طالعنا في العدد الصادر يوم الأربعاء 22-2-1435هـ ورقمه 15063 بخبر على الصفحة «الخامسة» تضمن توقيع معالي أمين منطقة الرياض المهندس عبدالله المقبل، لـ(49) مشروعا بلديا وخدميا بمبلغ يفوق (429) مليون ريال. ولكم استبشرنا وفرحنا، ونحن نطالع مثل هذه المشاريع المتنوعة التي شملت خدمات النظافة وإعادة السفلتة والإنارة ودرء السيول وغيرها، لأحياء عدة في مدينة الرياض وما حولها.. إلا أن فرحتنا لم تكتمل، فقد فوجئت كغيري من المواطنين بأن ما كنا نترقبه طوال سنين طويلة، ولا نزال.. لم يتحقق مع كل هذه الميزانيات الوفيرة التي تعتمد من حكومة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، كل عام لمشاريع البلديات والأمانات، فلم نقرأ ضمن هذه المشاريع ما سبق وأن أعلن عنه صاحب السمو الملكي وزير الشئون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب، مرات عدة من حرص الوزارة على تطوير وتأمين الخدمات الأساسية لمخططات منح الأراضي التي سلمتها الدولة للمواطنين ليقيموا مساكن عليها. هذه الأراضي مضى على كثير منها حوالي 30 عاما، كتلك التي على طريق الدمام وطريق رماح بشرق مدينة الرياض، وشمالا على طريق القصيم، وغيرها كثير، فطوال هذه الفترة الطويلة بقيت هذه الأراض للشمس والرياح، ولم يجدَ عليها سوى ما أعلنته أمانة الرياض قبل حوالي عام ونصف عن صدور الموافقة على اصدار فسوحات للبناء والتسوير على هذه الأراضي...!!.
والسؤال الذي يفرض نفسه.. ما فائدة إصدار هذه الفسوحات التي لا طائل من ورائها ولا جدوى ؟. إذ كيف يتمكن المواطن من بناء مسكنه على (موقعه) الغير مطور والذي لا يستطيع الوصول إليه إلا بسيارة ذات دفع رباعي لوقوعه إما في تلة عالية، أو في منحدر صعب أو على سفح جبل، هذا عدا أنه لا ماء ولا كهرباء ولا هاتف، بل ولا شارع قائم أو طريق سالك، فما بالك بالمساجد والجوامع والمدارس والحدائق والملاهي والأرصفة و الإنارة، وتصريف مياه الأمطار والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الضرورية للحياة الكريمة التي يستحقها (المواطن).!؟
و ما دام الشيء بالشيء يذكر، فقد حمل نفس العدد من جريدتنا (الجزيرة) المشار إليه رقمه بعاليه، و على الصفحة رقم (17) تعليق من سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب، وزير الشئون البلدية والقروية على الميزانية الجديدة للدولة، تحت عنوان بالبنط العريض، ما نصه: «الميزانية تفتح آفاقا كبرة لتوسيع مظلة الخدمات البلدية في جميع المناطق»، و أشار سموه في ثنايا التصريح إلى أن ميزانية الوزارة شهدت هذا العام زيادة بنسبة 8.3%، إذ وصلت إلى أكثر من 37 مليار و 542 مليون ريال وما ذاك إلا لخدمة ورفاهية أبناء الشعب السعودي.
إن تطوير مهمة تطوير مخططات أراضي منح المواطنين، لا تزال مسئولية (أصيلة) و أساسية من مسئوليات الأمانات والبلديات في جميع أرجاء المملكة، وإن ذلك يأتي من أول مهامها، بل و يفترض أن تتصدر حاليا قائمة اهتماماتها لأنها تحت مظلة الخدمات الحقيقية التي هي في صلب رفاهية المواطن السعودي، هذا عدا أنها ستكون عاملا مهما في القضاء على مشكلة الإسكان الكأداء في المملكة، فأهم متطلبات بناء السكن قد وفرتها الدولة مشكورة للمواطن وهو وجود وتملك (الأرض)، و بالتالي فلم يتبقى إلا أن تفعل الأمانات والبلديات دورها في إعداد هذه الأرض وتجهيزها للمواطن الذي تبددت آماله وضاعت أحلامه في بناء مسكنه الذي يقفل في (التجوري) على صك أرضه منذ سنوات طوال، مع بلوغه من من العمر عتيَا، جراء اهتمام البلديات بأمور أخرى لم يكن من بينها اعتماد مشاريع كبرى للتطوير وفتح الشوارع لمخططات المنح، وكأني بها لا تبحث عن التنمية المستدامة التي هي من أساسات التطور والبناء للإنسان متمثلة في مسكنه و أسرته، لا أن يكتفى بالتنفيذ عبر مراحل ضعيفة وبإمكانات متواضعة كما هو يجري حاليا في بعض المخططات و على استحياء، مما يحتاج معه الأمر إلى عشرة أعوام أخرى على الأقل، فقط لفتح مسارات الشوارع الرئيسية والفرعية، ولننسى بقية الخدمات الأخرى...!؟.
وختاما.. نتمنى أن نقرأ لأمانة منطقة الرياض، ولبقية الأمانات والبلديات في كافة أنحاء المملكة ما هم بصدد تنفيذه خلال هذا العام من مشاريع فعلية وحقيقية لتطوير مخططات منح المواطنين، واطلاع الرأي العام على مقدار النسبة المخصصة لهذه (المخططات المنسية) من ميزانياتها المعتمدة، وكلنا أمل و رجاء أن تستدرك الوزارة هذا العام ما كان قد فاتها ولا نقول ما تجاهلته، طوال السنوات الماضية فتوجه لها مزيدا من الاهتمام والمتابعة، وهو أمر ولا شك سيحسب إنجازه وسيسجل بمداد من نور لسمو الأمير الدكتور وزير البلديات، إن هو سعى لتحقيق الحلم لأن يطور المخططات وينتشلها مما هي عليه، و من ثم يبني كل مواطن مسكنه على أرضه الممنوحة له من الدولة أعزها الله قبل عدة عقود من الزمان، سيما وأن وزارة الشئون البلدية حاليا قد باتت في فرجة من أمرها ما دام أنها قد نفضت يديها من كل ما يخص استقبال واعتماد وتوزيع وتخطيط أراضي المنح التي آلت مسئولياتها بالكامل لوزارة الإسكان، وبالتالي فإن المواطن بات ينتظر مزيدا من العمل الخدمي والتطويري لأرضه الحلم، وما ذاك ببعيد متى توفرت الإرادة الحقة والمخلصة، ووقف كبار المسئولين بالبلديات على هذه المخططات على الطبيعة، وأنشأوا بها مكاتب فرعية لهم للتخطيط ومتابعة التنفيذ، والشواهد في دول حولنا كثيرة ومتاحة.
وختاماً، شكراً لجريدتنا الغراء (الجزيرة) على ملامستها هموم أبناء الوطن. والله الموفق لكل خير.