المرتبة هي حصاد السنين للموظف، فغالباً ما تدل مرتبة الموظف على سنوات خدمته، ولذا فإن الترقية مهمة جداً لديه، وهو في الغالب حين التحاقه بالعمل يسأل عن فرص الترقية في الجهة التي يلتحق بها، ذلك أن لها أثراً مادياً ومعنوياً، فالأثر المعنوي يتمثل في شعوره بالتقدير والنجاح، والأثر المادي يتمثل في زيادة دخله المادي الذي يستمر معه حتى بعد التقاعد، وهذا من دون شك ينعكس إيجاباً على تفانيه وإخلاصه في العمل.
وهنا يثور التساؤل عما إذا كانت الترقية منة وتفضلاً من الجهة الحكومية على موظفيها أو أنها حق مكتسب لهم.
لقد هالني حقاً اعتقاد بعض المسئولين عن إدارات شؤون الموظفين بأن الترقية ليست حقاً مكتسباً، مستندين في ذلك الى أن لائحة الترقيات نصت على (جواز) وليس (وجوب) الترقية. وهو ما سنوضح أنه اعتقاد خاطئ يغلفه درجة من درجات التعالي الممجوج.
وابتداءً وللإيضاح نتعرض لصيغ الترقية في المملكة، فالترقية تعرف بأنها نقل الموظف من المرتبة التي يشغلها الى مرتبة أعلى، وذلك استناداً الى الأقدمية او الاختيار او الاختبار، فالترقية بالأقدمية تتخذ من مدة عمل الموظف أساساً للترقية، ولها مزايا أهمها سهولة تطبيقها لكون معيارها المدة، وهذا مطمئن للموظف، وهي تحقق العدالة فضلاً عن كونها مكافأة للموظف عن سنوات خدمته، إلا أن عيبها أنها تساوي بين المجد وغيره، وهذا فيه ظلم للمُجد كما أنها قد تؤدي الى التراخي في العمل لشعور الموظف أنها مهما عمل لن يترقى إلا بإكمال المدة، فضلاً عن إضعاف فاعلية الرؤساء على مرؤسيهم لكونه لا يصبح لهم رأي في تقرير أمور ترقيتهم لارتباطها بالمدة.
أما الترقية بالاختيار فهي أن تقوم الإدارة بترقية بعض موظفيها على أساس الكفاءة، ولها مزايا منها تشجيع الموظفين على التفاني في العمل أملاً في الترقية وشغل المواقع القيادية بالجديرين، لكن عيبها صعوبة وضع معايير للكفاءة، كما أنها قد تتم لاعتبارات شخصية كالقبلية أو المناطقية. أما النوع الثالث فهو عن طريق المسابقة او الاختبار، وعيبها أنها قد لا تعطي صورة حقيقية عن كفاءة الموظف، فضلاً عن تأثر النتيجة بحالة الموظف الصحية والنفسية وقتها.
والترقية بأي صورة من الصور واجب على الجهة الحكومية متى ما توفرت الوظائف ولم يوجد لدى الموظف موانع للترقية للأسباب التالية:
1 - إن الترقية حق أصيل للموظف على جهته مثل حقه في الراتب والإجازة والبدلات والمكافآت، فما الذي يجعل البعض يقر بكل تلك الحقوق ويتوقف عند الترقيات.
2 - إنه لا يجوز للجهة أن تنقل موظفين من جهة أخرى او تعيين موظفين إذا كان لديها مستحقون للترقية على تلك المراتب، مما يعني أن وجوب ترقيتهم هو الذي أدى لعدم جواز النقل او التعيين.
3 - إن الترقية حافز للموظف على الإبداع والإنجاز، كما إنها حافز لزملائه الأقل منه مرتبة والذين سيستفيدون من ترقيته بشغور مرتبته، وكذا عدد من الوظائف التي تليها فتتم ترقيتهم بطريقة التتابع.
4 - ليس هناك سبب مقنع لتفسير البعض بأنه مادام أن لائحة الترقيات نصت على جواز الترقية وليس وجوبها فإن الترقية ليس حقاً مكتسباً، وهو تفسير ناقص، ذلك أن الجواز لا يعني المنع، كما أن من البديهي أن النظام لم يوجب الترقية لا لتتخذه الجهة ذريعة للمنع ولكن لأن الجهة ربما لا يتوفر لديها حين استحقاق الموظف مراتب شاغرة فقضى بالجواز حتى لا تترتب على الجهة مخالفة لعدم الترقية.