة في المملكة تعتمد كلياً على دخلها من منتجاتها الحرفية واليدوية المحلية، فيما أشارت الإحصاءات إلى أن 83 في المئة من تلك الأسر تسوق منتجاتها من المنزل، بينما 18 في المئة تقوم بتسويق منتجاتها من طريق السوق والمهرجانات المحلية في مناطق المملكة. وبشكل لافت بينت الدراسة أن 27 في المئة من الأسر المنتجة هن طالبات جامعيات يشاركن في إعالة أسرهن بتصنيع منتجات يدوية وتراثية وفنية ومأكولات شعبية.
مجلس الغرف
انطلاقاً من الدور الذي يقوم به مجلس الغرف السعودية ممثلاً في اللجنة الوطنية النسائية وضمن تحركاته لحل مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للمواطنين وتحسين أوضاع المجتمع تجاوباً مع الجهود المبذولة من قبل الدولة، فقد تبنى مشروع العمل من المنزل كواحد من أهم المشروعات التي أفردت لها اللجنة الوطنية النسائية بمجلس الغرف السعودية مساحة واسعة من جهدها واهتمامها حتى أصبحت واقعاً ملموساً، مستفيدة في ذلك من تجارب بعض الدول في هذا المجال مثل تجربة الإمارات العربية المتحدة الذي تجسدت في مشروع (انطلاق) الذي صمم لمساعدة المواطنين على بدء خطواتهم الأولى نحو دخول عالم الأعمال من خلال مشروعات بسيطة تدار من المنزل، يقوم عليه قسم تنمية المشروعات الصَّغيرة والمتوسطة» في «دائرة التنمية الاقتصادية في دبي»، وتتمحور فكرتها حول إمكانية الترخيص للمواطنين بممارسة أنشطة تجارية انطلاقاً من منازلهم، برسوم رمزية، ووصل عدد المنتسبين للبرنامج منذ إطلاقه عام 9111 م حتى الآن إلى 881 شخصاً، استطاعوا الحصول على تراخيص بمزاولة العديد من الأعمال التجارية مثل: تأجير السيارات، تجارة الكمبيوتر والبرمجة والعبايات، والاستشارات الإدارية، والتصميم الفني، وتجارة العطور والتمور والبخور والعسل، والوساطة العقارية، وتجارة معدات الرحلات، وتجارة الاتِّصالات (الهواتف الجوّالة)، والخدمات الترفيهية، وتنظيم المعارض، وتجارة الأقمشة، وتصميم المواقع الإلكترونية، وخدمات الأفراح.
وتبنى المجلس تشكيل فريق عمل «العمل من المنزل» الذي عقد أعضاؤه الكثير من اللقاءات نتج عنها تحديد عدد من الأنشطة التي يمكن مزاولتها من المنزل وضوابطها، وذلك على أمل إنجاح هذا المشروع الوطني وتحقيق أهدافه المرجوة لتوفير فرص عمل مجزية لكثير من المواطنين والمواطنات، ومن ثم اتفق فريق عمل (العمل من المنزل) على بعض الآليات للحصول على موافقة الدولة على استخراج تراخيص العمل من المنزل.
مشروعات رائدة
سميت (حرفة) المظلة الرسمية الراعية للأسر المنتجة في منطقة القصيم من قبل, وذكر محمد الحربي المتحدث الرسمي لجمعية حرفة بالقصيم لـ(الجزيرة) أن مشروع حرفة يُعدُّ من المشروعات الرائدة في منطقة القصيم في مجال خدمة الأسر المنتجة، ونظراً إلى ارتفاع تكاليف المعيشة والحاجة إلى وجود مصدر إضافي لدخل الأسرة، يستقطب القطاع غير المنظم الإناث خصوصاً غير المتعلمات أو ذوات المهارات المحدودة، وغالباً ما تعمل النساء لحسابهن الخاص في مشروعات صغيرة في مجالات التنظيف والتجارة وصناعة الملابس والأغذية الجاهزة.
وتعمل (حرفة) على صياغة تعريف موحد للأسر المنتجة في منطقة القصيم ووضع معايير وشروط محدده بالتعاون مع الغرفة التجارية بمنطقة القصيم والهيئة العامة للسياحة والآثار ونخبة من مؤسسات تنظيم المعارض والمؤتمرات والأسواق المؤقتة.
وأضاف الحربي تسعى (حرفة) إلى تأسيس قاعدة بيانات شاملة للأسرة المنتجة وإنشاء ملف خاص بكل أسرة لدراسة احتياجاتهم الاجتماعية وتأمين شهادات صحية للعاملات والعاملين في مجال الإنتاج الغذائي تجدد سنوياً ، وتقديم المساندة للأسر المنتجة من خلال إدارة القروض والإدارة القانونية لتحرير عقود القروض والمتابعات.
كما تحرص (حرفة) على تدريب أبناء وبنات الأسر المنتجة على: مهن يحتاجها سوق العمل وتساند إنتاج الأسرة نفسها مثل النجارة والحدادة وصناعة اطارات اللوحات والخزف وورش عمل لتصنيع ديكورات أركان المعارض أو مهارات الصف والتغليف، وتوفير فرصة للعاطلين عن العمل منهم وتحقيق مبدأ الجودة في المهرجانات والمعارض من خلال طرق خدمات العملاء، وأنظمة التغليف، وسياسات التسعير والمساهمة في الحصول على بيانات دقيقة لاحتساب ناتج الدخل المحلي ونسبة الإناث العاملات في القطاع غير الرسمي والحد من التجاوزات والاستغلال الذي يتم باسم الأسر المنتجة على مستويات فردية ومؤسسية مثل: استقطاب التمويل والدعم للمؤسسات والجمعيات باسمهم مع قصور الخدمات المقدمة لهم، احتساب كل من تكون قادرة على دفع رسوم المشاركة بالمعارض والمهرجانات والأسواق المؤقتة من الأسر المنتجة بعض مشاركات الأسر المنتجة تكون صناعة منزلية تتم بأيدي العمالة المنزلية الوافدة، وليس الإناث ضمن الأسرة وقيام بعض المنتفعين بتأجير أركان باسم الأسر المنتجة لأنّها تكون مخفضة أو مجانية في كثير من الأحيان وإسناد عملية البيع لبائعات.
وقال الحربي إن حرفة بدأت برنامج القروض في سبتمبر 2010 للحرفيات والأسر المنتجة لتحسين مواقع ووسائل الإنتاج، وحجم المحفظة الإقراضية 2750000 ريال ممولة من بنك التسليف والادخار السعودي، وحجم القرض 3000 - 15000 ريال ، ومدة القرض 1 - 24 شهر بدون كفيل فقط كفالة المقترضة الشخصية.
ويبلغ عدد المقترضات هو 110 مقترضة، ومتوسط حجم القروض النشطة هو 415525 ريالا سعوديا.
إجراءات الإقراض (طلب قرض، مقابلة شخصية، زيارة موقع الإنتاج / المشروع، إعداد دراسة الجدوى بالتشارك مع صاحبة المشروع، التنسيب للجنة القروض بالموافقة، الصرف).