لقد عانى هذا الوطن كثيراً، وعلى مدى سنوات طويلة من دعاة الفتنة، والذين لا هم لهم إلا التحريض، ويتخذ التحريض أشكالاً عدة، فأحياناً يكون ضد شخص، أو أشخاص معينين، وأحياناً كثيرة يكون ضد الدولة، وضد قراراتها التنموية، ويبدو أن هذه الفئة لا تستطيع العيش إلا على التحريض، وإثارة الفتنة، والبلبلة، ولو كانوا يتبعون القول بالفعل لهان الأمر هذا، ولكنهم أناس متناقضون، يتقنون فن المراوغة إلى أقصى حد ممكن، فالذي يحرض ضد المرأة المحتشمة هنا، نجده يتودد إلى مثيلتها المتبرجة، عندما يكون خارج الوطن، والذي يحرم الموسيقى هنا، لا يتورع عن حضور مناسبة، تصدح فيها الموسيقى الصاخبة، فلا بأس، طالما أنه خارج الوطن، وكأن الشريعة الإسلامية فصلت بمقاسات مختلفة، يطبق هذا الجزء منها هنا، وتلك الجزئية هناك، وهو أمر لم يعد أحد يقبله، أو يستسيغه، في ظل الثورة المعلوماتية، والتي فضحت، ولا زالت تفضح تناقضات شيوخ الفتنة.
وقد تجاوز دعاة الفتنة كل الحدود، فهم يحرضون الشباب الصغار على الجهاد، في بؤر التوتر، وفي ذات الوقت يحرصون على إرسال أبنائهم إلى أرقى جامعات العالم، وتنتشر صور لهم، وهم يتوسدون الدمقس، مع أبنائهم، فهذا يحتفل معهم بمناسبة نجاح، وذاك بعيد ميلاد، وآخر في حديقة غناء، يأكل أطايب الطعام، ويلبس، ويركب الأفخم مما تنتجه المصانع الغربية، والغريب أنهم لا يخجلون من هذه التناقضات الفاضحة، ولكن يبدو أننا على موعد مع الفرج، فقد صدر أمر ملكي كريم، يهدف إلى الحفاظ على المنهج الشرعي للدولة، والوقوف بحزم ضد كل من يستهدف الأمن، والإستقرار، والطمأنينة، والسكينة العامة، ومعاقبة كل فعل يمكن أن يلحق الضرر بمكانة المملكة عربياً، وإسلامياً، ودولياً، ويؤثر سلباً على علاقاتها مع حلفائها، وهو الأمر الذي انتظره الناس، ومن الواضح أنه جاء استجابة لرغبتهم، فقد سئم الناس من أؤلئك الذين لا يريدون لهذا الوطن خيرا، ويسعون دوماً لإثارة الفتنة، والبلبلة.
الأمر الملكي الكريم واضح، فهو لم يستهدف تياراً محدداً، بل يهدف إلى مواجهة كل من ينتمي إلى التيارات الدينية، أوالفكرية المتطرفة، خصوصاً تلك التي تم تصنيفها على أنها جماعات إرهابية، والجميل في الأمر أنه تمت صياغته بمهنية عالية، ودقه في اختيار الألفاظ، ما يعني أنه لن يكون هناك حجة لأي كان، بعد انتهاء المهلة المحددة لدعاة الفتنة، والشقاق، وكل من ينهج منهجهم، تصريحاً، أو تلميحاً.