تابعنا بفرح كبير وغير مسبوق هذ النشوة السعودية العامة ومن مختلف الأعمار والفئات بيوم الوحدة وإعلان التأسيس عن هذا الكيان العظيم الذي يجمعنا، بوحدة ترابه وأرضه وأمنه وجغرافيته الشاسعة التي تجمعنا.
مظاهر فرح مستحقه، ونثق أن ترك مساحات أكبر للتنافس في التعبير عن العشق الوطني ستلهم أجيال فيما تتصاعد مؤشرات الفرح والتقدير.. طبعاً لاحظ الجميع غياب رموز دينية حزبية عن حتى مجرد التعبير، ومن حضر على استحياء،كان عصياً عليه -كما في خطاب التيارات الحزبية الدينية السياسية- أن يذكر اسم الوطن كاملاً أو مختصراً، المملكة العربية السعودية.
الخطاب الديني الصحوي،كما الخطاب الإخواني والسروري وغيرهما من توجهات الإسلام السياسي لا تعترف بالجغرافيا الوطنية، بل هي الضد لها، لذا يبقى خطابه العام متعذراً عن ذكر اسم الدولة الرسمي، وتلك قصة قديمة وطويلة.
في ذات الوقت -أقصد.. يوم الوطن- كانت صقور الوطن تضرب أعشاش الإرهاب بدا بداعش في العراق وسوريا، وهم إلى اليوم يشاركون بشجاعة كبيرة ومنقطعة النظير، في حلف دولي وأممي يحارب الإرهاب، والعصابات الإجرامية الخارجة عن القانون والدولة، لا شيء مخفي هذه المرة، الصقور السعودية تحلق عالياً وبكل قوة وفخر ودعم شعبي لقصف جحور الإرهاب ومخازن أسلحتها وتمويلها وتموينها.
والمعركة بالتأكيد مستمرة وطويلة ضد التطرف والإرهاب وتنظيماته، أمامنا طريق ومشاهد طويلة في مواجهة قوى الشر ضد الإنسان والإنسانية والمدنية والدولة. سبق ذلك مركز مكافحة الإرهاب العالمي بمبادرة وتمويل سعودي، ليكون مستقلاً وفق مبادئ الأمم المتحدة وقرارتها ولجانها ذات العلاقة وفي مقرها.
في ذات الوقت دفعت السعودية -السبت- في نيويورك للتوقيع على مبادئ أساسية لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان، والتي تؤكد المحافظة على النفس البشرية وعلى أن الدين عاملاً مهماً للتعايش المبني على احترام الآخر، ونبذ النزاعات التي ترتكب باسم الدين، ونبذ استخدام الدين في النزاعات والحروب، ونبذ التطرف والإرهاب بكل أشكاله.
نحن أمام مشهد سعودي استثنائي وتاريخي في حرب التطرف والإرهاب على أكثر من جبهة ومسار، حرب ذكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنها طويلة وستستمر لسنوات أو عقود مهما كلف الأمر.
أمام هذه الحقائق المقدرة والعمل الكبير، أعتقد انه حان الوقت لتكوين مركز رصد سعودي داخلي للأفكار الإرهابية، و لمن يروجون لثقافة الإرهاب والقتل والتحريض أيضاً.
السعودية الحليف الأول اليوم والقوي في مكافحة الإرهاب العالمي.. لكن ماذا عن الرصد داخلياً للداعشي -أو القاعدي- أو التكفيري، أي الخطاب الأرهابي المحلي أو الموجه له من الخارج؟.
اليوم وبفضل التقدم الهائل في محركات البحث والتخزين الإلكتروني -لكل شيء تقريباً- ومنصات التواصل المتعددة والمانحة لحرية التعبير والكاشفة له أيضاً، يبدو أن الوقت حان لإيجاد هذا الرصد الداخلي لكل محتوى يقدم للناس عبر كل هذه الوسائل، فحصة وتصنيفة وكشف توجهاته ونواياه المفضوحة.
لم يعد شيء خافياً اليوم يمكن الرصد لهذه الرموز وأدانتها من لسانها، من كلماتها، من تعابيرها المعلنة.. وتبجحها واستعراضها القاتل.
لم يعد صعباً كشف الخطاب التكفيري المعادي للتعايش والتسامح، الرافض لقيمة الوطن سياسياً وثقافيا، المنتظر للحظة الانقضاض على كل المكتسبات الوطنية الكبرى.
من حربنا القوية مع خلايا القاعدة الشرسة، وصولا إلى ما سمى زيفا بـ»الربيع العربي» وفوضى الإخوان التي دمرت أوطان وأخلت بالسلم والأمن العربي، وحتى في المواجهات الحالية المباشرة مع أرهابي داعش والنصرة وغيرهما، يمكن لمرصد مثل هذا أن يجد الكثير والكثير جداً من الإدانات الصريحة والواضحة لهذا الفكر التكفيري الإرهابي ورموزه والمروجين له داخلياً ومحلياً ومحاصرته.