كشف مسؤول خليجي لـ«الجزيرة» أمس، أن الاتحاد الأوروبي برر رفضه طلب دول مجلس التعاون الخليجي بشأن العدول عن قرار استبعادها من قائمة الدول التي يمكنها التمتع بالمعاملة التفضيلية التي يمنحها نظام الأفضليات التجارية الأوروبي، والذي سيطبق اعتبارا من الغد، إلى تجاوز دخل الفرد في دول المجلس مستوى أصبحت بموجبه تعد دولاً غنية وليست نامية عند تصنيفها حسب الناتج المحلي الإجمالي للفرد، إلى جانب صعوبة البت في القرار لأنه مقر من البرلمان الأوروبي وبالتالي إعادة النظر فيه يتطلب فترة وإجراءات طويلة.
ومن المعلوم أن نظام الأفضليات الأوروبي يهدف إلى مساعدة وتشجيع صادرات الدول النامية للوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي عن طريق تخفيض الرسوم الجمركية على تلك الصادرات أو إلغائها، دون أن تكون تلك الدول ملزمة بالمعاملة بالمثل بتقديم تخفيضات مماثلة على السلع الأوروبية المستوردة. وشهدت الفترة الماضية تحركاً خليجياً في مسعى لإقناع الأوروبيين بالعدول عن قرار إلغاء المعاملة التي يمنحها إياها نظام الأفضليات الأوروبي وأن يستمر منحها تلك المعاملة التفضيلة، وذلك لمواجهة ما قد تتعرض له صادرات دول مجلس التعاون من ضرر في حال تم تفعيل هذا القرار والمقرر مع مطلع شهر يناير المقبل، خاصة وأن السوق الأوروبية تعد الأولى لدول الخليج على مستوى التبادل التجاري مع دول العالم.
وتعليقا على هذا الموضوع، أوضح لـ «الجزيرة» الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد لشؤون المفاوضات والحوار الإستراتيجي في أمانة مجلس التعاون، أن الجانب الأوروبي أكد لدول الخليج أن قرار استبعادها من قائمة الدول التي يمكنها التمتع بالمعاملة التفضيلية التجارية ليس موجهاً لها بشكل خاص وإنما شمل العديد من الدول الأخرى وذلك وفق المعايير والقواعد التي نص عليها نظام الأفضليات التجارية الأوروبي، والتي من بينها على سبيل المثال تجاوز دخل الفرد في دول المجلس مستوى أصبحت تصنف بموجبه كدول غنية وليست نامية. وأشار العويشق إلى أن الجانب الأوروبي برر أيضا صعوبة البت في قرار إلغاء المعاملة التفضيلية وإمكانية استمرار منحها لدول الخليج بأنه مقر من قبل البرلمان الأوروبي وبالتالي فإن إعادة النظر فيه يتطلب فترة وإجراءات طويلة، إلى جانب أن الأوروبيين ألمحوا إلى أنه في حال تم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون فإنها ستنظم هذا الموضوع وستحقق فوائد ومزايا لصادرات دول الخليج تفوق الفوائد التي يمنحها نظام الأفضليات. وهنا يشير مراقبون إلى أن هذا التلميح من قبل الاتحاد الأوروبي قد يهدف إلى حث دول مجلس التعاون على العودة إلى طاولة مفاوضات التجارة الحرة. ومن المعلوم أن الجانب الخليجي علق تلك المفاوضات نهاية عام 2008 نظرا لتمسك الجانب الأوروبي بآراء متشددة فيما يتعلق برسوم الصادرات، وبمطالب تعتقد دول المجلس أنها لا ترتبط بالاتفاقية ولا تمت بأي صلة للتجارة الدولية أو التجارة الحرة.
وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني قد حذر في وقت سابق من أن استبعاد دول المجلس من قائمة الدول التي يمكنها التمتع بالمعاملة التفضيلية التجارية الأوروبي قد يسبب تراجعاً في الصادرات الخليجية، ويسهم في اختلال الميزان التجاري بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، إلى جانب رفع الأسعار على المستهلك الأوروبي. وأشار الزياني في حينه إلى أن دول المجلس تخشى أن تؤثر بعض القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي مؤخراً على تلك العلاقات، ومنها قرار الاتحاد الأوروبي باستبعاد دول مجلس التعاون من نظام الأفضليات المعمم، والذي سيطبق اعتباراً من يناير عام 2014، مؤكداً أن اتخاذ هذه الخطوة يتعارض مع روح التعاون القائمة بين الجانبين.
وأعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا أنه سيبدأ اعتبارا من مطلع عام 2014 في تطبيق نظام معدل للتجارة التفضيلية يقلص عدد الدول المستفيدة من المزايا الجمركية. وذكر أن التعديلات التي تم إدخالها على ما يسمى بـ (النظام العام للمزايا التفضيلية) التجارية تم الاتفاق عليها بين البرلمان الأوروبي ومجلس وزراء الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2012 وتهدف إلى تركيز المساعدة على الدول النامية الأكثر احتياجا. وتتعلق هذه القواعد بالدول التي تدفع تعريفات جمركية أقل قيمة أو لا تدفع على الإطلاق لدى تصدير منتجاتها إلى الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، كما تحدد أيضا نوعية المنتجات المشمولة بهذه المزايا التفضيلية.
وأوضح الاتحاد في بيان، أن النظام الجديدة سيركز على دول مستفيدة أقل عددا لضمان وجود تأثير أكبر على الدول الأكثر احتياجا، مشيرا إلى أن 90 دولة ستستمر في الاستفادة من نظام المزايا الجمركية للاتحاد الأوروبي مقارنة بالعدد الحالي البالغ 177 دولة.
وأبان أن 67 دولة ستستفيد من ترتيبات أخرى بوصول تفضيلي للسوق الأوروبية، ولكنها لن تكون مشمولة بالنظام العام للمزايا التفضيلية التجارية بعد الآن، منوها إلى أن 20 دولة ستتوقف عن الاستفادة من الوصول التفضيلي للسوق الأوروبية وهي دول ذات دخل مرتفع أو ذات دخل أعلى من المتوسط حيث ستدخل صادراتها إلى الاتحاد الآن بنظام تعريفات جمركي عادي مطبق على دول متقدمة أخرى. وأوضح أن هذه الدول من بينها الكويت، المملكة، البحرين، قطر، الإمارات المتحدة، عمان، ليبيا، وبروناي دار السلام، إضافة إلى منطقة ماكاو.
كما تتضمن قائمة الدول المستبعدة من هذا النظام أيضا كلا من الأرجنتين، البرازيل، كوبا، أوروغواي، فنزويلا، بيلاروسيا، روسيا، كازاخستان، الغابون، ماليزيا، وبالاو.